أعلنت كل من المملكة وبريطانيا تأسيس مجلس الشراكة الاستراتيجية بداونينغ ستريت أمس (الخميس)، وذلك لتعزيز العلاقة بين السعودية وبريطانيا، وعقد اجتماعه الأول بحضور ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي، وأعضاء من مجلسي الوزراء السعودي والبريطاني. وتدل الشراكة الاستراتيجية السعودية على قوة العلاقة المستمرة بين بريطانيا والمملكة، إذ إن المملكة تعتبر وجهة مهمة للشركات البريطانية، فهي تنفذ نحو٢٠٠ مشروع مشترك يقدر رأسمالها بـ 11.5 بليون جنيه إسترليني، ومنها البنك البريطاني اتش اس بي سي، وMarks Spencer وJaguar Land Rover. وتأمل المملكة العربية السعودية بأن تكون الشركات البريطانية قادرة على الاستفادة من التغيّرات العميقة التي تحدث بعد إتمام مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ففي السنوات الخمس الماضية، تجاوزت العلاقات التجارية البريطانية - السعودية 2.3 بليون جنيه إسترليني، فيما يقدر حجم التبادل التجاري في البضائع والخدمات خلال العام ٢٠١٦ بنحو تسعة بلايين جنيه إسترليني، وبعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون هناك فرصٌ ضخمة للاستثمار في المملكة وفقاً لرؤية ٢٠٣٠، كواحد من أكبر ٢٠ اقتصاداً دولياً. وكان ولي العهد ناقش خلال لقائه أبرز الرؤساء التنفيذيين في بريطانيا أمس، فرص الاستثمار والأعمال الضخمة للشركات البريطانية في المملكة، التي تعيش حالياً مرحلة التحول الإيجابي، المواكبة لتطبيق رؤية ٢٠٣٠، وهو ما يحظى بترحيب واهتمام قطاعات الأعمال في بريطانيا. كما التقى الأمير محمد بن سلمان أعضاء مجلس البرلمان البريطاني، وناقش خلال اللقاء الشؤون الخارجية والتعاون الأمني بين البلدين. وأشاد البرلمانيون البريطانيون بدور المملكة الحيوي في المنطقة، والتعاون الأمني بين البلدين، وبدور الاقتصاد السعودي، لافتين إلى أنه سيوفر لبريطانيا فرصاً أكبر للتبادل التجاري. وتطرق اللقاء إلى رغبة المملكة العربية السعودية في التوسع في التعاون بمجالات الصناعة والاستثمار كأكبر شريك لبريطانيا في هذا القطاع بالشرق الأوسط، إضافة إلى حرص الرياض على تعزيز العلاقة بين المملكتين، والتأكيد على أن هذه العلاقات ستخلق فرصاً قوية في نطاق واسع في مجالات التعليم والصحة والتدريب وغيرها. وشدد الحضور على قوة الاقتصاد السعودي وقدرته على تعزيز الاقتصاد في بريطانيا، وخلق فرص وظيفية متنوعة. من جهة ثانية، أقام أمير ويلز الأمير تشارلز مأدبة عشاء في العاصمة البريطانية لندن مساء أول من أمس (الأربعاء) على شرف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، بمناسبة زيارته الحالية إلى بريطانيا. حضر المأدبة من الجانب السعودي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بريطانيا الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، والمستشار بالأمانة العامة لمجلس الوزراء ياسر الرميان. فيما حضر من الجانب البريطاني دوق كامبرج الأمير وليام، وعدد من كبار المسؤولين البريطانيين. الخارجية البريطانية: محمد بن سلمان فتح الباب بين أقدم حليفين بالمنطقة استعرضت وزارة الخارجية البريطانية في تقرير على موقعها على شبكة الانترنت تاريخ العلاقات بين الرياض ولندن، مؤكدة أنها ستشهد فصلا جديدا بعد زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان. وأشارت إلى أن «الدولتين حليفتان منذ أكثر من قرن، منذ وقت يعود إلى الحرب العالمية الأولى، إذ كانت بريطانيا من أوائل الدول التي اعترفت بتأسيس المملكة العربية السعودية وأقامت علاقات ديبلوماسية معها، وعندما فتحت السعودية سفارتها في لندن 1930، كانت تلك ثاني