التعاون الاستخباري بين دول أوروبا بعد «البريكست» إلى أين؟

  • 3/9/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيديريكا موغيريني خلال مؤتمر صحافي عقد بعد حضور اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، بلجيكا في 6 مارس 2018. (غيتي)) بروكسل: حسن الرماحي* وزير الدفاع البريطاني السابق مايكل فالون : بريطانيا ستحمي جبل طارق «بكل السبل» لأن مواطنيه «أعلنوا بوضوح أنهم لا يريدون العيش تحت الحكم الإسباني». * اعتمدت دول الاتحاد الأوروبي خلال 2017 وثيقة خريطة طريق لإقامة اتفاق اتحاد للأمن في أوروبا. * وصلت دول أوروبا إلى حالة من الإحباط أمام مشروع تشكيل جهاز استخباراتي أوروبي على شاكلة الشرطة الأوروبية. * أدركت أوروبا، أن استمرار الفوضى في دول المنطقة قد ضرب بتداعياته أمنها القومي. الإرهاب لم يعد يتحدد في جغرافيا معينة. * هناك إجماع لدى المراقبين المعنيين بالأمن بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيجعلها أكثر عرضة للإرهاب. * بريطانيا كانت ولا تزال تعاني من مشكلة الهجرة والهجرة غير الشرعية، وأشدها هجرة مواطني دول أوروبا الشرقية خاصة من بولندا. هل ستكون دول الاتحاد وأوروبا أقل أمنا بعد «البريكست»؟ هل سيكون هناك ترسيم للحدود بين بريطانيا وآيرلندا الشمالية؟ ما مصير تبعية جبل طارق لبريطانيا؟ ما مصير الأوروبيين في بريطانيا ومصير البريطانيين في دول الاتحاد الأوروبي؟ اتخذت بريطانيا قرارها خلال عام 2016. بالخروج من الاتحاد الأوروبي، في أعقاب التصويت الذي أجرته في يونيو (حزيران) من نفس العام، بريطانيا اتخذت قرار الخروج، رغم كل المخاوف الاقتصادية والدبلوماسية الكثيرة التي يمكن تكتنف «البريكست». ربما قضية الهجرة غير الشرعية وقضية اللاجئين هي من أشعلت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والذي أصبح هشا في أعقاب موجات الهجرة غير الشرعية. اعتمدت دول الاتحاد الأوروبي خلال 2017 وثيقة خريطة طريق لإقامة اتفاق اتحاد للأمن في أوروبا أعطت فيها مسألة مكافحة الإرهاب والأمن الأوروبي الأولوية من خلال تبني تدابير جديدة للأمن في أوروبا. وأجرت المفوضية الأوروبية إجراءات عدة من أجل الوصول إلى أمن موحد داخل أوروبا، من خلال تبادل المعلومات في إطار نظام «شنغن» المعلوماتي ومركز مكافحة الإرهاب الأوروبي التابع لليوروبول. لتصبح الوثيقة بنكا معلوماتيا لتغذية وكالات الأمن الأوروبية. ويقوم المركز الأوروبي، بالتنبيه إلى التهديدات الأمنية وجمع وتحليل المعلومات ودعم الدول والمؤسسات برسم الخطط الخاصة في مكافحة الإرهاب. وفي إطار الإجراءات الجديدة التي اتبعها الاتحاد الأوروبي، اتخذ قرارا خلال شهر يونيو 2017، باعتماد منصات افتراضية جديدة لمكافحة الإرهاب، تعمل دوليا من أجل إزالة المحتويات التي تتضمن مواد إرهابية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. رغم الجهود التي تبذلها دول أوروبا لتعزيز تعاونها الاستخباري، والربط بين وكالاتها الاستخبارية وتقاسم المعلومات، فإنها ما زالت تعاني من مشكلة التعاون وتقاسم المعلومات وتسريع تبادل المعلومات، خاصة ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب والجماعات الإسلاموية المتطرفة.