بيروت (أ ف ب) - أعلن الجيش التركي الثلاثاء تطويقه مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية، حيث يشن مع فصائل سورية موالية له هجوماً منذ أسابيع، في خطوة من شأنها أن تفاقم معاناة عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين. على جبهة أخرى في سوريا، تواصل قوات النظام تضييق خناقها على الغوطة الشرقية المحاصرة، حيث يتم الثلاثاء اخلاء مدنيين وحالات طبية حرجة غداة اعلان الأمم المتحدة أن أكثر من ألف حالة طبية حرجة بحاجة لاجلاء عاجل. ويبدأ النزاع في سوريا الخميس عامه الثامن فيما تستمر المعارك على جبهات عدة، في وقت تخطت حصيلة القتلى 350 الف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. في شمال سوريا، أعلن الجيش التركي الثلاثاء أنه في اطار عملياته العسكرية "تم تطويق مدينة عفرين اعتبارا من 12 اذار/مارس 2018"، دون اعطاء أي ايضاحات اضافية. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس أن "القوات التركية والفصائل تمكنت في الساعات الأخيرة من التقدم جنوب عفرين من جهتي الشرق والغرب، لتوشك بذلك على عزل مدينة عفرين مع تسعين قرية غربها". وأضاف "لا يزال أمام هذه القوات السيطرة برياً على قريتين ترصدهما نارياً ويمر عبرهما المنفذ الوحيد المتاح اساساً من عفرين باتجاه مدينة حلب". ولطالما كانت منطقة عفرين الواقعة شمال غرب محافظة حلب شبه محاصرة، اذ تحدها تركيا من الشمال والغرب، وهما الجهتان التي انطلق منهما هجوم أنقرة قبل أن تتمكن من السيطرة على كامل الشريط الحدودي وتقليص مساحة سيطرة المقاتلين الأكراد تدريجياً. ومن جهة الشرق، فإن عفرين على تماس مع منطقة أعزاز الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، فيما من جهة الجنوب يربطها منفذ وحيد بمدينة حلب الواقعة على بعد ستين كيلومتراً عنها، يمر عبر بلدتي نبل والزهراء. وغالباً ما تحكم المسلحون الموالون لدمشق في هاتين البلدتين بحركة المدنيين القادمين من عفرين. وبحسب المرصد، تحاول القوات التركية والفصائل المتحالفة معها "الضغط لدفع المدنيين الى النزوح باتجاه مناطق سيطرة الفصائل المعارضة او النظام، لتسريع عملية سيطرتها على كامل المنطقة". - وضع "مأساوي" - تشن تركيا وفصائل سورية موالية لها منذ 20 كانون الثاني/يناير هجوماً واسعاً ضد منطقة عفرين، تقول إنه يستهدف وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من واشنطن والتي تصنفها أنقرة "إرهابية". وتمكنت منذ بدء هجومها من السيطرة على نحو 60 في المئة من المنطقة، ووصلت السبت إلى مشارف مدينة عفرين، التي تشهد اكتظاظاً سكانياً جراء حركة النزوح الكبيرة إليها. ويقدر المرصد السوري عدد سكان مدينة عفرين حالياً بنحو 350 ألفاً بالاضافة الى عشرات الآلاف في القرى المجاورة لها. وتعاني المدينة من وضع "إنساني مأساوي" وفق ما قال مسؤولون أكراد، وزاد اقتراب القوات التركية خشية سكانها من تعرضهم لحصار كامل أو لهجوم بري. ودفعت المعارك المئات من المدنيين الى الفرار. ووصل الاثنين الى بلدة نبل المجاورة أكثر من ألفي مدني بحسب المرصد. ومع حركة النزوح الجديدة، باتت بلدتا نبل والزهراء تستضيفان نحو "16 ألف نازح من منطقة عفرين" بعدما فر الآلاف خلال شهر ونصف مع تقدم القوات التركية من قرى وبلدات عدة بحسب المرصد. ونقل مصور متعاون مع وكالة فرانس برس مشاهدته الاثنين عشرات السيارات والحافلات محملة مدنيين وحاجياتهم، وهم ينتظرون سماح المقاتلين الأكراد لهم بمغادرة المنطقة عبر معبر الزيارة جنوباً الذي تسلمه الجيش السوري الإثنين. وتخشى أنقرة من إقامة الاكراد حكماً ذاتياً قرب حدودها مع سوريا، وتعبر وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود. - اجلاء مدنيين - على جبهة أخرى، تواصل قوات النظام السوري عملياتها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، تزامناً مع اجلاء عشرات المدنيين على دفعات وبينهم حالات طبية من مدينة دوما ومحيطها، وفق المرصد السوري. وأوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "عشرات المدنيين معظمهم من النساء والاطفال وكبار السن بينهم مرضى وصلوا.. من الممر الامن الى مخيم الوافدين". وعند معبر الوافدين الواقع شمال شرق مدينة دوما، قال مصدر سوري ميداني لفرانس برس إن "24 رجلاً و44 امراة و78 طفلاً" خرجوا من مدينة دوما التي يسيطر عليها جيش الاسلام، أكبر فصائل الغوطة الشرقية. وأوضح أن بين المدنيين "عشرة مرضى" على الأقل. وكان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في سوريا اعلن الاثنين الحاجة العاجلة لاجلاء ألف حالة طبية من الغوطة الشرقية، حيث تشن قوات النظام منذ 18 شباط/فبراير هجوماً عنيفاً تسبب بمقتل 1185 مدنياً على الأقل وفق المرصد، تمكنت بموجبه من فصل المنطقة الى ثلاثة أجزاء. ونقلت وكالة انترفاكس الروسية عن رئيس المركز الروسي للمصالحة الجنرال يوري يفتوشنكو الثلاثاء أن خروج المدنيين يأتي بناء على مفاوضات مع الفصائل المسلحة. وكان جيش الاسلام، اكبر فصائل الغوطة الشرقية، اعلن في بيان الاثنين الاتفاق "عبر الأمم المتحدة مع الطرف الروسي... للقيام بعملية اجلاء المصابين على دفعات للعلاج خارج الغوطة". وتسببت غارات شنتها قوات النظام على مدينتي سقبا وعربين الثلاثاء بمقتل خمسة مدنيين واصابة 35 بجروح، وفق المرصد السوري. © 2018 AFP
مشاركة :