دخلت قافلة مساعدات إنسانية، هي الأولى منذ بدء التصعيد العسكري قبل أكثر من أسبوعين، اليوم (الإثنين)، إلى الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق والتي بات الجيش السوري يسيطر على ثلث مساحتها مع استمرار حملة جوية وبرية عنيفة. وكانت الأمم المتحدة كررت خلال الفترة الماضية نداءاتها لإيصال مساعدات إلى الغوطة الشرقية حيث يعيش 400 ألف شخص في ظل حصار محكم تفرضه قوات النظام السوري منذ العام 2013، وحيث قتل منذ أسبوعين نتيجة القصف العنيف أكثر من 700 مدني. وأورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في سورية على حسابه على موقع «تويتر» أن القافلة «تدخل دوما في الغوطة الشرقية»، والتي تُعد أبرز مدن المنطقة المحاصرة. وتتألف القافلة المشتركة بين الأمم المتحدة و«اللجنة الدولية للصليب الأحمر» و«الهلال الأحمر السوري» من 46 شاحنة محملة بالمواد الغذائية والطبية وتكفي لـ27500 ألف شخص في معقل الفصائل المعارضة الأخير قرب دمشق. إلا أن قوات النظام لم تسمح بإدخال عدد من المواد الطبية الضرورية. وأوضحت الناطقة باسم مكتب تنسيق شؤون الإنسانية ليندا توم انه «جرى إبلاغ الأمم المتحدة وشركائها هذا الصباح بأنه لم يُسمح بتحميل الكثير من المواد الصحية التي كان من المفترض إرسالها إلى دوما، كما لم يُسمح باستبدالها بمواد حيوية أخرى». ودعت الأمم المتحدة إلى ضرورة إضافة تلك المواد إلى قافلة ثانية يُفترض أن تدخل الغوطة الشرقية الخميس. وفي مدينة دوما، حلق الطيران الحربي في الأجواء، وسمع أصوات تفجيرات ناتجة عن قصف بعيد. وهذه القافلة هي الأولى التي تدخل إلى الغوطة الشرقية منذ بدء التصعيد العسكري في 18 شباط (فبراير) الماضي، وهي الأولى إلى هذه المنطقة منذ تبني مجلس الأمن قراراً ينص على وقف شامل لإطلاق النار في سورية لمدة 30 يوماً لإفساح المجال أمام إدخال المساعدات. إلا أن وقف إطلاق النار لم يطبق حتى الآن، واكتفت روسيا بالإعلان عن هدنة يومية في الغوطة الشرقية تسري منذ أسبوع لخمس ساعات فقط. ويُفتح خلالها ممر عند معبر الوافدين، شمال شرقي مدينة دوما لخروج المدنيين. وزاد التصعيد العسكري الأخير من معاناة سكان الغوطة الذين كانوا يعتمدون أصلاً على مساعدات دولية تدخل بشكل متقطع وعلى زراعات محلية أو يأتون بالمواد الغذائية عبر طرق التهريب. وتعاني الكوادر الطبية أيضاً من نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية مع توافد الجرحى يومياً إلى المستشفيات. وتُعد الغوطة الشرقية إحدى بوابات دمشق. وطالما شكلت هدفاً للجيش السوري الذي يفرض عليها حصاراً منذ العام 2013. ووثق «المرصد السوري» مقتل 15 مدنياً في غارات على الغوطة الشرقية بعد منتصف الليل وصباح اليوم. ومع انتشال المزيد من الضحايا من تحت الأنقاض وسقوط آخرين بشكل شبه يومي، ارتفعت حصيلة القتلى منذ بدء حملة القصف إلى أكثر من 700 مدني، بينهم حوالى 170 طفلاً. وإلى جانب الحملة الجوية، بدأ الجيش السوري الذي تلقى تعزيزات عسكرية هجوماً برياً ازدادت وتيرته تدريجاً، وتركز على الجبهة الشرقية. وقال الرئيس السوري بشار الأسد في تصريحات للصحافيين أمس: «يجب أن نستمر في العملية بالتوازي مع فتح المجال أمام المواطنين للخروج»، معتبراً أن «عملية الغوطة هي استمرار لمكافحة الارهاب». وأعتبر الأسد أنه «لا يوجد أي تعارض بين الهدنة وبين الأعمال القتالية، فالتقدم الذي تم تحقيقه أمس وأول من أمس في الغوطة من قبل الجيش العربي السوري تم في ظل هذه الهدنة». وتراجعت وتيرة القصف منذ بدء الهدنة الروسية، لكنه لم يتوقف وخصوصاً خارج أوقات سريانها. كما لم يُسجل خروج أي مدني عبر المعبر، بحسب «المرصد». وأفاد «المرصد السوري» اليوم بأن «قوات النظام استعادت اراض زراعية جديدة وتستمر بالتقدم من الناحية الشرقية»، مشيراً إلى أنها تبعد حالياً كيلومترين فقط من مدينة دوما. وباتت قوات النظام تسيطر، وفق «المرصد»، على ثلث الغوطة الشرقية. وتستمر المعارك اليوم على الجبهة الشرقية. ويعود التقدم السريع، وفق الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش، إلى أن «الجيش السوري يهاجم من الشرق، في منطقة زراعية ذات كثافة سكانية منخفضة». وأشار إلى أن العملية ستكون أصعب «وقد تطول» للسيطرة على مدن مثل دوما وحرستا وزملكا وعربين. وتهدف العملية العسكرية، وفق مراقبين، لتقسيم الغوطة الشرقية إلى جزئين شمالي حيث تقع مدينة دوما وجنوبي حيث مدينة حمورية. وتبلغ المساحة التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في الغوطة حوالى مئة كيلومتر مربع وتشكل حوالى ثلث المساحة الكلية للغوطة. وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية في سورية بانوس مومتزيس أمس: «ما زلنا نرى المزيد من القتال، المزيد من الموت والمزيد من التقارير المقلقة حول الجوع والمستشفيات التي تتعرض للقصف». وأضاف أن «العقاب الجماعي للمدنيين غير مقبول ببساطة». ويعيد ما يحصل في الغوطة الشرقية الى الاذهان معركة مدينة حلب، التي انتهت بإجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين من احياء المدينة الشرقية التي حوصرت لأشهر عدة، بعد هجوم بري وقصف عنيف.
مشاركة :