جنيف، دمشق - وكالات - تزامناً مع استقدام النظام تعزيزات كبيرة إلى الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة في ريف دمشق، اتهم المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الامم المتحدة زيد رعد الحسين الحكومة السورية بالتخطيط لما يشبه «نهاية العالم»، محذراً من أن النزاع دخل «مرحلة رعب» جديدة.وقبل ساعات من جلسة مغلقة طارئة عقدها مجلس الأمن، مساء أمس، لبحث وقف إطلاق النار في سورية، قال زيد رعد الحسين، خلال عرضه تقريره السنوي في جنيف أمام مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة «هذا الشهر، وصف الأمين العام (للامم المتحدة) الغوطة الشرقية بأنها جحيم على الأرض. في الشهر المقبل أو الذي يليه، سيواجه الناس في مكان آخر نهاية العالم، نهاية عالم متعمدة، مخططاً لها وينفذها أفراد يعملون لحساب الحكومة، بدعم مطلق على ما يبدو من بعض حلفائهم الاجانب».واعتبر الحسين ان «من الملح عكس هذا التوجه الكارثي وإحالة (ملف) سورية على المحكمة الجنائية الدولية»، علماً أن هذه الفرضية تبقى مستبعدة لأنها من اختصاص مجلس الامن الذي لا يزال منقسماً في شأن الازمة السورية، وخصوصاً أن روسيا تواصل حماية حليفها، نظام بشار الأسد. وتابع الحسين إن «النزاع دخل مرحلة رعب جديدة»، مندداً بـ «حمام الدم الهائل في الغوطة الشرقية (...) وتصاعد العنف في محافظة ادلب والذي يضع مليوني شخص في خطر». وقال ايضا «في عفرين، يهدد الهجوم الذي تشنه تركيا أيضاً عددا كبيرا من المدنيين». وشدد على أن «المحاولات الأخيرة لتبرير هجمات عشوائية ووحشية على مئات الآلاف من المدنيين بالحاجة إلى قتال بضع مئات من المقاتلين، مثلما في الغوطة الشرقية، غير قابلة للاستمرار قانونياً وأخلاقياً».وأضاف متحدثاً عن النظام: «وعندما تكون مستعدا لقتل شعبك بهذه السهولة فإن الكذب سهل أيضاً. مزاعم الحكومة السورية أنها تتخذ كل الإجراءات لحماية السكان المدنيين إنما هي سخيفة على نحو واضح».وعلى الأرض، عزز النظام جبهته في الغوطة الشرقية بنشر ما لا يقل عن 700 عنصر من القوات الموالية له.وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن إن «700 عنصر على الأقل من الميليشيات الافغانية والفلسطينية والسورية الموالية لقوات النظام ارسلوا مساء الثلاثاء (اول من امس) إلى جبهات الغوطة الشرقية».وانتشرت القوات الجديدة على جبهات الريحان، الواقعة شمال شرقي الغوطة، وبلدة حرستا، الواقعة الى الغرب، والتي يحاول النظام التقدم منها باتجاه مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة.وأشار المرصد الى ان القوات النظامية وصلت أمس إلى مشارف بلدات عدة، وبخاصة مسرابا وبيت سوى وجسرين وحمورية.وقال عقيد في الجيش السوري في بث للتلفزيون الروسي قرب بلدة مسرابا: «تلقينا تعليمات من القيادة العامة بفك الحصار عن أهلنا ضمن منطقة الغوطة الشرقية. إن شاء الله قريباً جداً جداً يتم فك الحصار... والرجوع إلى حضن الدولة». وأسفرت المعارك، أول من أمس، عن مقتل 25 مقاتلاً على الاقل من ابرز فصيلين معارضين في الغوطة، هما «جيش الاسلام» و«فيلق الرحمن» اضافة الى 18 عنصراً من القوات النظامية.وتستمر الغارات الجوية على الرغم من سريان الهدنة اليومية التي اعلنت عنها روسيا وتبدأ عند الساعة التاسعة صباحاً ولخمس ساعات فقط.وقال عبد الرحمن: «إن الغارات، وبخاصة تلك التي شنها الطيران الروسي، استمرت الاربعاء (أمس) بعد بدء سريان الهدنة، وبخاصة على بلدة جسرين وأطرافها»، لافتاً الى «مقتل الهدنة»، فيما أفاد ناشطون أن طائرات روسية قصفت مدينة حمورية بالصواريخ الارتجاجية. ولم تتوقف الضربات «طوال يوم» أول من امس، ما أودى بحياة 24 مدنياً بينهم اربعة اطفال، حسب مدير المرصد، لترتفع بذلك حصيلة القتلى الى 810 مدنيين، بينهم 179 طفلاً، منذ 18 فبراير الماضي، تاريخ بدء الحملة الجوية التي رافقتها بعد أسبوع عملية برية.