في الجزء الثاني من هذا التقرير الذي يضع داعش تحت المجهر من خلال الإجابة على الأسئلة الأساسية التي تدور حول هذا التنظيم الإرهابي الذي اختطف الإسلام يؤكد نائب رئيس تحرير مجلة «واشنطن ريبورتر» دل سبروسانكسي الذي أعد هذا التقرير في ضوء ندوة جمعت العديد من خبراء السياسة الدولية على أن الاحتلال الأمريكي للعراق وتهميش رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي للسنة واضطهاده لهم يشكلان السبب الرئيس وراء ظهور هذا التنظيم، وأن غالبية المشكلات التي يعاني منها العراق الآن هي نتيجة طبيعية لأفعال الولايات المتحدة. وهو يرى استنادًا إلى آراء أولئك الخبراء أنه من الصعب إلحاق الهزيمة بداعش ما لم توضع نهاية للحرب الأهلية السورية وأن الغارات الجوية وحدها لا تكفي في المواجهة مع داعش التي تبذل كل ما في وسعها لجر الولايات المتحدة إلى التورط عسكريًّا في المنطقة من خلال قتلها للصحفيين الأمريكيين والبريطانيين. في هذا الجزء الثاني (الأخير) من التقرير يجيب سبروسانكسي على المزيد من الأسئلة التي تدور حول داعش. * من أين تحصل داعش على الأموال؟ - طبقًا للعديد من التقارير الإخبارية التي استشهد بها الخبراء، فإن الجزء الأكبر من موارد داعش يأتي من بيعها النفط في السوق السوداء. وهي تنتج في الوقت الراهن حوالى 30 ألف برميل يوميًّا من نفط العراق و50 ألف برميل يوميًّا من نفط سوريا. وبإمكانها مضاعفة هذه الكمية. كما تبيع داعش نفطها بسعر يتراوح بين 25 - 65 دولارًا للبرميل بما يحقق لها دخلاً يوميًّا يصل إلى نحو مليوني دولار. ويقال إن تركيا تشتري بترول داعش لإضعاف نظام الأسد. ورغم نفي أنقرة لمزاعم شرائها نفط داعش، إلا أن العديد من التسريبات أكدت أن داعش تقوم بتهريب نفطها إلى الخارج من جنوب تركيا. وإلى جانب النفط، تحصل داعش على دعم مادي من الخارج، ومن مبالغ الفدية، وجمع الضرائب من المناطق التي تقع تحت سيطرتها، وأيضًا من بيع التحف التي تنهبها من المواقع الأثرية. كما انه من المعروف أن داعش استولت على كمية لا بأس بها من الأسلحة الأمريكية من الجيش العراقي والثوار السوريين. واستفادت أيضًا بشكل كبير من الحدود المفتوحة بين سوريا والعراق لتهريب المقاتلين والأسلحة وغير ذلك من الإمدادات التي تدعم مجهوداتها الحربية. لكن التقارير الحديثة تؤكد أن تركيا بدأت في التشديد على مراقبة حدودها للتضييق على داعش. * لماذا ينضم البعض لداعش؟ - يؤكد إيسبوسيتو عبر دراسة له أن معظم من ينضمون إلى داعش لا يفعلون ذلك بدافع عقدي، بالرغم من محاولة التمسح بعباءة الإسلام، وإنما لدوافع سياسية واجتماعية. كما أن الخطاب الداعشي لا ينطلق من لغة دينية، وإنما يحاول التمسح بما يمكن تسميته مسوح الغضب الأخلاقي. ويرى مايلز أن الدافع المادي يشكل عامل آخر، حيث يتقاضى المنتسبون لهذا التنظيم راتبًا يعد الأكبر من بين سائر التنظيمات الإرهابية الأخرى ن حيث تدفع داعش لكل عضو فيها 400 دولار شهريًّا. * لماذا يعزف العراقيون والسوريون عن قتال داعش؟ - لا يوجد سبب محدد، لكن الجميع يتفقوا على لوم رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي بسبب انحيازه السافر للشيعة. وهو ما جعل السكان السنة في الموصل وتكريت يرحبون بداعش أملاً في أن تخلصهم من ظلم المالكي. كما أن منظمات حقوق الإنسان وثقت العديد من جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش العراقي بما في ذلك القصف العشوائي للسكان في المدن السنية. وكمثال على ذلك المذبحة التي نفذتها ميليشيات شيعية موالية لحكومة المالكي في أغسطس الماضي ضد المصلين في أحد مساجد محافظة ديالا بما أسفر عن مقتل 70 شخصًا. وينطبق ذلك أيضًا على قوات البيشمركة الكردية. ويستطرد سبروسانكسي في تقريره بالقول إن بعض جنرالات صدام حسين السابقين انضموا إلى داعش على أمل العودة إلى السلطة. ويشرح بينس ذلك بقوله أن أولئك القادة العسكريين ليس لديهم أي مانع في التحالف مع أي جهة من أجل العودة إلى السلطة. وقد لاحظ شادي حامد من مركز سابان التابع لمعهد بروكينجز أن داعش تحاول استقطاب السكان في المناطق التي تقع تحت سيطرتها من خلال تقديم مستوى أفضل من الخدمات الأساسية، لكن شالال يرى أن ابتهاج العرب السنة في الموصل وتكريت بدخول داعش مناطقهم لم يلبث أن تحول إلى شعور بالامتعاض من جراء القوانين الصارمة التي تطبقها، بما جعلهم يفضلون الإقامة الجبرية في بيوتهم انتظارًا «لمحررين آخرين يحررونهم هذه المرة من قبضة داعش». * لماذا تشن الولايات المتحدة غارات جوية على داعش؟ - يقول سبروسانكسي في الإجابة عن هذا السؤال إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدث في الثامن من أغسطس عن «الإبادة الجماعية» ضد اليزيديين والتهديد الداعشي لأربيل مدشنًا الضربات الجوية على داعش. ويعلق المحلل السياسي العراقي سامي البنا على ذلك بأن الرئيس أوباما بالغ باستخدامه تعبير «الإبادة الجماعية» وفي وصفه لحالة اليزيديين. فيما حذر بينس من أن الإجراء الأمريكي لحماية الأكراد واليزيديين أدى إلى نشر الاعتقاد بأن واشنطن لا تعبأ بالعراقيين السنة. * كيف يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع داعش؟ - يطرح سبروسانكسي في الإجابة عن هذا السؤال آراء المزيد من الباحثين والخبراء، حيث يرى عادل شامو الباحث في مركز فلسطين التابع لمعهد الدراسات السياسية أن قصف داعش من شأنه أن يستقطب اليها المزيد من المجندين، فيما يرى جرار أن الولايات المتحدة تورطت عسكريًّا في العراق منذ العام 1991، وانه يتعين عليها الآن التوقف عن الاكتفاء بالمشاهدة عن بعد، لاسيما وأن غالبية المشكلات التي يعاني منها العراق الآن هي نتيجة لأفعالها. ومن جهته يحذر مايلز بأن داعش تحاول استفزاز الولايات المتحدة بقتلها الصحفيين الغربيين. ويتفق العديد من الخبراء بأن الولايات المتحدة لو كانت جادة بالفعل في محاربة الإرهاب، فإنه يتعين عليها مراجعة استراتجيتها في الشرق الأوسط، وأن تحمل إسرائيل مسؤولية أفعالها واستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، وهو ما يستبعده إيسبوسيتو. ويحذر بينيس بأنه ليس من الحكمة للولايات المتحدة الاعتماد على مجموعات الثوار السوريين في القتال ضد داعش. من الجانب الآخر يرى مايلز أنه ليس من السهل إلحاق الهزيمة بداعش إلاّ بنهاية الحرب الأهلية السورية، فيما يعتقد الخبير في معهد بروكينجز مايكل أوهانلون وحامد أن هزيمة داعش تتطلب استجابة أكبر من تحالف دولي أكثر فاعلية، كما يتطلب الأمر إرسال قوات أمريكية خاصة للعراق لتدريب القوات العراقية الخاصة، إلى جانب شن هجمات مفاجئة ضد داعش، وهو ما يتطلب إرسال حوالى 10 آلاف جندي أمريكي. ويرى حامد أيضًا أن دعم المعارضة السورية بـ 500 مليون دولار هو أمر جيد بلا شك، لكن كي تكون الولايات المتحدة أكثر جدية في حربها ضد داعش، فإنه يتعين عليها دفع مبالغ أكبر، وأنه لابد من تطوير خطة قوية وفاعلة لإلحاق الهزيمة بداعش. المزيد من الصور :
مشاركة :