يحمل صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في وجدانه طموحات وخطط التطوير والبناء والنهضة لهذا الوطن العزيز في حله وترحاله؛ وقد تجلى ذلك في اللقاءات التي عقدها مع المعنيين بالمشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030 في أثناء زيارته إلى مصر ثم في بريطانيا التي اختتمها يوم السبت. ولم يغفل برنامج الزيارة المكثف في الدولتين عن جوانب توطين المعرفة ونقل الخبرات وتقاسم المصالح وتأكيد مبدأ المشاركة في المنافع بين المملكة والدول الشريكة؛ سواء كان ذلك في تنفيذ جزء من مشروع «نيوم» حسب الاختصاص والخبرة، أو في جسر الملك سلمان الذي يربط بين القارتين الآسيوية والأفريقية عبر البحر الأحمر وسييسر السبل أمام تنقل المسافرين، ويؤكد ميثاق العلاقة الأخوية الاستثنائية بين المملكة ومصر، وشملت الاتفاقات أيضا أبعادا علمية وثقافية وسياحية وصناعية متعددة. وهو الأمر نفسه في بريطانيا؛ إذ تركزت المحادثات بين الجانبين على توسيع نطاق الشراكات العلمية والتعليمية والصناعية والتجارية، وتوقيع شراء صفقة ثمان وأربعين طائرة من نوع «تايفو» متضمنة التدريب ونقل خبرة التصنيع والصيانة. تلك جوانب مهمة جدا في سبيل تحقيق رؤية المملكة 2030م دولة حديثة عظمى في كل الجوانب بإذن الله. لكنني سأقف عند دلالات الزيارات التي يمكن أن تصنف بأنها «قوة ناعمة» من خلال تلك اللقاءات الودودة التي قام بها ولي العهد في أثناء زيارته إلى الأزهر الشريف ولقائه فضيلة الإمام الأكبر رئيس مجلس حكماء المسلمين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومشايخ الأزهر وافتتاحه أعمال ترميم الجامع الأزهر التي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - منحة لمصر. ثم تلك الزيارة الفريدة التي قام بها ولي العهد إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في وسط القاهرة ولقائه بالبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية ولقائه قيادات الكنيسة المصرية. ثم تلك الزيارة المهمة التي قام بها ولي العهد إلى أسقف كانتربري كبير أساقفة الكنيسة الأنغليكانية جاستن ويلبي في قصر لاميت بوسط لندن. لا أعتقد أننا في حاجة إلى تأكيد ما تمت مناقشته من أفكار إيجابية تهم قوة ووحدة المسلمين ونشر قيم الإسلام التي تحض على التسامح وتنبذ العنف وتدعو إلى حماية النفس والعرض والمال وإعمار الأرض مع علماء الأزهر؛ ولكن من المهم جدا التوقف عند الغايات الإنسانية السامية والنبيلة التي سعى ولي العهد لتحقيقها من خلال زيارة مسؤول سعودي - لأول مرة - للبابا تواضروس في الكنيسة القبطية بالعباسية وإلى أسقف كانتربري في لندن؛ وهي إظهار رؤية المملكة - التي تتمثل بقيم ومفهومات الإسلام النقية - نحو الديانات السماوية الأخرى القائمة على الاحترام، والرغبة في التعايش، والعمل في نطاق المشترك الأخلاقي والإنساني. ويريد سمو الأمير بزيارته رجال الدين في الكنيسة المصرية ثم الإنجليزية إظهار الصورة الحقيقية للتسامح في الإسلام وتأكيد الحرص على ضرورة الحوار بين الديانات والثقافات الإنسانية.
مشاركة :