المبتعثون الصم وضعاف السمع الجدد في جامعة قالوديت بأمريكا

  • 10/30/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بقلم : حمد بن عبدالعزيز الحميد سنحت لي الفرصة يوم الثلاثاء الماضي الموافق ٢١ أكتوبر ٢٠١٤م في لقاء عدد من الطلاب والطالبات الصم وضعاف السمع السعوديين في جامعة قالوديت (Gallaudet University) بواشنطن دي سي، وقدمت محاضرتي لهم حول مسيرتي مع الحياة والدراسة في أمريكا بناء على دعوة من النادي السعودي بالجامعة، وقدمت لهم أيضًا نصائحي حول تحديات الحياة والتعليم في الولايات المتحدة الأمريكية. لفت نظري أثناء زيارتي للجامعة أن الطلاب الصم وضعاف السمع السعوديين زاد عددهم على ٤٣ طالبًا وطالبة، هذا شيء مفرح جدًا لآن خلال دراستي في الجامعة قبل عدة سنوات قليلة لم يكن هناك طلاب سعوديون سوى خمسة طلاب فقط. تعتبر جامعة قالوديت الجامعة الوحيدة في العالم التي تقوم بتدريس جميع التخصصات الأدبية والعلمية للطلاب الصم وضعاف السمع بلغة ثنائية (اللغة الإنجليزية ولغة الإشارة الأمريكية)، وأيضًا إن الجامعة تمنح برامج لدراسة الماجستير والدكتوراه.. من الجدير بالذكر أن هذه الجامعة ليست فقط تقوم بتدريس الطلاب الصم وضعاف السمع، بل أيضًا تدريس بعض الطلاب السامعين بشرط إتقان ثنائية اللغة. تأسست جامعة قالوديت في العام 1864م بموجب قانون صادر من الكونجرس الأمريكي، وقد وقع الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لينكولن ميثاقها؛ حيث إنَّ جميع الشهادات الأكاديمية من الجامعة يتم التوقيع عليها من الرئيس الأمريكي كل سنة شرفًا عظيمًا للجامعة لكونها الجامعة الوحيدة في العالم. يمكن للطلاب الصم وضعاف السمع الاختيار في التخصصات والمواد المعينة للدراسة في جميع الجامعات العريقة داخل واشنطن العاصمة مثل جامعة جورج واشنطن وجامعة جورج تاون وغيرها، وذلك يسمى التخصصات ذاتية التوجيه، وتقدم لهم الجامعات بتوفير مترجم لغة الإشارة. إن برنامج الملك عبدالله (حفظه الله) للابتعاث الخارجي قام بالتوسع في برامج ابتعاث الطلاب الصم وضعاف السمع لمواصلة تعليمهم في الولايات المتحدة الأمريكية، والاستثمار في التعليم الراقي وإنفاق الأموال الضخمة على تعليم الطلاب الصم وضعاف السمع الجادين. لا شك أنه من أفضل أنواع الاستثمار الحقيقي، وسوف تكون نتائجه وثمراته التي ستعود على الفرد والمجتمع عظيمة وكبيرة. قدمت نصيحتي خلال محاضرتي للطلاب السعوديين أن الابتعاث فرصة ذهبية جدًا لتطوير قدرات الطلاب والطالبات الصم وضعاف السمع، ورفع مستواهم العلمي، وزيادة خبراتهم العملية. لا يخفى على الجميع أن أي طالب قرر الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية سيبدأ في رحلة التفكير والتردد من التجربة الجديدة، ومواجهة الصدمة الثقافية والعلمية، والخوف من الفشل بطبيعة الحال، وهذا شعور طبيعي جدًا، ولكن الدراسة والتفوق لا حدود لهما، والطالب الأصم أو ضعيف السمع قادر على الخوض في مختلف مناحي الحياة وإثبات نفسه وقدراته العلمية التي يملك الطالب العزيمة والصبر والإرادة، وعدم الخوف والتفكير السلبي، ويحقق حلمه ويأخذ مكانه المميز في المجتمع. ربما يتساءل البعض؛ لماذا الابتعاث إلى أمريكا بالذات ولم يدرس طلاب الصم وضعاف السمع في بعض الجامعات السعودية مثلاً؟ الجواب ببساطة هو أن تميز جامعة قالوديت وسمعتها العالمية الراقية هو الواقع لأنها تتفوق علميًا وأكاديميًا، وتوفر أحدث التجهيزات والوسائط المساعدة للتدريس، كما تتميز الجامعة بكثرة التخصصات المتاحة في المجالات العلمية أو النظرية التي لا تتوفر في الجامعات السعودية، هذه الأشياء تعطي الطالب الحرية التامة في اختيار التخصص الذي يتفق مع ميوله التخصصية ورغبته العلمية. التعليم العالي حق من حقوق الطلاب الصم وضعاف السمع في أن يواصلوا الدراسة للحصول على البكالوريوس والماجستير والدكتوراه أسوة بالطلاب السامعين. إن الابتعاث الخارجي ليس مجرد الدراسة والحصول على الشهادة الأكاديمية، وإنما اكتساب خبرات جديدة وفريدة، واكتشاف ثقافات غريبة، والانفتاح على العالم، إضافة إلى أن الابتعاث الخارجي يعطي الطالب فرصة الاعتماد على نفسه بعيدًا عن الأهل والوطن، وبناء شخصية واثقة، وإثبات نفسه علميًا وفكريًا وثقافيًا. ختامًا، إن تجربة الدراسة في جامعة قالوديت من أهم التجارب التي يجب أن يستفيدوا منها الطلاب والطالبات السعوديون وينقلون تجربتهم المفيدة إلى المملكة بعد تخرجهم، وعلى المبتعثين والمبتعثات أن يذكروا أن عائلتهم في غاية الشوق لهم وتنتظر تخرجهم ويرجعوا لأحضان هذا الوطن، أسأل الله أن يوفقهم في دراستهم، وأن يساهموا في بناء الوطن والمجتمع.

مشاركة :