أقرت حكومة إقليم كردستان أن حل بعض الملفات الخلافية مع بغداد يستغرق وقتاً ومفاوضات مطولة مع القدرة على تجاوز مسائل ثانوية، لكنها لن تصمد طويلاُ أمام استمرار الخروقات، فيما أعلنت الإدارة الأميركية رفضها التدخل في حل مشكلة الموازنة بين بغداد وأربيل. وتعهدت الحكومة الاتحادية دفع رواتب بعض موظفي وزارات الإقليم ورفع الحظر عن الرحلات الدولية من وإلى مطاراته بحلول منتصف الشهر الجاري، في انتظار حسم الخلاف في شأن الإدارة الأمنية للمطارات، بعد التفاهم حول إخضاع الجمارك والجوازات لإشراف بغداد، في وقت أعلنت مديرية جمارك الإقليم أمس، أن الحكومتين «اتفقتا مبدئياً على آلية لإدارة المنافذ الحدودية للإقليم تحت إشراف ورقابة من بغداد». وأكد رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني أن «هناك بعض الملفات الخلافية مع بغداد يمكن حلها سريعاً، فيما تحتاج ملفات أخرى إلى مزيد من الوقت والتفاوض». وأبلغ سفيرة النرويج الجديدة في العراق والأردن تونا اليزابيس باكفولد خلال اجتماع في أربيل استعداد حكومته لـ «حوار جاد مع بغداد». وأبدت باكفولد دعم بلادها «الحوار القائم بين أربيل وبغداد بناء على الدستور». من جهة أخرى، ذكر يوسف محمد الرئيس السابق لبرلمان الإقليم القيادي في «حركة التغيير» خلال اجتماعه مع باكفولد، أن «بغداد تتعامل كمنتصر في الحرب وتحاول فرض حكم مركزي بعدما تغيرت موازين القوى في البلاد، في حين يتوجب تطبيق نظام لا مركزي كون العراق متعدد القوميات والمذاهب». واعتبر أن «خوض الإقليم استفتاء الانفصال كان خطأً سياسياً كبيراً، لأنه لم يكن مهيأً لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا ديبلوماسياً، والسلطة في الإقليم للأسف لم تتعظ من درس هذا الفشل الكبير». وأبلغ مستشار «مجلس أمن كردستان» مسرور بارزاني السفير النيوزلندي لدى العراق برادلي ساودن في اجتماع أمس، بأن «الإقليم لن يصمت طويلاً إذا ما استمرت الخروقات الدستورية بحقه». وأشار إلى أن «أمامنا خيارات دستورية عدة للدفاع عن حقوقنا». ويجمع مسؤولون في الحكومتين على إمكان التغلب على المعوقات التي تعرقل تطبيق التفاهمات المبرمة بشأن الخلافات المتعلقة بأزمة إدارة المطارات والمنافذ الحدودية في الإقليم ورواتب موظفي الإقليم، باستثناء الملف النفطي، «ما تتطلب وقتاً» واتفاقات سياسية تبرم لاحقاً، في ظل عقبات تتعلق بديون الشركات الأجنبية المتراكمة على الإقليم والعقود النفطية الموقعة من دون موافقة بغداد. وبعد ساعات من إخفاق اجتماع للحكومة مع رئاسة برلمان الإقليم والكتل الكردية في البرلمان الاتحادي للخروج بموقف موحد إزاء خفض حصة الإقليم في الموازنة العامة، قدمت الكتل اقتراحات وخيارات متباينة لحل الأزمة المالية المتفاقمة والتي تعصف بالإقليم قبل أكثر من ثلاث سنوات. وأفاد «حزب الاتحاد الإسلامي» في مؤتمر صحافي بأن «أمام الحكومة أحد الخيارين، إما الاعتماد على وارداتها كلياً لتأمين الرواتب، أو الخضوع للواقع والقبول بحصتنا المحددة في الموازنة الاتحادية». وأضاف: «نحن لا نثق بإحصاءات الحكومتين اللتين تلعبان بقوت شعب كردستان لغايات انتخابية». ودعا إلى «عقد جلسة استثنائية لتعديل المادة الخاصة لأصحاب الدرجات الخاصة ضمن قانون إصلاح الرواتب التقاعدية الذي أقر أخيراً». إلى ذلك، رفضت الخارجية الأميركية على لسان الناطقة باسمها هيذر ناويرت خلال مؤتمر صحافي أمس، التوسط لحل الخلاف بين أربيل وبغداد حول الموازنة، مؤكدة أن «علاقاتنا جيدة مع الحكومتين، كلاهما حليفان مهمان بالنسبة لنا، ونشجعهما على حسم خلافاتهما بالحوار، وما حصل من خلافات بينهما حول الموازنة يعد شأناً داخلياً ولن نتدخل فيه».
مشاركة :