كتبت في يوليو الماضي عن الجماهير والحاجة إلى التقدير لعودتها إلى المدرجات، فالجميع اليوم مطالب باستقطاب الجماهير بشكل أكبر للمدرجات وإعادة الحياة إليها مجددا، خصوصا مع اتساع دائرة المنافسة بين الفرق في المواسم الأخيرة وتبادل المراكز المحصورة في السنوات الماضية بين فريقين أو ثلاثة في حد أقصى، وذكرت أنه ليست الاتحادات فقط هي الجهة المعنية بهذه النقطة المتعلقة بالمدرجات، ولا الأندية أيضا تتحمل هذه المسؤولية، وكنت قد حملت وسائل الإعلام وعلى رأسها القناة الرياضية الدور الأكبر في استقطاب الجماهير إلى المدرجات؛ كونها مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف. كتبت سطوري السابقة وفي مخيلتي الأيام الجميلة التي عشتها في المدرجات وسط الحشود التي تؤازر الفرق، كتبتها وكان شريط الزمن يعود بي إلى الوراء لتذكر خطوات المسير إلى الملعب الوطني أو استاد مدينة خليفة «مدينة عيسى سابقا» أو صالة الشباب في الجفير، تلك الصالة الوحيدة للألعاب الجماعية آنذاك وكيفية توفير مبلغ التذكرة لدخول الصالة. لكن اليوم تغيّرت قناعتي حول هجران الجماهير للمدرجات، مؤكدا أن عزوف الجماهير يعود سببه الأول إلى الجمهور نفسه، خصوصا في ظل من ينفرهم من الحضور ويفرض عليهم حصارا وحاجزا أخلاقيا يجبرهم على الابتعاد وإخضاع عملية حضورهم لمراحل طويلة ودراسة عميقة، كون زيارة واحدة للمدرج قد تحفر في ذاكرتهم أثرا عميقا بسماعهم كلمات خارجة عن الروح الرياضية، وأحيانا قد تكون خارجة عن نطاق الأدب والأخلاق بشكل عام. نعم أقولها بثقة: جمهورنا اختلف عن السابق بدخول أمور كثيرة تتنافى مع عاداتنا وأخلاقياتنا نحن البحرينيون، كونها أمورا لا تنضوي تحت مظلة الأدب والأخلاق الإسلامية التي تربينا عليها، وقد تصل إلى مرحلة الإساءة لعلاقات الأندية وتشويه تاريخ طويل من العلاقات الحبية، وقد تصل إلى مرحلة شق الصفوف، خصوصا أن الأندية يترأسها رجالات من خيرة رجالات المملكة تحظى بتقدير وتكريم من القيادة الرشيدة، لكن في المقابل يسيء لها جمهور يفتقد الوعي وأبسط أمور اللباقة في الكلام. هجمة مرتدة لن أذكر أسماء ولن أشير إلى المسيئين بأسمائهم مع أنهم أشخاص معروفون؛ كي لا أعطيهم مساحة وحجما أكبر من المفترض أن يستحقونها، لكني أوجه رسالتي إلى رؤساء الأندية ذات الثقل والحجم الجماهيري الكبير بأن تعمل على تصفية وإعادة هيكلة روابط التشجيع فيها، واعتماد أسماء تشرفها لا تسيء لها، فإساءتها لأشقائها من الأندية تنعكس عليها قبل أن تسيء لغيرها، فبعض أنديتنا اليوم مطالبة إداراتها بأن تكون ذات شخصية قوية تستطيع السيطرة على جماهيرها لا أن تكون خاضعة لها، وأن تعمل هذه الجماهير وفق تعليمات إدارات الأندية لا أن تكون الجماهير هي من تسيّر الأندية، فالتشجيع كالرياضة، أخلاق وتربية قبل أن تكون أهازيج وقرع طبول ونفخا في المزمار.
مشاركة :