دعا مفتي المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ عموم المسلمين إلى التوبة النصوح إلى الله تعالى من جميع الذنوب والخطايا. وقال موجها كل مسلم، في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الإمام تركي بن عبدالعزيز وسط الرياض أمس، إن كنت ممن أخذوا من الأموال العامة فبادر بالتوبة النصوح وأرجع هذه الأموال، وإن كنت ممن تلوث بالآراء الضالة والدعايات المضللة من الذين أفسدوا في الأرض، ورفعوا شعارات يظنون أنها دولة إسلامية، والله يعلم أعمالهم ما فيه الشر والبلاء والفساد تخلص من اتباعهم ومن مكائدهم الضالة. كما حث على صيام يوم عاشوراء واتباع السنة النبوية في ذلك بأن يصام هذا اليوم ويوم قبله أو يوم بعده، أو بالجمع بين الثلاثة الأيام، مبينا أن صيام هذا اليوم يكفر عن المسلم ذنوب سنة كاملة. وفي مكة المكرمة، أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن وقفة الصدق مع النفس ومع الأمة تقتضي المصارحة في المحاسبة ولو بغليظ من القول؛ فإن الدواء مر، فمع ابتداء عام، وانتهاء آخر، يحسن التأمل ويطلب التدبر ويقرأ كل ما يخطه التاريخ. وقال، في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بالمسجد الحرام: إن التكالب على أمة الإسلام وديارها لا يخفى، مؤامرات تحاك ضد الأمة وشعوبها وقرارها واستقرارها واجتماع كلمتها واستقلالها، فبين عوامل اليأس والإحباط والاستعجال تعمل الأيدي الخفية لإضعاف الأمة وتقطيعها وتمزيقها وتقسيمها، ولقد استخدم هؤلاء الأعداء وسائل شتى لشق الصف وإحداث الفتن وزرع اليأس ونزع الثقة. وبين أن من مشكلات أبناء هذا العصر ما تزخر به وسائل الاتصال وأدوات التواصل من سيل المعلومات الهادر المتدفق لا تمييز فيه بين المحق والمبطل والصادق والكاذب، فسريان المعلومات الصائبة والخاطئة أسرع من النار في الهشيم، ما يوجب أخذ الحيطة والحذر، ناهيكم عن المواقع المنظمة التي تتفنن في تأليب الشعوب ونشر الاضطراب وزرع الفتن. وبين الدكتور ابن حميد أن من مظاهر استهداف العدو لأمة الإسلام وشعوبها بث الشائعات بأنواعها، والتهجم على البلاد ومكتسباتها وقياداتها، ونزع الثقة من رجالاتها من العلماء الراسخين والساسة الصادقين والوطنيين المخلصين، يتصيدون الأخطاء وينشرون العثرات، بالإضافة إلى بعض التعليقات الساخرة التي ظنوا أن المقصود بها مجرد الإضحاك والتسلية، وهي تعمل عملها لزعزعة النفوس واضطراب الرؤى. وكشف أن من أخطر مظاهر الاستهداف ما جر إليه بعض أبناء الأمة في جهل وانخداع ووقعوا في دائرة الغلو في الدين اقتيدوا إلى المهالك بدافع من حماس وجهل جمعوا بين سفه الأحلام وقلة التجربة والخبرة وضعف التفكير والإدراك؛ فأي دين وأي عقل أن يكون وقود هذه الفتن أبناء دم واحد ودين واحد وبلد واحد؟ أغوى الشيطان القاتل ليستحل دم أخيه، فكم من طفل قد يتم؟ وكم من ثكلى قد أيمت؟ وكم من عائلة قد شردت؟. وأكد إمام وخطيب المسجد الحرام أن أقرب طريق للمعرفة والإدراك أخذ العبرة وسلوك مسالك الاعتبار؛ فعلى المؤمن الناصح والمعتبر الصادق أخذ مما يحدث من حوله من أحداث جرت الويلات على ديار المسلمين والنظر في ديارهم التي أصبحت مسرحا لسفك الدماء وتشريد الأسر وضياع الثروات واضطراب الأحوال. ودعا الدكتور ابن حميد أن يحفظ الله هذه البلاد المباركة الطاهرة بلاد الحرمين الشريفين أرض المقدسات وأشرف البقاع على وجه الدنيا بلد التوحيد والوحدة تحكم شرع الله وتقيم حدوده جعلت الشريعة منهاجها، فهي تحتضن مقدسات المسلمين وتتشرف برعايتها وخدمتها وخدمة قاصديها من حجاج وعمار وزوار، فيها مهبط الوحي ومنبر التوحيد. وقال: «إن هذه