في غضون ذلك، أكد الناطق العسكري باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار أن مقاتلي المعارضة سيدافعون عن الغوطة ولا مفاوضات على الخروج منها، وفقاً للعرض الذي قدمته روسيا.وقال: «لا توجد أي مفاوضات حول هذا الموضوع. وفصائل الغوطة ومقاتلوها وأهلها متمسكون بأرضهم وسيدافعون عنها». بات يسيطر على نحو 40 في المئة منها الجيش السوري يقترب من شطْر الغوطة وسقوط 122 من عناصره بينهم... ضباط كبار | دمشق - من جانبلات شكاي | مع سيطرة الجيش السوري على معظم الأراضي الزراعية التي كانت تخضع لسيطرة فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية لدمشق والوصول إلى أطراف المدن الكبيرة، ستأخذ معركة الغوطة منحى جديداً أبرز ملامحها تباطؤ إنجازات الجيش السوري وارتفاع خسائره التي وصلت إلى 122 عسكرياً بينهم ضباط كبار، ولكن قد يترافق ذلك مع انهيارات في صفوف المعارضة تحت ضغط المدنيين والتي بدأت تلوح ملامحها مع رفع أهالي كل من بلدتي سقبا وحمورية العلم السوري والخروج بتظاهرات وانتشار مقاطع فيديو يطالبون فيها بخروج المسلحين.ومنذ بداية المعركة قبل 10 أيام، كانت خطة الجيش السوري واضحة، ونشرت «الراي» معلومات عنها عبر سيناريو يقوم على تقديم خيارين لفصائل الغوطة للخروج منها، إما بما يشبه ما حدث في مدينة داريا، عبر تدمير كبير ومن ثم إفراغ المدينة بالكامل، وإما بما حدث في المعضمية وقدسيا عبر خروج عناصر فصائل المعارضة مع أهاليهم إلى إدلب وإبقاء المدنيين مع العناصر الراغبين في المصالحة وتسوية أوضاعهم، بما جنّب مدنهم الدمار والترحيل.وحسب مصادر مطلعة، فإن القرار متخذ لإفراغ الغوطة من فصائل المعارضة تماماً، إما عبر التفاوض وإما عبر الحرب، وقد عمد الجيش السوري إلى شن هجومه على المناطق الزراعية الواقعة في المنطقة الشرقية من الغوطة ونجح في غضون عشرة أيام من استعادة السيطرة على نحو 40 في المئة من مساحة المنطقة التي كانت خاضعة للفصائل، وتقدر مساحتها بنحو 80 كيلومتراً مربعاً.وأمس، وصلت قوات الجيش القادمة من الشرق إلى مشارف بلدة مسرابا ولم تعد تفصلها عن قواته القادمة من الغرب عبر إدارة المركبات سوى أقل من ثلاثة كيلومترات لفصل جنوب الغوطة عن شمالها، أي لفصل حرستا ودوما عن مدن عربين وزملكا وعين ترما وحمورية وسقبا وجسرين وغيرها.وتوازياً، أعلن «مركز المصالحة» التابع لوزارة الدفاع الروسية في سورية، أن بعض المسلحين في الغوطة الشرقية مستعدون لمغادرتها مع عائلاتهم، في حين يرفض بعضهم الآخر هذا الخيار.وأكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أنه «سيتم القضاء على المسلحين الذين يرفضون مغادرة الغوطة الشرقية ومن يريد الاستسلام يمكنه مغادرة المنطقة»، فيما قال الناطق باسم قاعدة حميميم الروسية في سورية أليكسندر إيفانوف، أن موسكو «لن تسمح للولايات المتحدة بتنفيذ تعهداتها للتنظيمات المتمردة في الغوطة الشرقية بإفشال هجوم القوات الحكومية السورية في المنطقة»، مشيراً إلى «واشنطن تسعى إلى تحقيق مكاسب على حساب أمن واستقرار المنطقة».وفي حين نشر سفير سورية السابق لدى الأردن اللواء بهجت سلميان قائمة ضمت أسماء 122 من قتلى الجيش السوري الذين سقطوا في الغوطة، بينهم العميد رياض محمد أحمد والعميد أحمد جابر الحميدان، قال الناطق الرسمي باسم فصيل «فيلق الرحمن» وائل علوان: إن «ثوار الفيلق وبتنسيق عالٍ مع باقي فصائل الثورة يخوضون معارك كر وفر ومناورات دفاعية على جبهات وأطراف المحمدية وأطراف دوما إضافة لتصدي الثوار لمحاولات اقتحام محور مزارع الأشعري وقد منيت قوات الأسد بخسائر كبيرة على جميع هذه الجبهات».
مشاركة :