من النكات والطرائف القديمة التي كانت تروى في المجتمعات العربية أن بقالة لبيـع «الأمخاخ» البشرية جاءها زبون لشراء مخ منها فأخذ البائع يعرض عليه الأمخاخ وسعر كل مخ فقال له، هذا مخ أمريكي بمائة ألف دولار وهذا مخ ياباني بمائة وخمسين ألف دولار وهذا مخ صيني بكذا وهندي بكذا وفرنسي بكذا، وكلها أمخاخ مستعملة لسنوات طويلة فقال له الزبون أريد مخا جديدا غير مستعمل ألا يوجد لديك طلبي؟ فأجابه البائع بلى: هذا مخ عربي جديد غير مستعمل بخمسة آلاف دولار، فتعجب الزبون من كون ذلك المخ الجديد رخيص الثمن مقارنة بأمخاخ مستعملة لسنوات عديدة، بخلاف المعتاد في أثمان الأشياء الجديدة، فقال له البائع: إنه مخ رخيص لأن صاحبه لم يستخدمه قط في حياته وظل جديدا حتى آخر لحظة؟!. وكان المجتمع إذا سمع تلك النكتة ينفجر ضاحكا بعد إدراكه المغزى الساخر منها ولكنه ضحك كالبكاء!، لأن واقع الحال يؤكد أن هذه الأمة قد أهملت عقلها وانقادت نحو عواطفها ورضخت لغرائـزها وشهواتها ولم ينج من هذه الأحوال التعيسة إلا أقل من القليل فأصبحت الأمم الأخرى تستخدم عقلها لتتقدم في سلم الرقي الحضاري والاقتصادي والصناعي والزراعي وبعضها لا يملك من الثروات الطبيعية أو البشرية شيئا مذكورا في الوقت الذي ظل فيه الغثاء يمشي خطوات إلى الوراء ناهيك عن كونه يتقدم، وبات الذين عاشوا في بعض دول العالم العربي وهي تحت الاستعمار، أو سمعوا عن أوضاع تلك الدول قبل نصف قرن يقارنون بحسرة بين ما آلت إليه أحوالها في الوقت الحاضر فتلك الأحوال في نظرهم إلى الوراء مثل «...... الإبل» وهم محقون في ذلك فالاقتصاد في العديد من دول العالم العربي من انهيار إلى انهيار أكبر والفساد العام والخاص كان قطا فأصبح نمرا كاسرا والصناعة والزراعة والتعليم والصحة كلها في تراجـع والفقر تـزداد مساحته وكذلك اليأس!، فإن قيل على سبيل التندر والتفكه إن العقل العربي رخيص الثمن لأنه خام لم يستخدم فهو بصفة عامة كذلك، بل إن الذين يحاولون استخدام عقولهم قد يجدون من يردعهم ويأمرهم بقوله: ناموا ولا تستيقظوا ما فـاز إلا النـوم ! فإن أصروا على الاستيقاظ والحركة كانت لهم الكلبشات بالمرصاد!!.
مشاركة :