فشل أوروبي لتشكيل جهاز استخبارات مشترك وصلت دول أوروبا إلى حالة من الإحباط أمام مشروع تشكيل جهاز استخباراتي أوروبي على شاكلة الشرطة الأوروبية، المشكلة تكمن بفقدان الثقة بين دول أوروبا، وهنالك اتهامات من بعضها بالتجسس على الأخرى. وما يزيد المسألة تعقيدا هو وجود اتفاقات أمنية بين دول أوروبا ثنائية مع دول أخرى، هذه الاتفاقات لا تكشف عنها الدول، حتى لأقرب حليفاتها، لأنها تمثل تهديدا لأمنها القومي. وهذا ما حصل لألمانيا وتعاونها الاستخباري مع وكالة الأمن القومي الأميركية، وهو ما أحرج موقفها أمام دول الاتحاد الأوروبي واتهمها بالتجسس على الدول الأعضاء لصالح وكالة الأمن القومي الأميركية. ملفات الاقتصاد والصناعات والابتكارات العلمية، هي موضع اهتمام دول أوروبا، وتعمل هذه الدول الواحدة ضد الأخرى للحصول على خطط ومشروعات وابتكارات، على مستوى تجنيد عناصر بشرية أو اختراق أنظمة معلومات بعضها البعض داخل أوروبا. وهذا يعقد مسألة خلق جهاز استخبارات أوروبي موحد.الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال زيارته قواته بقاعدة عسكرية استونية في تابا (غيتي)تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين دول أوروبا وجدت دول أوروبا نفسها بحاجة إلى التعاون وتبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية، مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، والدول التي تشهد صراعات وفوضى. وأدركت أوروبا، أن استمرار الفوضى في دول المنطقة قد ضرب بتداعياته أمنها القومي. الإرهاب لم يعد يتحدد في جغرافيا معينة. وتعمل دول أوروبا على تشديد الرقابة حول تقديم الدعم المالي واللوجستي إلى الجماعات المتطرفة، وأقر مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان خلال عام 2017 النسخة الجديدة للتعليمات الخاصة بمراقبة شراء وحيازة السلاح، والمتفجرات، التي يمكن أن تحصل عليها الجماعات المتطرفة. اتخذ أعضاء البرلمان الأوروبي، مطلع شهر يوليو (تموز) 2017 ـ إنشاء لجنة مكافحة الإرهاب داخل البرلمان الأوروبي، والتي تعتبر أعلى لجنة تشريعية. وتقوم اللجنة الجديدة بالبحث فيما هو مطلوب لتحسين التعاون بين الدول والمؤسسات الاتحادية في مجال مكافحة التطرف والإرهاب في الاتحاد الأوروبي.اليوروبول بدأ العمل بهذه الوكالة عام 1999، وهي تعمل على تطبيق القانون الأوروبي، أبرز مهامها، حفظ الأمن في أوروبا وتقديم الدعم للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في مجالات مكافحة الجرائم الدولية الكبيرة والإرهاب. تمتلك الوكالة أكثر من 700 موظف في مقرها الرئيسي الكائن في لاهاي في هولندا، وهي تعمل بشكل وثيق مع أجهزة أمن دول الاتحاد الأوروبي ودول من خارج الاتحاد منها أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية والنرويج.وكالة «فرونتكس» Frontex لحماية الحدود مقرها الرئيسي في وارسو – بولندا، وتأسست حسب تنظيمات المجلس الأوروبي للفترة 2004 – 2007. وقد بدأت الوكالة في العمل في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2005. وتعمل الوكالة على إدارة التعاون العملياتي في الحدود الخارجية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تختص بمراقبة الحدود الدولية للاتحاد.وتعمل المفوضية الأوروبية على تعزيز التعاون الاستخباري من خلال: ـ اعتماد بنك معلومات خاص للمقاتلين الأجانب، يتضمن معلومات تفصيلية عنه وعن محيط علاقاته الشخصية والاجتماعية، هذه البيانات يمكن تقاسمها بين دول الاتحاد، واعتمادها أيضا في المطارات والمعابر الحدودية. ـ مراجعة المفوضية الأوروبية لسياساتها الأمنية في مواجهة الإرهاب وتجفيف مصادر التمويل. وكشفت اعترافات عناصر «داعش»، أن التنظيم ينشط من داخل دول أوروبا بإدارة وتمويل عملياته الأوروبية، بعيدا عن الرقابة ومنها البطاقات المدفوعة، مثل «فيزا كارت». ـ اتخاذ إجراءات مشددة لتعزيز أمن المطارات ووسائط النقل والأماكن العامة ومراقبة الحدود الخارجية والداخلية بدعم من وكالة «فرونتكس» و«يوروبول». ـ إعطاء أهمية للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب، التابع إلى «اليوروبول» في مدينة لاهاي الهولندية بجمع المعلومات ورصد التهديدات من الخارج وأن يكون دوره على شاكلة وكالة الاستخبارات المركزية.