لندن - تراقب الأوساط السياسية والإعلامية الغربية زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن ثم واشنطن بكل انتباه للوقوف على مقاربة الأمير الشاب لتطوير أداء المملكة على واجهات عديدة، بينها نقل السعودية من الصورة القديمة التي تشوهت بفعل سيطرة التيار المتشدد على مختلف مجالاتها الحيوية إلى صورة جديدة لسعودية ترفع لواء الإصلاح والانفتاح الجدي على القيم الإنسانية، فضلا عن لعب دور محوري في الحرب على الإرهاب إقليميا ودوليا. ويحتاج الغرب إلى أن يستمع إلى الرجل الذي جازف بالإصلاح الجوهري في بلد محافظ، ولم يتردد في تجريد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الطابع التنفيذي الذي كانت من خلاله ترهب السعوديين، وحوّلها إلى مجرد هيئة استشارية. كما أن الأمير الشاب قطع خطوات صادمة في تحقيق الانفتاح الاجتماعي عبر قرار تاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة اعتبارا من يونيو القادم، وحضور مباريات كرة القدم. وألغت السعودية مؤخرا “بيت الطاعة” في قانون الزواج، الذي يلزم الزوجة بالعودة إلى بيت زوجها، وأدخل الإصلاح مفهوما جديدا على الحياة الزوجية هو الرضا المتبادل. اللورد نظير أحمد: بريطانيا تدعم توجهات السعودية الجديدة منطلقة من الصداقة التاريخية للبلدين ويقول متابعون للشأن الخليجي إن زيارة الأمير محمد بن سلمان ستسمح لأول مرة بأن يتم التعاطي مع السعودية من قبل المسؤولين ووسائل الإعلام في بلد غربي من خارج الإطار القديم، أي الصفقات الدفاعية والتجارية الكبرى التي كانت الرياض توقّعها وسط حملات تشويه وابتزاز غير مسبوقة. وستمثل الزيارة فرصة لولي العهد السعودي كي يفرض مراجعة تلك الصورة القديمة سواء من خلال لقاءاته ذات الصبغة السياسية أو الأمنية، أو من خلال الحوارات والتصريحات الإعلامية. كما أنها تتيح له تقديم رؤية بلاده لخوض الحرب في اليمن وعلاقتها بسعي المملكة إلى تطويق التمدد الإيراني في المنطقة ما يهدد الأمن القومي للسعودية ودول الخليج والملاحة الدولية ككل التي تعبر البحر الأحمر. ومن المقرر أن يعقد ولي العهد السعودي اجتماعات خاصة مع رئيسي جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5) وجهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6)، بالإضافة إلى دعوته لحضور اجتماع مجلس الأمن القومي، وهو امتياز من النادر أن تحظى به الشخصيات الخارجية الزائرة. ويشير المراقبون إلى أن الفرصة مواتية للسعودية كي تقدم صورة متكاملة لرؤيتها للحرب على الإرهاب الذي لا يقف عند الجماعات السنية المتشددة مثل داعش والقاعدة، ولكنه يتوسع ليشمل تنظيمات أخرى سنية وشيعية قد تقود أنشطتها إلى تقويض الأمن في المنطقة وبين هذه المجوعات جماعة الإخوان المسلمين التي هي أحد العوامل الرئيسية للأزمة مع قطر، فضلا عن حزب الله اللبناني الذي كشفت تقارير متعددة عن دور يلعبه في استقطاب وتدريب مجموعات شيعية صغيرة لاستهداف أمن دول الخليج، يضاف إلى ذلك دوره في تأزيم الملف السوري. بروكس نيومارك: الأمير محمد ينقل السعودية إلى مستوى أعلى عبر إتاحة الحريات واعتبر الأكاديمي والعضو السابق في البرلمان البريطاني، بروكس نيومارك، السعودية شريكا مهما لبريطانيا في التجارة والدفاع والسياسة الخارجية. وقال نيومارك في تصريح لـ”العرب” إن “الأمير محمد بن سلمان يرغب في نقل البلاد إلى مستوى أعلى عبر إتاحة الحريات وتحرير البلاد اقتصاديا واجتماعيا”. وشدد على دور السعودية في مواجهة الأذرع الإيرانية في المنطقة، خصوصا الحوثيين في اليمن، مبديا في الوقت نفسه قلقه من تفاقم الأزمة اليمنية التي تسبب ضررا للمدنيين. ودافع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير عن الحرب التي تشنها بلاده في اليمن، عشية زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا. وقال الجبير لراديو 4 التابع للبي بي سي “إنهم ينتقدوننا بسبب الحرب في اليمن التي لم نكن نرغب بها ولكنها فرضت علينا”. ويرى اللورد نظير أحمد عضو مجلس اللوردات البريطاني، أن العلاقة بين السعودية وبلاده لها تاريخ طويل وتسير نحو التقدم بشكل متصاعد. وقال اللورد أحمد لـ”العرب” إن “بريطانيا تدعم توجهات السعودية الجديدة منطلقة من الصداقة التاريخية للبلدين آخذة بعين الاعتبار الإصلاحات التي يتبناها الأمير محمد بن سلمان”. وأبدى اللورد أحمد تضامنه مع التوجه الجديد للسعودية، قائلا “لم أكن سابقا من المغرمين بالسعودية، ولكن التطويرات الجديدة التي يسعى لتحقيقها الأمير الشاب تدعو إلى التفاؤل والتقدير”، مؤكدا أن هذه الزيارة ستتيح تنسيق التعاون بين البلدين لمواجهة التمدد الإيراني. وأضاف أنه من “غير المقبول التدخل الإيراني في شؤون دول المنطقة وتحديدا في اليمن”. للمزيد: الأمير محمد بن سلمان يجدد أقدم صداقة بين لندن والرياض
مشاركة :