أكد محللون سياسيون أن ما عرضته حلقة «قطر 96 - الجزء الأول» ضمن برنامج «ما خفي أعظم»، أمس الأول، على قناة الجزيرة من معلومات ووثائق تتعلق بالمحاولة الانقلابية عام 1996، يعد تأكيداً لمقولة «التاريخ يعيد نفسه»، مشيرين إلى أن الوثائق والمعلومات التي احتوتها الحلقة تدل على نوايا دول الحصار تجاه دولة قطر منذ 20 عاماً حتى الآن. وقال المحللون لـ «العرب»، إن ما قامت به دول الحصار خلال الأزمة الأخيرة ما هو إلا محاولة جديدة للتربص بقطر، سعياً منهم لهدم ونهب خيراتها، لافتين إلى أن قطر تشهد نقلة نوعية جديدة في حرية الإعلام، خاصة أن دولة قطر كشفت المستور عن ملف ظل سرياً لعقدين من الزمن. حواس تقية: قطر لها الحق في عقاب الدول التي شاركت في المحاولة الانقلابية قال حواس تقية الباحث في مركز الجزيرة للدراسات إن المعنى الأساسي لوثائقي الجزيرة عن قطر 96 جاء على لسان سفير الولايات المتحدة الأميركية الأسبق، حين نقل رسالة وزارة الخارجية الأميركية إلى الدول المشاركة في محاولة الانقلاب على سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، مفادها توقفوا عن التدخل في الشؤون الداخلية لقطر. وأضاف: بهذا المعنى كانت دول الحصار الحالية وهي نفسها الدولة التي رعت المحاولة الانقلابية، وهي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، البادئة بالتدخل في الشأن القطري وليست كما تدعي الآن بأن قطر هي التي تريد التدخل في شؤونهم، وأشار إلى أن دول الحصار منذ عام 1996 حتى الآن تسعى لإسقاط الحكم في قطر، وأن ادعاءاتها الحالية ليست إلا حيلة جديدة تستعملها من أجل مواصلة نفس المساعي التي وعد ولي عهد البحرين آنذاك والملك الحالي الشيخ حمد بن عيسى الانقلابين بأن فشلهم هذه المرة ليس إلا نهاية مرحلة ستتلوها مرحلة أخرى لإعادة الكرة حتى تنجح مساعي إسقاط الحكم في قطر. وأكد أن تطابق تاريخي بين عامي 1996 و2017 ليس في التشابه بين دول المحاولة الانقلابية ودول الحصار فقط، بل أيضاً في القيادات التي رعت الأمرين، حيث كان للملك السعودي الحالي سلمان بن عبد العزيز دور هام في الانقلاب وفي الحصار، ولعب محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي حالياً دوراً هاماً في الأزمتين، وكذلك ملك البحرين، مع بعض الاختلاف في مصر التي شاركت كدولة في المحاولة الانقلابية والحصار ولكن الأشخاص اختلفوا، و هذا لا يؤثر كثيراً في مسؤولياتها في الأمرين. واعتبر أن المحاولة الانقلابية قررت التدخل في الشأن القطري في منتصف التسعينات من القرن الماضي دون وجود أي تبرير من التبريرات التي تسوقها حالياً لتبرير عدوانها على قطر، مما يدل على أنها لا تحتاج لتبريرات للوصاية بالقوة على قطر، وأن التبريرات التي تسوقها حالياً لتبرير الحصار ما هي إلا تغليف إعلامي ودبلوماسي لنفس المحاولة الانقلابية التي شاركت فيها في السابق. أما من حيث المدلول السياسي لما ذُكر في التقرير التلفزيوني فقد أكد تقية أن لقطر كامل الحق في أن تعاقب الدول التي شاركت في المحاولة الانقلابية لأنه عمل عدائي، وكانت ستجد التفهم من بقية دول العالم، ويمكنها حالياً أن تستعمل هذا التدخل الذي تسنده الوثائق والشهادات وتأكيدات سفراء الدول الغربية، خاصة سفير الولايات المتحدة آنذاك بالدوحة، لإثبات تدخل دول الحصار حالياً في شؤون قطر الداخلية منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، في بداية حكم الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله ، وبذلك تفند رواية دول الحصار التي تزعم أنها ضحية تدخلات دولة قطر، بل يحق لقطر أن تستعمل الإثباتات التي لديها في مطالبة دول الحصار بالتعويضات المادية والمعنوية للمحاولة الانقلابية، والاعتذار عنها والاعتراف بأنها تدخلت في الشؤون الداخلية بخلاف مبادئ حسن الجوار والقانون الدولي، والتعهد بعدم تكرارها، بخلاف ما