نائب رئيس المفوضية الأوروبية يوركي كاتينين والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيديريكا موغيريني يحضران اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل- 6 مارس الجاري (غيتي) ـ فرض إجراءات مشددة واتباع شروط جديدة باستخدام بطاقات الهاتف المدفوعة الثمن، فبعد أن كان شراء هذه البطاقات من دون أوراق رسمية، اعتمدت بعض دول أوروبا، أبرزها بلجيكا، تسجيل البيانات الشخصية للمستخدم. ـ وضع اتفاقية أمنية أوروبية تشمل الأولويات المتفق عليها للسياستين الأمنية والخارجية مع التشجيع على وجود سياسة موحدة للاتحاد في هذين المجالين. ـ اعتماد آلية جديدة ومنصات وبرامج تشغيلية أبرزها «برنامج ليزا يورو»، لإدارة المعلومات. ـ العودة إلى الإجراءات التقليدية في موضوعات الأمن أبرزها فرض الأمن في الأماكن العامة مثل وضع الموانع الكونكريتية وإقامة نقاط تفتيش عند مداخل ساحات الاحتفالات وعزل تلك الساحات. ـ فرض المراقبة عند حدودها الداخلية، ومنها وضع نقاط تفتيش وتسيير مجموعات الشرطة أيضا في القطارات، كون أغلب العمليات التي تم تنفيذها خلال الأعوام السابقة، كان منفذوها قد وصلوا من دول أوروبية أخرى، كما حصل بين فرنسا وبلجيكا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا وألمانيا ودول أخرى. ـ تنفيذ عمليات تحرٍ واسعة عن مطلوبين بين أكثر من دولة في وقت واحد، خاصة بين بلجيكا وفرنسا وبين فرنسا وسويسرا. ـ تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع دول المنطقة، التي تشهد جهودا في مكافحة الإرهاب والتطرف، وتصاعدت وتيرة هذا التعاون في أعقاب وجود معتقلين أجانب، من جنسيات أوروبية إلى جانب عودة عائلات وأطفال الدواعش.خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) أطلقت تيريزا ماي رئيسة الحكومة البريطانية خلال يوم 29 مارس (آذار) 2017، عملية المفاوضات الرسمية التي تستغرق عامين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد أن صوتت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016. وفي هذا السياق وقعت تيريزا ماي الخطاب الذي يُفعّل المادة 50 من معاهدة لشبونة، وأبلغت رسميا الاتحاد الأوروبي بقرار بريطانيا الانسحاب من التكتل بعد أكثر من 40 عاما. لكن رغم العملية الانتقالية لخروج بريطانيا، فإن رئيسة الحكومة تيريزا ماي، تبذل جهودا لتوقيع اتفاقية أمنية مع دول الاتحاد تتيح استمرار التعاون بين الطرفين في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، الحكومة البريطانية كشفت عن دوافعها من أجل توفر قاعدة قانونية لمواصلة التعاون الشُّرطي والأمني والجنائي.مستقبل أوروبا الأمني عرض كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف البريكست ميشال بارنييه يوم 28 فبراير (شباط) 2018 مسودة قانونية لـ«معاهدة خروج» بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يمكن أن تثير خلافات جديدة مع لندن حول مسائل مهمة. وتتغاضى الوثيقة المكونة من 120 صفحة على ما يبدو عن مطالب رئيسية لرئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي بشأن الحدود الآيرلندية وحقوق المواطنين والمرحلة الانتقالية ما بعد البريكست. وأثار مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الكثير