واشنطن (أ ف ب) - ينتقد الشركاء التجاريون الرئيسيون للولايات المتحدة وعلى رأسهم الصين واليابان، بشدة الجمعة فرض الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخميس رسوما على واردات الولايات المتحدة من الفولاذ والالمنيوم، محذرين من خطر حرب تجارية لا يمكن التكهن بعواقبها. فقد عبرت بكين الجمعة عن "معارضتها الشديدة" لهذه الرسوم الجمركية التي رأت فيها وزارة التجارة الصينية "هجوما متعمدا على النظام التجاري التعددي". وفي اليابان الحليفة الكبرى للولايات المتحدة في آسيا، حذر الناطق باسم الحكومة يوشيهيدي سوغا من ان هذا الاجراء يمكن ان يهدد كل الاقتصاد العالمي، مشيرا الى ان طوكيو تطلب من الولايات المتحدة عدم تطبيقه عليها. وقبيل ذلك، اكد وزير الخارجية الياباني تارو كانو ان طوكيو "ستتخذ كل الاجراءات المناسبة بعدما درسنا بدقة الانعكاسات على الاقتصاد الياباني". - الرد على "عدوان" - بعد ايام من التكهنات، وقع الرئيس الاميركي في البيت الابيض وثيقتين مثيرتين للجدل تشكلان انعطافا واضحا باتجاه سياسة حمائية، بعد 13 شهرا على وصوله الى السلطة. وقال ترامب "انفذ وعدا قطعته خلال الحملة"، مؤكدا ان الولايات المتحدة كانت لعقود ضحية ممارسات تجارية شبهها "بعدوان". وقد تحدث ترامب عن القضايا الدفاعية والتجارية واشار الى المانيا. وقال "لدينا اصدقاء واعداء ايضا استفادوا منا بشكل هائل منذ سنوات في التجارة والدفاع". واضاف "اذا نظرنا الى حلف شمال الاطلسي نرى ان المانيا تدفع 1 بالمئة ونحن ندفع 4,2 بالمئة من اجمالي للناتج الداخلي اكبر بكثير". وستطبق هذه الرسوم التي تبلغ 25 بالمئة على واردات الفولاذ و10 بالمئة على واردات الالمنيوم، خلال 15 يوما. لكن الاجراء الاميركي لا يشمل كندا اول شريك تجاري واول مصدر للفولاذ والالمنيوم الى الولايات المتحدة معفي "في الوقت الراهن" من الرسوم، ومثلها المكسيك. ومصير هذين البلدين المجاورين للولايات المتحدة في الامد المتوسط، مرتبط خصوصا بنتيجة المفاوضات الجارية حول اتفاقية التبادل الحر لاميركا الشمالية (نافتا). وقال الرئيس الاميركي "اذا توصلنا الى اتفاق، فلن تفرض رسوم على كندا والمكسيك"، مؤكدا قناعته بان المفاوضات الشاقة الجارية يمكن ان تفضي الى نتيجة. ورفضت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند تقديم اي تنازلات في المفاوضات كما يريد ترامب، مؤكدة ان اوتاوا تعتبر المسألتين "قضيتين منفصلتين". وقالت ان استثناء كندا والمكسيك من هذه الرسوم هو "مجرد خطوة الى الامام" ونتيجة "العمل النشط" لكل المسؤولين الكنديين لدى نظرائهم الاميركيين، مؤكدة ان "هذا العمل مستمر وسيتواصل حتى ازالة احتمال فرضها بالكامل وبشكل دائم". وجاء هذا القرار في اليوم نفسه الذي أحيت فيه في تشيلي 11 دولة تقع على ساحل المحيط الهادئ، اتفاق التبادل الحر عبر المحيط الهادئ الذي كان قد اعتبر منتهيا بعد انسحاب الولايات المتحدة منه قبل عام. - "استثناءات قابلة للتفاوض - اوضح البيت الابيض ان كل الدول المعنية يمكن ان تبدأ محادثات مع الولايات المتحدة للتفاوض بشأن استثناءات ممكنة. وقال بحضور حوالى عشرة عمال في قطاع الصناعات المعدنية "سنبرهن على مرونة كبيرة". ويؤكد الاتحاد الاوروبي منذ ايام ان حربا تجارية ستكون مضرة للجميع. وبعدما ذكرت بان الاتحاد الاوروبي "حليف قريب" للولايات المتحدة، رأت المفوضية الاوروبية للتجارة سيسيليا مالستروم الخميس ان الاتحاد "يجب ان يستثنى" من هذه الرسوم الجمركية. وكتبت على موقع تويتر "ساطلب مزيدا من الوضوح في الايام المقبلة". ويصدر الاوروبيون ما يعادل خمسة مليارات يورو من الفولاذ ومليار يورو من الالمنيوم كل سنة الى الولايات المتحدة. وقبل اقرار هذه الرسوم، اعد الاتحاد الاوروبي رده. وقد يفرض رسوم استيراد على لائحة من المنتجات الاميركية بينها زبدة الفستق الشهيرة، للتعويض عن الاضرار التي ستلحق بالصناعة الاوروبية. وعبرت فرنسا عن "اسفها" لقرار ترامب بينما رأت لندن انه يتصرف "بشكل سيء". اما البرازيل ثاني بلد يصدر الفولاذ الى الولايات المتحدة، فقد اكدت انها تنوي "حماية مصالحها". - تمرد برلمانيين جمهوريين - اثار الاعلان عن هذه الرسوم تمردا حقيقا في صفوف الجمهوريين الذين يخالف عدد من ممثليهم في الكونغرس رأي ترامب بان الحرب التجارية "جيدة ويمكن كسبها بسهولة". وقد استقال ابرز مستشاري الرئيس الاقتصاديين بسبب معارضته لهذه الاجراءات. وعبر الرئيس الجمهوري لمجلس النواب بول راين عن رفضه لهذه الاجراءات وعبر عن تخوفه من "عواقبها التي لا يمكن التكهن بها"، بينما اعلن السناتور الجمهوري جيف فليك انه سيقدم قريبا اقتراح قانون يهدف الى الغاء هذه الرسوم. وفي اوساط الاعمال، يتوقع اتحاد بائعي التجزئة مثل مجموعة فورد لصناعة السيارات ارتفاعا في الاسعار سيتحمله المستهلكون، لكن مؤسسة الصناعات التحويلية عبرت عن ارتياحها لهذه الاجراءات. واعتمد ترامب على اجراء نادرا ما يتم اللجوء اليه في القانون التجاري الاميركي، هو المادة 232 التي تستند الى حجج مرتبطة بالدفاع الوطني للحد من استيراد منتجات وسلع الى الولايات المتحدة. وكانت هذه المادة استخدمت في سبعينات القرن الماضي خلال الازمة النفطية وفي بداية الالفية بشأن الفولاذ ايضا.دلفين تويتو، جيروم كارتييه © 2018 AFP
مشاركة :