حث فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور / صالح بن محمد آل طالب - المسلمين على تجنب الشبهات وحسن الظن بالمسلمين، وتجنب الفتن، والسعي لتوحيد الصف وعدم التفرق والتشرذم، والتحلي بالأخلاق الربانية التي توضحها سورة الحجرات بما في ذلك الأدب مع الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعدم الخروج بآراء مخالفة لتعاليم القرآن الكريم والسنة والإصلاح بين المسلمين. جاء ذلك في خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها فضيلته اليوم خلال مشاركته في المؤتمر الدولي الرابع والعشرين لجمعية أهل الحديث المركزية الجاري حالياً في مدينة لاهور الباكستانية تحت عنوان "دور العلماء في التعريف بمكانة الحرمين الشريفين والدفاع عنهما"، والتي حضرها أكثر من نصف مليون من مختلف مدن وأقاليم باكستان. واستهل فضيلته الخطبة بحمد الله والثناء عليه مذكراً وموصياً عموم المسلمين بتقوى الله عز وجل والالتزام بتعاليمه والعمل على ترجمة المعاني والآداب الواردة في سورة الحجرات، موضحاً إن المتأمل في كتاب الله تبارك وتعالى يجد أنه تناول فيه كل شيء، ففيه الهدى والنور، من تمسك به نجا، ومن أعرض عنه خسر وخاب في الدنيا والآخرة. وقال فضيلته إنه لا يجوز للمؤمن أن يتقدم على الله ورسوله بأي رأي أو فكرة، واستذكر عدداً من آيات سورة الحجرات التي تدل على أهمية امتثال المسلمين لأمر الله تعالى، ومنها قوله تعالى تبارك: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وأوضح أن الله سبحانه وتعالى علمنا في هذه السورة الكريمة أدب آخر وهو تكريم النبي صلى لله عليه وسلم وإجلاله وتقرين الرسالة مع اسمه. كما قال يجب علينا أن نتأدب في المسجد النبوي وعدم رفع الصوت فيه وعدم تقديم أي حكم أو رأي على حكم الله ورسوله، محذراً من أن الذي لا يلتزم بحكم الله ورسوله يُخشى عليه من أن يحبط علمه. واستدل بأدب الصحابة رضوان الله عليهم حيث كانوا يخفضون أصواتهم في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يجهرون بالقول أمامه ويخاطبونه بأدب ولين، وتعظيم وتكريم، وإجلال وإعظام، وكانوا يميزون الرسول صلى الله عليه وسلم في كل أمورهم وتعاملاتهم. وحث فضيلته على أن نربي أبنائنا على تعاليم الإسلام في ضوء الكتاب والسُنة وعلى أهمية الأدب مع الله وكتابه الكريم ومع رسوله وسنته الطاهرة. ثم استدل فضيلته بقوله الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ موضحاً أنه في هذه الآية أدب من الآداب المشروعة بين الناس بعضهم مع بعض في نقل الأخبار وأن التثبت أمر ضروري، مشدداً على إنه يجب على أصحاب القلم ورجال الإعلام الإذعان لحكم الله تعالى والتأكد من صحة من ينقلونه لتجنب الشائعات التي تؤدي إلى الفتن، والوقوف بحزم أمام أعداء الإسلام والمسلمين . كما تطرق فضيلته إلى مسألة أخرى من مسائل سورة الحجرات وهي تجنب الشبهات وحسن الظن بالمسلمين وأن نجعل قلوبنا زكية تجاه المسلمين والعلماء ورجال العلم. وحثّ على أهمية الإصلاح بين المسلمين في حال حدوث الفتن، مستدلاً بقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ﴾ وأشار إلى أنه لا يجوز أن يسخر المسلم من المسلم أو قوم من قوم وعدم التنابذ بالألقاب. وفي الختام دعا فضيلة الشيخ صالح آل طالب لجمهورية باكستان الإسلامية بالاستقرار، ولشعب باكستان وسائر المسلمين في جميع الأقطار بالأمن والتوفيق .
مشاركة :