قال الشاعر فوزي معلوف :نسي الخير حين أوغل في الشرفداس الضمير في عصيانهيقول المثل (الطيور على أشكالها تقع) فنجد أن هناك تنسيق وتفاهم بين قوى الشر والإرهاب تتوارى أحيانا وتنكشف أحيانا أخرى ولكنها في واقع الأمر مجرد تبادل أدوار وتغيير للأقنعة ولكنها مكشوفة لأن الطبع يغلب التطبع والشمس مايغطيها المنخل .إن مايحدث في سوريا وضع النقاط على الحروف وأسقط كل الأقنعة فهناك مثلث روسي إيراني تركي يشكل مظلة لنظام الجزار بشار مقابل توزيع الغنائم بعد أن تضع الحرب أوزارها ويسدل الستار على أبشع حرب شرسة في العصر الحديث دفع ثمنها الشعب السوري المغلوب على أمره والذي للأسف تخلى عنه وخذله المجتمع الدولي.لاشك أن الرئيس الروسي بوتين هو الآمر الناهي في سوريا والجزار بشار هو مجرد قطعة في لعبة الشطرنج السورية يحركها الرئيس الروسي كيفما يشاء ولكن أيضا بالتنسيق والتفاهم مع قوى إقليمية مثل إيران وتركيا فهناك مصالح مشتركة متبادلة بين تلك الأطراف ولعل مؤتمر استانا كشف عن التعاون والتفاهم بين تلك القوى رغم أن تركيا عضو في حلف الأطلسي وحليف للولايات المتحدة الأمريكية ولكنها في القضية السورية تحولت إلى حليف لروسيا.إن الدليل على هذا الكلام هو أن النظام التركي عقد صفقة مع روسيا ونظام الجزار بشار بأن تلتزم الصمت وتغض النظر عما يجري من مجازر في المدن السورية وتتخلى عن حلب وكذلك الغوطة الشرقية وفي الطريق محافظتي إدلب ودرعا مقابل أن تغض روسيا الطرف عن تدخل الجيش التركي في مدينة عفرين ومنبج وهي مدن تسكنها أغلبية كردية تمهيدا لإقامة منطقة آمنة ليس الهدف منها حماية الشعب السوري ولكن حماية الأمن القومي التركي .أما النظام الإيراني فحدث ولاحرج فهناك تحالف مكشوف بين روسيا وإيران وسوف يتم تقسيم سوريا بين هذه الأنظمة ويسمح فقط لنظام الجزار بالسيطرة فقط على العاصمة دمشق بعد سقوط الغوطة الشرقية التي سوف يكون حالها مثل حال مدينة حلب ولكن باقي المناطق في سوريا سوف تكون تحت السيطرة الروسية الإيرانية مع السماح لتركيا بإنشاء منطقة آمنة على الحدود مع سوريا طبعا تمهيدا لضمها لتركيا وسلخها من سوريا كما حدث مع لواء اسكندرون الذي كان جزءا من سوريا ولكن تركيا سيطرت عليه. هناك مطامع لروسيا وإيران في الوصول إلى مياه البحر المتوسط من خلال القاعدة البحرية الروسية في مدينة طرطوس وأيضا ميناء اللاذقية وذلك لتصدير النفط الإيراني بعد إنشاء خط يصل طهران في الموصل وبعدها في الموانئ السورية .من المفيد القول أن روسيا وقعت اتفاقية من نظام الجزار بشار لاستخدام القاعدة البحرية الروسية في طرطوس لمدة تصل إلى نصف قرن ناهيك عن أطماع روسيا في النفط والغاز الموجود في سوريا ولكن لاتعلن عنه الحكومة السورية التي تنفي وجود نفط وغاز في سوريا حتى لايطالب الشعب السوري بحقوقه في الثروات الموجودة في سوريا من نفط وغاز ومعادن أخرى.الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية وأيضا الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أصبح لديهم قناعة أن سوريا هي منطقة نفوذ لكل من روسيا وإيران وتشاركهم في ذلك تركيا ولذلك نجد أن هذه الدول لاتتدخل في القتال وتكتفي بالتفرج والإدانة والاستنكار كما أن روسيا لاتنازع الولايات المتحدة الأمريكية في نفوذها في دول الخليج وكذلك العراق. نعتقد أن على الشعب السوري أن لا يعلق آمالا على المجتمع الدولي والمنظمات مثل هيئة الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية وأيضا تركيا التي تستخدم الجيش الحر لتنفيذ الأجندة الخاصة بها وكذلك الدول التي تسمي نفسها أصدقاء سوريا وأن تعتمد على نفسها وذلك من خلال توحيد الفصائل السورية التي تقاتل في سوريا وأن تستعد لحرب عصابات طويلة ترهق وتستنزف قوة الدول المحتلة لسوريا وهي روسيا وإيران وأن لا تثق في النظام التركي الذي ينفذ أجندة خاصة لإحياء الامبراطورية العثمانية تماما كما تسعى إيران لتنفيذ أجندة خاصة بها وهي إحياء الامبراطورية الفارسية فكل يغني على ليلاه.أحمد بودستور
مشاركة :