أكد الأمير الدكتور تركي بن محمَّد بن سعُود الكَبير وَكيل وزارة الخارجيَّة للعلاقات المتعدِّدة الأطراف أن ظاهرتي الإرهاب والتطرف واللتين لا يمثلهما لا ديانة أو ثقافة إنسانية من أخطر التحديات التي تواجه مجتمعنا البشري , الأمر الذي استوجب معه تواصل الجهود الدولية وتعاضدها لصد هذه الآفة الخطيرة , فالإسلام بريء من هذه الجماعات الإرهابية ومبادئها وأهدافها فهو دين سلام وتفاهم وتسامح ووسطية ، ويحترم كرامة الحياة البشرية وحرية ومعتقدات وحقوق الإنسان ، ولا يجيز سفك الدماء أو ترويع الآمنين والتعدي على حرمات البشر. جاء ذلك خلال مشاركة المملكة العربية السعودية في مؤتمر قلب آسيا الوزاري الرابع الذي عقد مؤخراً في بكين, حيث عبر سموه عن سروره في المشاركة بهذا المحفل الدولي المهم ، مقدماً شكره لحكومة جمهورية الصين الشعبية الصديقة على استضافتها لهذا المؤتمر ، وما قدمته من تسهيلات وكرم ضيافة لعقده بالصورة المأمولة ، مشيداً بنتائج اجتماع كبار المسئولين التحضيري لهذا المؤتمر، والذي انعقد في بكين في شهر يوليو الماضي. وقال سموه : ينعقد مؤتمرنا هذا في مرحلة مهمة تمر بها أفغانستان ، التي اجتاز شعبها مؤخراً عملية الانتخابات الرئيسية ، حيث تمكن من خلالها تشكيل حكومته الجديدة ، وبهذه المناسبة يسرنا جميعا أن نقدم أصدق التهاني والتمنيات لجمهورية أفغانستان الإسلامية الشقيقة حكومة وشعبا مؤكدين تطلعنا لأن يسهم ذلك في تحقيق طموحات شعبها نحو الأمن والاستقرار والتنمية والرفاه , مبيناً أن المؤتمر يكتسب أهميته كبيرة نظرا للتطورات والتحديات الخطيرة غير المسبوقة التي تمر بها العديد من بلداننا , الأمر الذي يستدعي منا جميعا التعاون كشركاء لتطوير سبل التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي والأمني وتكاثف الجهود لدحر العنف ومكافحة الإرهاب والتطرف ، وتعزيز أواصر التفاهم والحوار البناء بين شعوبنا وتشييد جسور من التواصل والتعاون والاستفادة من ثقافاتنا المختلفة . وأضاف : يأتي انعقاد هذا المؤتمر الوزاري الهام ، امتدادا لما سبق من مبادرات ومؤتمرات ، وعلى رأسها مؤتمر "قلب آسيا" الوزاري المنبثق عن "عملية اسطنبول من أجل الأمن والتعاون الإقليميين " والذي انعقد في اسطنبول في شهر نوفمبر 2011م ، والمؤتمر الوزاري لعملية اسطنبول المنعقد في كابول في شهر يونيو 2012م ، ولا يفوتني هنا الإشادة بما حققته عملية اسطنبول من تقدم نحو إقامة تعاون إقليمي بناء لإيجاد حلول مشتركة لمشاكل المنطقة ، وتقديم الدعم والعون لأفغانستان لمواجهة المعوقات والتحديات ، وتحقيق طموحات وتطلعات شعبها المشروعة ، آخذين في الاعتبار أن أفغانستان مازالت تعاني الكثير من المشاكل والتحديات التي تتطلب تعاونا فاعلا على المستويين الإقليمي والدولي لتمكينها من تجاوز المخاطر والتحديات التي نواجهها . وأوضح الأمير الدكتور تركي بن محمَّد أن المملكة سبق وان شاركتْ في أعمال مؤتمرَي اسطنبول وكابول بصفتها إحدى دول مجموعة "عملية اسطنبول " ، حيث جدّد المشاركون فيهما تأكيدهم على أهمية تعزيز التعاون الإقليمي ، ودعم أفغانستان في مجالات الأمن وإعادة الأعمار والتنمية، مع احترام سيادتها واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ، ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي يشكل تحديا للمجتمع الدولي ومصدر تهديدٍ لأمنه واستقراره مما يتطلب معه تضافر الجهود والتعاون على المستويين الإقليمي والدولي لمواجهته ، ومكافحة إنتاج المخدرات وتهريبها وترويجها ، وبحث تدابير بناء الثقة اللازمة بغرض لتعزيز التعاون والأمن الإقليميين ، والسبل الملائمة لتطبيقها. ومتابعة عملية المصالحة الوطنية الشاملة في أفغانستان ، بإشراف الأفغان أنفسهم وبدعم وتأييد من المجتمع الدولي، والتي ستسهم بدورها في توفير البيئة المناسبة لاستعادة الأمن والاستقرار، واستئناف خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ونوه سموه إلى أن المملكة العربية السعودية وجمهورية أفغانستان الإسلامية ترتبطان بعلاقات صداقة وتعاون تاريخية ووثيقة ، وتولي المملكة اهتماما كبيرا بتطوير وتعزيز هذه العلاقات نحو مزيد من التعاون على الأصعدة كافة ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، و لما يخدم مصالح وتطلعات شعبيهما الشقيقين. وبذلت حكومة المملكة ، ولا تزال ، جهودا كبيرة لمساعدة أفغانستان ، و الوقوف معها لتخطي الصعاب التي واجهتها خلال السنوات الماضية ، كما شاركت المملكة بفاعلية في المؤتمرات الدولية للمانحين لأفغانستان ، والتي عُقِدت لحشد الدعم الدولي اللازم لإنعاش اقتصادها وإعادة إعمارها ، ومساعدتها على تطوير الهيكل السياسي والإداري وتنفيذ المشاريع التنموية وإصلاح البنية التحتية . وفي إطار تقديم المساعدة والدعم لأفغانستان فقد تكلل هذا التعاون البناء بين البلدين الشقيقين بتوقيع الاتفاقية العامة للتعاون بينهما، والتي تم توقيعها على هامش أعمال المؤتمر الوزاري لدعم أفغانستان والمنعقد في كازاخستان في شهر إبريل 2013م ، والتي ستساهم بالتأكيد في تعزيز أطر التعاون بينهما في شتى المجالات الاقتصادية والتجارية والفنية والثقافية ، وقد دخلت الاتفاقية حيز النفاذ بعد استكمال إجراءاتها المطلوبة من قبل حكومتي البلدين . وقال سموه :" ولا يفوتني في هذا الشأن أن أشيد بالنتائج البناءة للزيارة الرسمية التي قام بها فخامة الرئيس أشرف غني إلى المملكة في وقت سابق من شهر أكتوبر الجاري، التي التقى أثناءها بأشقائه في القيادة في المملكة، وعقد فخامته والوفد المرافق له العديد من الاجتماعات والمشاورات مع نظرائهم السعوديين، ولما فيه خير وتطوير علاقات البلدين الشقيقين. وفي ختام كلمته شكر سموه جميع من أسهم وشارك في تنظيم هذا المؤتمر ، الذي يؤمَّل له النجاح في تحقيق أهدافه المتمثلة في تعزيز أطر التشاور السياسي البناء، وبحث أفضل السبل لتطوير التعاون الإقليمي وتقديم الدعم اللازم لأفغانستان في ظل المرحلة المهمة التي تمر بها ، و تحتم على الجميع تعزيز التعاون على جميع المستويات ، متمنيا سموه للشعب الأفغاني الشقيق تحقيق ما يصبو إليه من تطلعات نحو الأمن والاستقرار والسلام والازدهار .
مشاركة :