من الجدل حول مستقبل بريطانيا الأمني، وهناك إجماع لدى المراقبين المعنيين بالأمن بأن خروج بريطانيا من الاتحاد سيجعلها أكثر عرضة للإرهاب، وربما يعود ذلك إلى فكرة أن الإرهاب لم يعد مستوردا بل أصبح محليا، في ضوء بيانات العمليات الإرهابية التي ضربت أوروبا. الإحصائيات ذكرت أن 75 في المائة من العمليات الإرهابية في دول أوروبا خلال عام 2016 و2017 كانت من مواطنين داخل أوروبا. هذا الرأي يمكن أن يكون واردا أو مقبولا في الوقت الحاضر، لكن في المستقبل القريب يمكن أن يكون العكس، فمن المتوقع أن تتغير الكثير من السياسات الأمنية التي تتخذها بريطانيا تحديدا، بعد مراجعة سياساتها وسد الثغرات التي يمكن أن تكون تهديدا لأمنها الوطني. فرغم أن خروجها يعطيها قوة أكثر في مسك حدودها الخارجية، لكنها سوف تخسر الكثير من دعم المعلومات التي تحصل عليه من الوكالات الأوروبية، فالتهديدات لم تعد تقليدية وتأمين الأمن لم يعد بمسك الحدود أمام عالم وسائل التواصل الاجتماعي و«السايبر»، ولم تعد أي دولة قادرة على مواجهة الإرهاب بمفردها.المستشارة الالمانية انجيلا ميركل خلال قمة الاتحاد الأوروبي في تالين – سبتمبر 2017. (غيتي) وكتب ريتشارد ديرلوف، المدير السابق لجهاز المخابرات الخارجية البريطاني (MI6) مقالا قال فيه إن كون بريطانيا مساهما رئيسيا في الأمن الأوروبي، فإنها بالكاد ستعاني من خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهناك دول أخرى ستحتاج كثيرا إلى بقائها ضمن الكتلة الأوروبية. وأضاف أنه علاوة على ذلك فإن «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى تحقيق مكسبين أمنيين مهمين، (وهما) القدرة على التخلي عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان… والأهم هو تعزيز الرقابة على الهجرة من الاتحاد الأوروبي». ويقول نيغل انكستر المسؤول البارز السابق في الاستخبارات الخارجية البريطانية (MI6) وهو الآن مدير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «إننا قد نفقد الدخول على مجموعات البيانات المهمة». ويتحدث انكستر عن مبادرة «سجل بيانات الركاب» ومعلومات بطاقات الائتمان وبيانات اتصالات الهواتف الجوالة باعتبارها معلومات متبادلة تحكمها اتفاقات أوروبية. لكن يؤكد مؤيدو «بريكست» مثل وزير العمل والتقاعد البريطاني السابق أيان دنكان سميث أنه سيجعل بريطانيا أكثر أمانا. بريطانيا كانت وما تزال تعاني من مشكلة الهجرة والهجرة غير الشرعية، وأشدها هي هجرة مواطني دول أوروبا من الكتلة الشرقية خاصة من بولندا، التي أثقلت كاهل بريطانيا كثيرا، اقتصاديا، بمنافستهم على فرص العمل، والالتفاف على قانون الضرائب. وتعتبر بريطانيا قبلة للشباب البولندي، حيث يرغب الملايين منهم في الرحيل إلى ما يعتبرونه «الفردوس»، إلا أن كثيرين يواجهون حالات عداء من قبل جماعات سياسية متطرفة. وكان نائب برلماني بولندي من المعارضة اليسارية عاش تجربة «الهجرة» سعيا منه لفهم الدواعي الأساسية لـ«هروب» شباب بلاده إلى بريطانيا. وكان رئيس الحكومة البريطانية السابق ديفيد كاميرون أعلن أن الخطأ «التاريخي» الذي ارتكبته بريطانيا هو سماحها بدخول الآلاف من المهاجرين البولنديين. قضية الحدود: آيرلندا الشمالية وجبل طارق آيرلندا الشمالية: أكثر المسائل الحساسة في المعاهدة تتعلق بآيرلندا، وسينصب كل التركيز لمعرفة كيف سيتوصل مفاوضو بروكسل إلى نص رئيسي يضمن علاقات سلسة بين آيرلندا الشمالية وآيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال. التقارير كشفت أن الوثيقة التي عرضها كبير المفاوضين