قال الشاعر محمد الفراتي :الحر يأبي أن يبيع ضميرهبجميع ما في الأرض من أموالالمثل الإنجليزي يقول (أن تموت جوعا وأنت حر خير من أن تعيش عبدا وأنت سمين) والتعبير عن الرأي بحرية هو سلوك حضاري بشرط أن يكون بدون عنف وأن لايكون به إساءة وتجريح شخصي ويكون انتقاد بناء للنظام أو التيارات السياسية أو الدينية الأخرى ولا يروج لفكر متشدد يخدم أجندات خارجية تضر بالمصالح العليا للبلد وتهدد أمن واستقرار الدول وتسيئ إلى رموزها .اشتهرت الكويت بالسقف العالي في حرية التعبير وكانت القوانين تكتفي بالغرامة المالية لجرائم الرأي وتسمى جنح صحافة ولكن منذ ظهور وسائل التواصل الاجتماعي زادت بشكل ملحوظ جرائم الرأي وبسبب قوانين أقرها مجلس الأمة مثل قانون الإعلام الإلكتروني وقانون الجرائم الإلكترونية أصبح لدينا سجناء رأي في الكويت ولعل الكثير منهم بسبب تغريدات لم يقدر المغرد نتائجها وعواقبها.النائب الفاضل صالح عاشور طالب بوقف إحالة المغردين إلى النيابة العامة بشأن القضايا الإقليمية او السياسية أو المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات وأكد في تصريح له في المركز الإعلامي بمجلس الأمة معاملة المغردين الكويتيين مثلما تتعامل الدول الخليجية مع مغرديها عند انتقادهم للكويت موضحا أن هذه الدول لم تصدر أي حكم ضد المغردين فيها واكتفت بتوقيعهم على تعهدات بعدم تكرار تغريداتهم ويفترض من الحكومة أن تعامل المغردين الكويتيين بالمثل .إن الأحكام التي صدرت ضد بعض المغردين وصلت إلى سجن عشر سنوات وأكثر وأكثرهم من الشباب يعني أنه سوف يقضي باقي عمره في السجن مع القتلة والمهربين والمجرمين وهذا لاشك انتهاك صارخ لحرية التعبير والرأي ولو اكتفت المحكمة بالغرامة ومنع السفر وتعهد بعدم تكرار التغريدات التي تسيئ للدول الأخرى ورموزها السياسية.الملفت أن نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح قال في كلمة له في إحدى جلسات مجلس الأمة إن السجن الحالي سعته فقط 2500 والموجود في السجن 6000 نزيل ولذلك تقوم الوزارة بالإفراج عن بعض المسجونين الأجانب حتى يقضوا بقية حكم السجن في دولهم وأيضا العفو عن أكبر عدد من المسجونين سنويا حتى يتم إخلاء السجن من الأعداد الزائدة في السجن لأن السجن الحالي لا يتسع لعدد أكبر ولعل هذا الوضع الشاذ في السجن يكون دافعا للإفراج عن المسجونين بسبب تغريدات .هناك شباب كويتي حكم عليهم بالسجن لعدة سنوات بسبب قضايا رأي تقدموا بطلب لجوء سياسي أو إنساني لدول أوروبية وليس هناك أصعب على المرء من العيش في الغربة وعدم القدرة على الاستقرار في بلده ولو كان هناك قانون العفو عن المغردين الذين عليهم أحكام السجن واكتفت المحكمة بالغرامة أو اكتفت وزارة الداخلية يتعهد للمغرد بعدم تكرار ما كتب من تغريدات لكان ذلك في مصلحة الكويت حيث ترجع كما كانت في السابق دولة الحريات والرأي والرأي الآخر وواحة للكلمة الحرة التي تهدف إلى إصلاح الأوضاع. إن كثرة المسجونين وعدم اتساع السجن لهم يتنافى ويتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان وحتما سوف تكون النتيجة سوء المعاملة وتكدس المسجونين في العنابر بطريقة غير إنسانية ولذلك ينبغي الإفراج عن سجناء الرأي وعدم معاملتهم معاملة المجرمين وخلط الحابل بالنابل مما يحول السجن من مؤسسة إصلاحية إلى مؤسسة عقابية .إن المسؤولية تقع على عاتق أعضاء مجلس الأمة الذي ذاق بعضهم طعم السجن وكان شاهد عيان على الوضع المزري لسجناء الرأي والمغردين وهم الذين صدرت أحكام ضدهم في قضية اقتحام المجلس في تعديل أو إلغاء القوانين مثل قانون الإعلام الإلكتروني وقانون الجرائم الإلكترونية بحيث تكون العقوبة فقط غرامة مادية وليس سجن بدل الانشغال باستجوابات عبثية تهدف إلى تصفية الحسابات وتطغى عليها الشخصانية والانتقام وتهدف إلى إعدام الوزير سياسيا وإضاعة وقت المجلس .إن ترتيب الكويت تراجع كثيرا في مجال الحريات ولاشك أن تعديل القوانين التي تسمح بسجن المغردين أو أصحاب الرأي والصحفيين أو حتى إلغاؤها والعمل بالنظام القديم وتعامل التغريدات المسيئة معاملة جنح الصحافة والتي كان يكتفى فيها بالغرامة وتعود الكويت كما كانت في السابق واحة للحريات والبلد الذي لايوجد به سجناء للراي.أحمد بودستور
مشاركة :