تخيم تساؤلات حائرة وقلقة على المشهد السياسي في إيطاليا، بشأن مستقبل البلاد ومصير الاندماج الأوروبي، في أعقاب النتائج شبه النهائية للانتخابات التشريعية (النيابية) التي جرت في إيطاليا الأحد الماضي، وأسفرت عن صعود قوي لليمين المتطرف، واختراقاً تاريخياً للشعبويين، وإن لم ينل أي حزب الغالبية، في مشهد أثار غموضاً داخل الشارع السياسي الإيطالي. ويتبارى حزبان يمثلان اليمين المتطرف والشعبويين لتأكيد أحقيتهما في تشكيل الحكومة، بعدما أظهرت النتائج، اختراق تاريخي لحركة «خمس نجوم» المعادية لهيئات الحكم، والتي باتت الحزب الأول في البلاد، إذ نالت أكثر من 31 في المئة من الأصوات، وحصول تحالف أحزاب «فورتسا إيطاليا» بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلوسكوني، و «الرابطة» بزعامة ماتيو سالفيني (يمين متطرف)، و «فراتيلي ديتاليا» (أشقاء إيطاليا)، على نحو 37 في المئة من الأصوات.. والمعروف أن حزب سالفيني، «مشكك في الاتحاد الأوروبي» ومعادي للهجرة، وقريب من حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف في فرنسا. واعترف «الحزب الديمقراطي» الحاكم «يسار الوسط» بخسارته أمام أحزاب اليمين الشعبوي وحصوله فقط على نسبة 18.7٪ من الأصوات، في حين حصلت باقي القوى المشاركة على أقل من 20٪. ومع ترجيح عدم تحقيق غالبية، سواء للائتلاف اليميني أو لحركة «خمس نجوم»، فسيُضطر القادة السياسيون إلى تبديل حساباتهم وخوض مساومات ومفاوضات، يتوقع أن تكون طويلةً وشاقة. ويبدو السيناريو الوحيد الممكن، في ضوء النتائج، قيام تحالف بين شعبويي «خمس نجوم» وحزب «الرابطة» اليميني المتطرف. ووفق نظام الانتخابات الجديد في إيطاليا، فإن أياً من الأحزاب المتصدرة للانتخابات والمتقاربة في النتائج لم يحصل على أكثرية برلمانية كافية تتيح له تشكيل الحكومة بشكل منفرد، ما سيجعل الأيام المقبلة حافلة بالمعارك السياسية والإعلامية وسط تخوفات من دخول البلاد في حالة من الجمود السياسي في حال لم يتم تشكيل حكومة إيطالية جديدة في المستقبل القريب. ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، هذه الانتخابات بأنها «اختبار لقوة ومدى قدرة الشعبويين في القارة العجوز»، معتبرةً أن «إيطاليا هي دولة مؤسِسة للاتحاد الاوروبي وإحدى الاقتصادات الرئيسة لمنطقة المتوسط، لكنها تسير نحو حكومة أقل انخراطا في مشروع أوروبا الموحدة»، وذلك في إشارة إلى نزعة الرفض الموجودة عند حركة «خمس نجوم» للاتحاد الأوربي وللعملة الأوربية الموحدة «اليورو».
مشاركة :