الأوروبيين في ملف بريكست ميشال بارنييه يوم 28 فبراير 2018 مع بروكسل تضمت نصا مثيرا للجدل يقول إنه في حال غياب حل أفضل، تبقى آيرلندا الشمالية «ملتزمة تماما» قواعد السوق الموحدة والاتحاد الجمركي والتي استندت عليها اتفاقية السلام الآيرلندي عام 1998. وتعارض لندن النص، خشية أن يقوم فعلا برسم حدود قبالة البحر الآيرلندي بين آيرلندا الشمالية وباقي أراضي بريطانيا. وقال مصدر دبلوماسي: «فيما يتعلق بالمسألة الآيرلندية، فإن الخيارات لا تزال أمامنا». وأبدى كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه في ملف بريكست قلقه من مواقف المملكة المتحدة الأخيرة وبخاصة تلك التي تتعلق بالحدود الآيرلندية، وقال: «إن ما أراه في ملفات المملكة المتحدة حول آيرلندا وآيرلندا الشمالية يثير قلقي». وترغب المملكة المتحدة في أن يعلق الاتحاد الأوروبي تطبيق قوانينه واتحاده الجمركي وسوقه الموحدة وهذا سيكون لا محالة تماما كحدود خارجية جديدة للاتحاد الأوروبي بالنسبة لها، المملكة المتحدة تريد استخدام آيرلندا كنوع من حالة اختبار للعلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ولكن هذا مستبعد حدوثه. المفوضية الأوروبية من جهتها ترفض بدء مفاوضات تجارية وحتى أمنية مع بريطانيا قبل حل ثلاث نقاط ذات أولوية هي مصير مواطني الاتحاد وكلفة بريكست ومسألة الحدود بين آيرلندا ومقاطعة آيرلندا الشمالية البريطانية. الحكومة البريطانية، ضمن سياق طمأنة الاتحاد الأوروبي، أعلنت استبعادها، إلى إقامة حدود مع آيرلندا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، بعد أن كانت تعتبر إقامة حدودها مع آيرلندا محاولة للضغط على الاتحاد عبر ربط هذه المسألة بالعلاقات التجارية المستقبلية معه. ويقول مسؤولون في دبلن وفي الاتحاد الأوروبي إن أفضل سبيل لتجنب وجود قيود مشددة على الحدود، التي قد تشمل فرض رقابة على جوازات السفر، وقيودا جمركية، هي الإبقاء على قواعد تنظيمية واحدة في شمال وجنوب الجزيرة. لكن حزبا يدعم حكومة ماي في آيرلندا الشمالية سيعارض أي اتفاق يعمل بموجبه الإقليم وفقا لقواعد تنظيمية مختلفة عن باقي أجزاء المملكة المتحدة. وقال هوغان إن بريطانيا، أو آيرلندا الشمالية على الأقل، مطالبة بالبقاء في السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي لتجنب حدوث مشكلات، تتعلق بالحدود التي تقسم الجزيرة. ووصف ديفيد ديفيز الوزير البريطاني لشؤون «البريكست» تعهد بريطانيا بعدم العودة إلى ترتيبات حدودية مع آيرلندا بعد خروجها من الاتحاد بـ«إعلان نوايا» أكثر من خطوة ملزمة قانونية. وأضاف ديفيز: «تختلف نظم ضريبية حاليا على طرفي الحدود ولحد الآن نجحنا في التعامل مع الوضع في ظل انعدام نقاط حدودية على أكثر من 300 طريق عام تعبر الحدود وسوف نجد إمكانية التعامل مع الوضع فيما بعد». من ناحية أخرى، قال جيمس بروكنشاير، الوزير المختص بشؤون آيرلندا الشمالية، إن أمام بريطانيا خياران لتأمين الحدود دون وقوع احتكاكات مع آيرلندا العضو بالاتحاد الأوروبي هما شراكة جديدة في الجمارك أو اتباع نهج مبسط للغاية للتعامل مع الجمارك. لكن الوزير البريطاني ديفيد ديفيز أكد أن لندن متمسكة بمبدأ الإبقاء على حدود مفتوحة بين آيرلندا الشمالية وجمهورية آيرلندا حتى إذا انسحبت بريطانيا ومعها آيرلندا الشمالية من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي، دون الاتفاق. وبحسب تقارير معلوماتية نشرها التلفزيون الآيرلندي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2017، وتم تأكيدها لاحقًا من قبل فيليب لامبرتس، زعيم مجموعة «الخضر» في البرلمان الأوروبي، في ختام اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بـ«البريكست» مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، والمفاوض الأوروبي، ميشيل بارنييه؛ فقد تم تذليل بعض العقبات دون التوصل إلى اتفاق نهائي حول ملف آيرلندا مع المملكة المتحدة، وقد شهد ملف الحدود مع آيرلندا الشمالية تعثرا كبيرا خلال الاجتماعات. وقالت الحكومة البريطانية يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2017 أن موافقتها على دفع 39 مليار جنيه إسترليني (52 مليار دولار) للاتحاد الأوروبي رهن بنجاح الطرفين في تحقيق اتفاق تجاري جيد. واعتبر وزير الخروج من الاتحاد الأوروبي ديفيد ديفيز في تصريح صحافي أنه من غير المنطقي أن توافق بلاده على دفع فاتورة بمليارات الجنيهات من دون أن تحصل على اتفاق تجاري بامتيازات خاصة يحدد مستقبل العلاقات الاقتصادية لما بعد عام 2019. يقول الدكتور أحمد السعدون الخبير القانوني في قضايا الهجرة ببريطانيا: «في أعقاب موجات الهجرة غير الشرعية عبر حدود أوروبا الشرقية، ستكون بريطانيا بلا شك أكثر أمنا، وهذا يعتمد على العامل الأمني والأجهزة البريطانية واسكوتلاند وأجهزة الاستخبارات MI5، وMI6 المعنية بالأمن الداخلي والخارجي لبريطانيا. وفيما يتعلق بمستقبل الحدود بين بريطانيا وآيرلندا الشمالية، ما بعد «البريكست»، أو وجود رسوم جمركية جديدة، يقول السعدون: «من خلال وجودي في بريطانيا كمواطن هنا وأعيش الحالة، فحتى الآن لا توجد قيود على الحدود من بلفاست وكل الأمور طبيعية من حيث التنقل، الذهاب والإياب بين بريطانيا وآيرلندا الشمالية وحتى التبادل التجاري». وأضاف: «وهنالك إجراءات جديدة ستحدث بعد عام 2019 تتعلق بقرارات رئيسة الوزراء البريطانية. ومن المتوقع أن يكون هناك ترسيم حدود مع آيرلندا، وبريطانيا دولة مؤسسات، فأي مشروع قرار من قبل الحكومة يحتاج العودة إلى البرلمان».قضية جبل طارق:مايكل فالون من المرجح أن تكون قضية جبل طارق، المشكلة الأكثر جدلا في مفاوضات «البريكست»، ويمكن أن تكون بداية لمشاكل عدة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. ومن المتوقع أن تتصاعد الخلافات السياسية بين بريطانيا وإسبانيا بشأن السيطرة على شبه جزيرة جبل طارق، والخاضع لحكم لندن منذ عام 1713. فبريطانيا تعتبرها أراضي تابعة لها، وتصر على سيادة المضيق، في حين تؤكد إسبانيا السيطرة على الجبل كونها تقع على حدود الأندلس، وطالبت بعقد اتفاق منفصل مع بريطانيا لحل الأزمة. ويرى الاتحاد الأوروبي لإعطاء إسبانيا الحق في تقرير مصير المنطقة بعد مغادرة بريطانيا للاتحاد. لكن هوارد العضو البارز في حزب المحافظين البريطاني ذهب بعيدا بالقول: «إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد تتعامل مع منطقة جبل طارق في مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي بنفس أسلوب رئيسة الوزراء السابقة مارغريت ثاتشر في التعامل مع أزمة جزر فوكلاند عام 1982». وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون في مقابلة مع «بي بي سي» إن بريطانيا ستحمي جبل طارق «بكل السبل» لأن مواطنيه «أعلنوا بوضوح أنهم لا يريدون العيش تحت الحكم الإسباني». ووفقا للاستطلاعات، فقد رفض سكان جبل طارق السيادة المشتركة بين بريطانيا وإسبانيا على الجزيرة عام 2002 بنسبة تصويت 99 في المائة وأكدوا على البقاء داخل التاج البريطاني. كما صوتوا أخيرا بأغلبية ساحقة على البقاء داخل الاتحاد الأوروبي بنسبة تصويت 96 في المائة لرغبتهم في بقاء بريطانيا داخل الاتحاد.

مشاركة :