عواصم (وكالات) كشفت لجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة بشأن الانتهاكات في سوريا، أمس، أن ضربات جوية نفذتها روسيا والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، أودت بحياة عدد كبير من المدنيين العام الماضي، بينما شنت قوات الأسد هجمات كيمياوية بالغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة، مشيرة إلى أن بعض هذه فظائع «يرقى إلى جرائم حرب». من جهتها، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن مصدر مقرب من البيت الأبيض، قوله إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب «طلب خيارات» لمعاقبة نظام الأسد بعد التقارير عن الهجمات بغاز الكلور وأسلحة كيماوية أخرى في مناطق تسيطر عليها المعارضة، مشيرة إلى أن الإدارة «تدرس القيام بعمل عسكري جديد»، الأمر الذي لم تنفه أو تؤكده وزارة الدفاع «البنتاجون». وسارع النظام السوري لنفي استخدام قواته سلاحاً كيماوياً بمنطقة حمورية في الغوطة، معتبراً الأمر «ذريعة لشن ضربات جديدة»، بينما قال الكرملين، إنه «لا يمكن التحقق من مزاعم استخدام أسلحة محظورة» في سوريا، معرباً عن أمله بأن «لا يقع انتهاك للقانون الدولي». واستعرض باولو نينيرو رئيس لجنة التحقيق الدولية التي تقدم تقارير دورية بشأن الانتهاكات في بسوريا منذ 2013، في مؤتمر صحفي بجنيف أمس، تفاصيل الانتهاكات المرتكبة في سوريا في العام الأخير. وفي أحدث تقرير يغطي الأحداث خلال 6 أشهر حتى منتصف يناير الماضي، قال المحققون، إن مقاتلي تنظيم «داعش» وجماعات مسلحة أخرى، ارتكبوا «جرائم حرب»، منها هجمات فتاكة على المدنيين، واستخدامهم «دروعاً بشرية». وذكرت لجنة التحقيق الأممية، أنه خلال تلك الفترة «عانى ضحايا الصراع السوري كثيراً مع تصاعد العنف مجدداً في أنحاء البلاد إلى مستويات مرتفعة جديدة». وقالوا في التقرير «قوات الحكومة تواصل استخدام الأسلحة الكيماوية ضد مقاتلي الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية». ومن بين النتائج الرئيسة الأخرى، أفادت اللجنة بأن هجوماً جوياً شنته طائرة حربية روسية باستخدام أسلحة غير موجهة في نوفمبر الماضي، أصاب سوقاً شعبياً، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 84 شخصاً في الأتارب غربي حلب، وهي ضمن مناطق «خفض التصعيد» التي أعلنتها روسيا وإيران وتركيا. ولم تجد اللجنة دليلاً على أن الهجوم كان «متعمداً»، ولكنها قالت إن «هذا الهجوم ربما يرقى إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة بشن هجمات عشوائية تسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين»، لتكون تلك أول مرة تتهم فيها موسكو صراحة باحتمال ارتكاب جرائم حرب. كما أدت 3 ضربات شنها التحالف الدولي على مدرسة قرب الرقة في مارس 2017، إلى سقوط 150 قتيلاً من السكان، وهو ما يزيد 5 مرات تقريباً عن العدد الذي اعترفت به «البنتاجون» التي قالت في ذلك الوقت، إن عشرات من المتشددين وليس المدنيين قُتلوا. ولم يجد محققو الأمم المتحدة أيضاً دليلاً على وجود مقاتلين من «داعش» في الموقع، وقالوا إن التحالف خرق القانون الدولي بالتقاعس عن أداء واجبه بحماية المدنيين. ودعا المحققون المستقلون كل الأطراف إلى السماح بحرية الوصول إلى المناطق المحاصرة وكل المعتقلين. وأضافوا أنه يجب تطبيق العدالة في أي اتفاق سلام ينهي الحرب التي اقتربت من عامها الثامن. واعتمد التقرير على 500 مقابلة سرية أجريت مع ضحايا وشهود خارج أو داخل سوريا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تسمح الحكومة السورية مطلقا بدخول الفريق إلى البلاد. وقال التقرير «البنية الأساسية المدنية المهمة، دُمرت بسبب الهجمات المتكررة على المنشآت الطبية والمدارس والأسواق». كما أن المساعدات الإنسانية استُخدمت كسلاح حرب مع استخدام الحصار والحرمان من المساعدات الحيوية لإجبار المجتمعات المدنية وأطراف الصراع على حد سواء، على الاستسلام أو الجوع». وأضاف التقرير أن القوات الحكومية السورية استخدمت أسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة في الغوطة الشرقية ومن بينها الكلور 3 مرات في يوليو الماضي، وفي حرستا عند الطرف الغربي من الغوطة في نوفمبر 2017. وقال «استخدام الأسلحة الكيماوية محظور بموجب القانون الإنساني الدولي العرفي بصرف النظر عن وجود هدف عسكري مشروع، بما في ذلك عند استخدامها ضد مقاتلي العدو». وأشار الفريق إلى تعثر جهود مجلس الأمن لإحالة سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية بسبب استخدام روسيا حق النقض (الفيتو) عدة مرات ورحبوا بنظر السلطات القضائية الوطنية عدداً أكبر من القضايا. وقالوا إنه لابد من مساعدة الضحايا على الحصول على العدالة التي يجب أن تكون «عنصراً أساسياً» في أي تسوية سياسية يتم التوصل إليها من خلال التفاوض لإنهاء الحرب. وأضافوا أنه يجب ألا يكون هناك «تسامح أو عفو عن المسؤولين عن إصدار أوامر أو تنفيذ انتهاكات ضخمة لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم دولية مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية».
مشاركة :