أكبر مؤسساتها الرسمية في الخارج المعنية بالشؤون الخارجية. ومُنح مؤسس الدولة السعودية الحديثة الملك عبدالعزيز وأول ملوكها وسام الفروسية البريطاني في عام 1935». وأضافت: «في السابع من آذار (مارس) الماضي فتحت بريطانيا مع أقدم أصدقائها في الشرق الأوسط صفحة جديدة مع زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان»، موضحة أن «السعودية من بين أكبر القوى السياسية والديبلوماسية والاقتصادية في الشرق الأوسط، وبوجود ولي عهد يبلغ من العمر 32 عاما يمضي في برنامج كبير للإصلاح المحلي، تبشّر هذه الزيارة بانطلاق حقبة جديدة من العلاقات المشتركة بين بلدينا». وحول رؤية الخارجية البريطانية للمملكة العربية السعودية، أوضح التقرير أن «المملكة العربية السعودية تعتبر البلد 13 في العالم من حيث المساحة، والتي تعادل تقريبا مساحة غرب أوروبا، ونظرا لوجود مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة فيها، فإن لدى المملكة قدرة لا تضاهى في العالم العربي والإسلامي على حشد أعداد كبيرة من الناس على أراضيها، وفي كل عام يزور مكة المكرمة 23 الفا من الحجاج البريطانيين لأداء فريضة الحج، خامس دعائم الإسلام، إذ ينضمون إلى مليونيّ مسلم من الأصول العرقية كافة، ومن مختلف ألوان البشرة ومن شتى الثقافات والمكانات الاجتماعية، لزيارة الكعبة في المسجد الحرام لعبادة الله معاً». ولفتت إلى أنه «يزور بريطانيا كل عام ما يربو على 100 الف سعودي، ويسافر أكثر من 100 الف بريطاني إلى السعودية لحضور مناسبات دينية، أو في زيارات تتعلق بالعلاقات التجارية، أو لزيارة عائلاتهم هناك، وفي عام 2016 كانت بريطانيا البلد الأكثر زيارة من مواطني الخليج في أوروبا الغربية، ومن المتوقع زيادة عدد الزائرين السعوديين بنسبة 20 في المئة بحلول عام 2020». بريطانيا: السعودية أكبر شركائنا في المنطقة قالت وزارة الخارجية البريطانية في تقريرها أمس إن «صادرات بريطانيا إلى منطقة الخليج تعتبر حاليا أكبر من الصادرات إلى الصين والهند مجتمعتين، والسعودية هي أكبر شريك تجاري لبريطانيا في الشرق الأوسط». وأضافت: «في الأعوام الخمسة الماضية، ارتفع حجم التجارة المتبادلة بين بلدينا بأكثر من 2.3 بليون دولار، وفي عام 2016 بلغت قيمة التجارة بالسلع والخدمات تسعة بلايين جنيه استرليني تقريبا، وتعتبر السعودية بكل تأكيد ثالث أسرع الأسواق نموا في العالم بالنسبة للصادرات البريطانية، وثالث أسرع الأسواق نموا بالنسبة لما تستورده بريطانيا من سلع». ولفتت إلى أن «قادة المملكة العربية السعودية يتجهون نحو تطوير قطاعات عدة مثل: الرعاية الصحية، والتعليم، والطاقة، والبنية التحتية، والترفيه؛ وجميعها قطاعات تعتبر بريطانيا رائدة عالميا فيها، وبينما تتطلع السعودية إلى تنويع اقتصادها لتبتعد عن اعتمادها التقليدي على النفط، هناك فرص للشركات البريطانية لتساعد في كل من تحقيق أجندة الإصلاح وخلق وحماية الوظائف البريطانية، ومثال على ذلك، فإنه بإمكان بريطانيا تصدير سلع وخدمات الطاقة المتجددة إلى السعودية بقيمة تفوق 300 مليون جنيه بحلول عام 2023، كما أن شركة الترفيه البريطانية فيو إنترناشونال وقعت بالفعل عقد شراكة لفتح 30 دار سينما ملتيبليكس في المملكة، إضافة إلى ذلك، هناك بالفعل 90 مدرسة سعودية تعلم مناهج دولية وتعطي مؤهلات بريطانية، إذ يبلغ عدد المؤهلات البريطانية المقدمة في السعودية كل عام أكثر من 130 ألفا، كما يدرس في بريطانيا 15 الف طالب سعودي مع بعضهم في الوقت نفسه السعودية ثالث أسرع أسواق العالم نموا منذ عام 2010 بالنسبة للصادرات البريطانية». السعودية تمر بمرحلة مهمة من التغيير بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، شرع ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بتغيير مجتمعي واقتصادي في المملكة من خلال رؤية 2030. وقالت الخارجية البريطانية في تقريرها إن «هذه الرؤية تدخل إصلاحات مهمة تعلق بريطانيا أهمية عليها، بما في ذلك منح حريات أكبر للنساء»، مضيفة: «في يوم (الجمعة) 12 كانون الثاني (يناير) 2018، شهدت مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة يوما تاريخيا في المملكة حين حضرت النساء مباراة لكرة القدم للمرة الأولى، كان ذلك بعد رفع حظر دخول النساء إلى الأندية الرياضية، وهذا الإصلاح يستمر في الشهر الجاري حين تفتح السعودية أبوابها أمام الجميع للمرة الأولى منذ 30 سنة، ولمواكبة سرعة وتيرة هذه التغييرات الاجتماعية، ســــتواصل بريطانيا تقديم دعمها للمملكة». التنويه بتصريحات ولي العهد حول الإرهاب والتطرف نوهت وزارة الخارجية البريطانية بتصريحات ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان حول القضاء على الإرهاب والتطرف. وقالت في تقريرها: «مرت السعودية كما مرت بريطانيا بتجاربها المؤلمة الخاصة بها كضحايا للإرهاب، والمملكة حليف لبريطانيا في مكافحة داعش، كما أنها تقود جهود التحالف الدولي لقطع مصادر تمويله، وهنا قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إن هدفه الأسمى هو أن تصبح السعودية بلد الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان كما وعد بالقضاء على التطرف». وأضافت: «ببساطة، إن تبادل الاستخبارات بين بلدينا يساعد في جعلهما أكثر أمانا، وكان ضروريا لمكافحة الإرهاب وإنقاذ حياة البريطانيين، نجحنا في إحباط مخططات إرهابية بفضل التعاون بين بلدينا، وترى بريطانيا أن السعودية قوة لتحقيق الاستقرار في منطقة تشهد الاضطرابات، واليوم نعمل معا للتصدي لتصرفات إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، ونحن عازمون على دعم الجهود الدولية كافة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة في اليمن، ومعالجــــــة المعانــاة الإنسانية الهائلة فيه». وأوضحت أن المملكة «قدمت دعما كبيرا للحكومة العراقية خلال السنة الماضية، بينما يتطلع العراق إلى إعادة الإعمار بعد دحر داعش، وتعتبر العلاقات المستدامة القائمة على الثقة والاهتمامات المشتركة مهمة في هذا العالم الذي يشهد تغيرا سريعا»، لافتة إلى أن «زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، فرصة لبريطانيا لتبرهن على أنها بلد منفتح على الخارج، وملتزم بتعزيز علاقاتنا مع شريك أساسي لنا، بينما نظل مفتخرين بقيمنا المشتركة وثابتين بالتزامنا بها». الإعلان عن شراكة جديدة بمناسبة الزيارة قالت وزارة الخارجية البريطانية في تقريرها «إن بريطانيا والمملكة العربية السعودية تعكفان على تأسيس شراكة جديدة طويلة الأجل لتحسين سبل العيش، ودعم التنمية الاقتصادية، وتأسيس بنية تحتية لمساعدة بعضٍ من أفقر شعوب العالم في الدول المبتلاة بالجفاف والصراع، وتشمل هذه الشراكة الالتزام بالعمل معاً في شرق أفريقيا، وهو ما سيؤدي بالتالي إلى تعزيز الازدهار العالمي». وأضافت: «هذه الشراكة التي أعلن عنها خلال زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان إلى بريطانيا، تُعدّ الأولى من نوعها بين وزارة التنمية الدولية والصندوق السعودي للتنمية. ومن خلال هذه الشراكة سيعمل خبراء تنمية بريطانيون يداً بيد مع نظراء سعوديين في مختلف الأماكن، ومنها منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا، وهما منطقتان شرعتا فعلا في العمل على انتشال الناس من الفقر فيها».
مشاركة :