البلاد المباركة قبل وحدتها وتوحدها كانت تعيش على هامش التاريخ، فلم يكن الوصول إلى الحرمين الشريفين آمنا ولا ميسرا، فتم توحيدها فانتقلت من حالة العزلة والتهميش إلى التأثير والتغيير والحضور على الأصعدة العالمية والإقليمية»، مبينا أن الله ــ سبحانه وتعالى ــ منح هذه البلاد المباركة شرف أمن الحجيج وتأمين مسالكه، فيأتي الحاج والمعتمر محفوفا بالرعاية الكريمة آمنا على نفسه يؤدي نسكه ويعود مودعا بالسلامة. وأبدى الشيخ ابن حميد تعجبه ممن يريد أن يفرق بين الدين وهذه الدولة، ويظن أن ما بينهما إنما هو حلف يمكن أن ينفك أو يمكن الانفكاك منه، فهذه غفلة عن سنن الله في التاريخ والأمم والدول، إنما بين الدين وهذه الدولة هو عصبية نشأة وكل دولة تنفك عن عصبية نشأتها لا تقوم لها قائمة، فالالتزام بالإسلام وتحكيمه والدعوة إليه في هذه الدولة المباركة ليس مجرد وظيفة من وظائفها، بل هو روحها وحياتها وهدفها ومنهجها. ودعا الشيخ ابن حميد الشباب إلى تقدير هذه النعم وحفظها والمحافظة بكل ما أوتوا من قوة وحزم على أمن بلادهم ووحدته والالتفاف حول قيادته، وقال: «الحذر الحذر أن يذهب هذا الأمن الوارف، فكونوا معتبرين قبل أن تكونوا عبرة، وازنوا بين المصالح وقيام الدين وشعائره ورص الصفوف واتحاد الكلمة ووحدة القيادة المسلمة ولزوم الجماعة والرجوع لأهل العلم الراسخين». وبين إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد أن الأخطاء موجودة والكمال ليس مدعى، لكن لا يجوز لأي عاقل فضلا عن مسلم ومواطن مخلص أن يكون النقد والمطالبات على حساب سلامة البلاد وأمن الأوطان واجتماع الكلمة، فالمطلوب هو النصح والتناصح والمعالجة بالحسنى وسلامة الصدور والصدق في المعالجات والعزم على الخير وتحصيله ودفع الشر وتفويته، مشيرا إنه ليس من النصح ولا من الإخلاص تصوير البلاد وكأنه لا خير فيها واقتناص الفرص لإشاعة الفوضى ونشر البلبلة، فليس مخلصا من يهدم ثوابت بلده وقيم مجتمعه باسم النقد وحرية التعبير، وكذلك من يظن أن هناك تعارضا بين الوطنية والإسلام، مشددا على أهمية التمسك بالدين القويم ولزوم الجماعة، فالجميع في سفينة واحدة ينجون جميعا أو يغرقون جميعا. وفي المدينة المنورة، أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي وجوب أداء الحقوق الواجبة على المكلف، بدءا بحق الله ورسوله على العبد، وحقوق الوالدين على الولد، وحقوق الناس عليه، مبينا أن ذلك من تقوى الله تعالى ومن الحرص على أداء فرائضه ولزوم حدوده. وشدد الشيخ الحذيفي، في خطبة الجمعة من المسجد النبوي الشريف أمس، على أن أداء الحقوق واجبة على المكلف، فلا ينفع الله طاعة الخلق، ولا تضره معصيتهم، لقوله عز وجل: «من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها». وأوضح الحذيفي أن أداء الحقوق الواجبة على العبد يعود نفعه في آخر الأمر إلى المكلف بالثواب في الدنيا والآخرة، مبينا أن التقصير في بعض الحقوق الواجبة على المكلف أو تضييعها وتركها بالكلية، يعود ضرره وعقوبته على الإنسان المضيع للحقوق الواجبة في الدين؛ لأنه إن ضيع حقوق رب العالمين لم يضر إلا نفسه في الدنيا والآخرة. وبين عظمة حق الوالدين على أبنائهم وبناتهم؛ مبينا أن الله تعالى عظم حق الوالدين؛ لأنه أوجد الإنسان وخلقه بهما، فالأم وجدت في مراحل الحمل أعظم المشقات، وأشرفت في الوضع على الهلاك، والأب يربي ويسعى لرزق الولد، ويسهر الوالدان لينام الولد، ويتعبان ليستريح، ويضيقان على أنفسهما ليوسعا عليه، ويعلمانه ليكمل ويستقيم، ويحبان أن يكون أحسن منهما، فلا عجب من كثرة الوصية للوالدين، ومن كثرة الوعيد لعقوقهما.
مشاركة :