أعلن أمس، رئيس كتلة «المستقبل» النيابية الرئيس فؤاد السنيورة عزوفه عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان، خلال مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي، معتبراً أن قناعاته «لا تتفق مع المبادئ والمتطلبات السياسية والأُسس التي قام عليها قانون الانتخاب الحالي، والذي بنظري يتعارض مع الدستور في طريقة تشكيل وتقسيم الدوائر الانتخابية، ما يجعله الأقرب إلى ما سمي خطأ «القانون الأرثوذوكسي»، وبسبب طريقة الانتخاب التي تعتمد على الصوت التفضيلي، واللوائح المقفلة التي تحرم المواطن حرية الاختيار، بما يسيء إلى ديموقراطية الانتخابات، ويهدد الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ويقسِّمُ البلاد إلى وحدات طائفية، بما يزيد من حدة الصراع بين المرشحين بداخل اللوائح الواحدة، ويؤدي إلى فوز الأكثر تطرفاً في دوائرها». وقال السنيورة: «إن الرئيس سعد الحريري كان تمنى علي أن أترشح للانتخابات عن صيدا، غير أني قررتُ العزوف عن خوض الانتخابات وفق القانون الجديد». ولفت إلى أن «هذا القرار لا يعني أبداً انفصالاً عن «تيار المستقبل»، وسأستمر ناشطاً في الشؤون الوطنية والقومية، وفي الدفاع عن استعادة الدولة القادرة والعادلة لدورها ولسلطتها الواحدة والوحيدة، واستعادة اعتبارها وهيبتها». واستعاد السنيورة محطات مفصلية في عمله السياسي، «انطلاقاً من العمل العام إلى جانب أخي وصديقي رفيق الحريري منذ منتصف السبعينات من القرن الماضي، مروراً بتولي منصبَ وزير الدولة لشؤون المال وبعدها وزيراً أصيلاً للمال في حكوماته جميعاً، وأعتزّ بكل جهد بذلته في تلك الوزارة على رغم كل العراقيل والإرغامات، والانسدادات التي وُوجهتُ بها ووُوجهتْ بها جميع حكوماتِ الرئيس رفيق الحريري». ثم تحدث عن مرحلة ما بعد «استشهاد الرئيس رفيق الحريري المهول والمزلزل»، وتوليه رئاسة الحكومة و «أَقبلتُ على العمل واضعاً نصب عيني هدفاً أساسياً هو الحفاظُ على لبنان ودولته ومؤسساتها، وحق اللبنانيين في العيش بحرية وكرامة». وعدد إنجازات أبرزها «إقرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وقيام العلاقات الديبلوماسية بين البلدين الشقيقين والجارين لبنان وسورية. وسعيت، من أجل ترسيم الحدود بين البلدين، وهو ما أكّده القرار 1680 وإن كان الترسيم لم يتحقق بعد، ونجحْنا بداية في إنقاذ الجمهورية والحفاظ عليها من السقوط والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة ومنع إسقاط الحكومة بعد مغادرة بعض الزملاء لمجلس الوزراء ومحاصرة السراي وإقفال المجلس النيابي 18 شهراً، وفي إحباط مخططات إسرائيل ومنعناها من الانتصار على لبنان ومقاومته وشعبه في العام 2006، بفضل نجاحنا في تثبيت الوحدة الوطنية في وجه إسرائيل. وتمكنا من نشر الجيش في الجنوب بعد غيابٍ 30 سنة واستصدار القرار 1701 الذي يساهم إسهاماً أساسياً في حماية لبنان إلى جانب الجيش اللبناني من دون الحاجة إلى تدخل أي جهاتٍ أُخرى». وتحدث عن مرحلة «إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي بأموال المساعدات من الدول العربية الشقيقة والصديقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية والكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والعراق ومصر ومن الخزينة اللبنانية. ونجحنا في أن نحقق ولمدة 3 سنوات متتالية 2007- 2009 أعلى نسبة نمو اقتصادي في تاريخ لبنان بلغت أكثر من 8.5 في المئة سنوياً». وأشار إلى مشروع قانون مراجعة وتدقيق جميع حسابات الدولة من قبل واحدة أو أكثر من المؤسسات الدولية للتدقيق ووفقاً للقواعد الدولية للتدقيق، الذي أحالته حكومته على البرلمان ولا يزال المشروع قابعاً في أدراجه إلى الآن». ولفت السنيورة إلى «سنوات قاسية اشتدّ بعدها وتصاعد النهم نحو استتباع إدارة الدولة اللبنانية وتراجع مستويات الولاء للدولة لمصالح الأحزاب والطوائف والميليشيات ما يفاقم مستويات الفساد والإفساد». وقال: «لكني لم أتراجع عن اقتناعاتي ولم أتزحزح عن إخلاصي لوطني وتمسكي بمبدأ وحدة الدولة ومبدأ الدفاع عن سيادتها وسلطانها على مؤسساتها». وتحدث عن فشل في «منع سيطرة وتمدد السلاح غير الشرعي، خصوصاً بعد التدخل العسكري لحزب الله في بيروت عام 2008». وأشار إلى تجربته النيابية عن مدينة صيدا إلى جانب «زميلتي بهية الحريري»، ورئاسته لكتلة المستقبل النيابية ومأسسة الكتلة. ورأى أن قناعاته «لا تتفق مع الخطوات المطلوب القيام بها بعد الانتخابات المقبلة ومنها بعض التحالفات المرحلية، للفوز في الانتخابات المقبلة». ولفت في رده على أسئلة الصحافة إلى «أن قانون الانتخاب فيه مطبات عديدة، لأن عملياً ما سيحصل أن كل نائب في كل لائحة وكأنه يحمل خنجراً يطعن به زميله، ليس فقط خصمه. هذا من ضمن الأمور التي لا أريد عبرها أن ألعب هذه اللعبة». وتمنى السنيورة على «كل شخص يذهب إلى الانتخابات أن يضع مصلحة لبنان أولاً وان نكون بحال تلاؤم مع محيطنا العربي».
مشاركة :