يجري حالياً من محاولات دول الحصار تسويق انقلاب جديد على القيادة القطرية، وأضاف تقية أن التشابه بين المحاولة الانقلابية والحصار الجاري حالياً يؤكد أن دوافع العمليتين عميقة ومستمرة، وأن مناهضة هذه الدول لأي قيادة قطرية مستقلة ترفض الوصاية، وأن هذه الدول مستميتة رغم مرور السنين وتغير الأشخاص في مساعيها لمصادرة القرار القطري المستقل، والوصاية على ثروة قطر. حمزة المصطفى: الفيلم يؤكد أن الحصار استمرار لسيناريو الانقلاب أوضح الدكتور حمزة المصطفى الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن الفيلم الاستقصائي «ما خفي أعظم» يعد بمثابة الرصاصة الأخيرة في صراع السرديات الدائر في الأزمة الخليجية، بما يؤكد تفوق الجانب الأخلاقي القطري القائم على «مظلومية» تاريخية لا تنتهي مع دول الحصار، وأضاف أن الفيلم اعتمد على شهادات من مصادر أولية يصعب التشكيك أو الطعن بها، بالإضافة إلى أن هذا الفيلم ربط الماضي بالحاضر وكأن ما يجري اليوم استنساخ لسيناريو قديم مبيت منذ ما يزيد عن 20 عاماً لتقويض السلم الأهلي، والأمن المجتمعي، والاستقرار السياسي في دولة قطر، كما أن شهادات الفيلم فندت، وبشكل لا لبس فيه، جملة مزيفة دأب وزير الخارجية السعودية على تكرارها «صبرنا عليكم 20 سنة»، وأوضحت العكس كيف أن قطر وقيادتها صبرت المرة تلو المرة على ظلم الأخ وجور الجار أمام الصالح الخليجي والعربي العام. بلقاسم القطعة: ما حدث في 96 ما زال حياً في عقول المتربصين بقطر أكد بلقاسم القطعة الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن الإعلام في دولة قطر يدشن مرحلة جديدة عنوانها الشفافية، وحق جيل ما بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في المعرفة، وظهر هذا واضحاً عندما تعاونت المخابرات القطرية مع قناة الجزيرة فيما تم إمداد برنامج «ما خفي أعظم» به من وثائق، وهو الذي يعد برنامجاً سياسياً جريئاً ثرياً بالمعلومات والوثائق التي تؤكد تورط دول الحصار (السعودية ولإمارات والبحرين ومصر) في المحاولة الانقلابية على دولة قطر عام 1996. وأضاف أن السلطات القطرية تستحق التقدير والإشادة على تسهيل عملية التحقيق الصحافي، وإتاحة الفرصة للإعلام، خاصة عندما سمحت بإجراء مقابلات صحفية بشكل مباشر مع شخصيات ساهمت في ذلك الحدث، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها هؤلاء منذ 20 عاماً تقريباً. وأكد أن ما عُرض في برنامج ما خفي أعظم والحديث بالتفاصيل عن طرق وأساليب الإعداد للمحاولة الانقلابية يؤكد مقولة «التاريخ يعيد نفسه»، حيث إن المحاولة الانقلابية ما زالت حية في نفوس وعقول من يريدون أن يتربصوا بقطر، والمثال على ذلك ما سعت إليه دول الحصار خلال الأزمة الأخيرة، وأشار القطعة إلى أن التقرير كشف كذلك أمراً في غاية الأهمية يتعلق بمكانة قطر الدولية وعلاقاتها بالقوى العظمى تحديداً فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. ففي حالة فرنسا، رفضت السلطات الفرنسية أن يكون للمليشيات الفرنسية يد في هذه المحاولة الانقلابية التي قادها جموح شباب دون أخذ مصلحة الشعب القطري في الاعتبار، أما عن رد فعل الخارجية الأميركية فقد راسلت دول الخليج محذرة إياهم من مغبة التدخل في شؤون بعضهم الداخلية، وتعريض منطقة الخليج لعطب يصعب الشفاء منه، ووصف المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 1996 بأنها بمثابة ضربة للجسد الخليجي، وتعد تدخلاً سافراً في خيارات الشعب القطري الذي ارتضى بصاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أطال الله في عمره أميراً للبلاد حينها، وقائداً نهضوياً، وصاحب رؤية قفزت على المنطقة بعقود، كما أكد أن المادة الإعلامية التي ظهرت في التقرير التلفزيوني تؤكد حرية الإعلام التي تعيشها قطر، وتعبر عن عقيدة راسخة ومبدأ ثابت لدى القيادة القطرية.;
مشاركة :