القاهرة: عبد الستار حتيتة قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير إيهاب بدوي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن الدولة تحرز تقدما في بسط الاستقرار الأمني والاقتصادي وإقناع العالم بالواقع الجديد، خاصة الولايات المتحدة الأميركية والاتحادين الأوروبي والأفريقي، مشيرا في هذا الصدد إلى «الدور المهم» الذي لعبته السعودية والإمارات في إفهام العالم بحقيقة ما جرى في مصر من مظاهرات ضخمة في 30 يونيو (حزيران) الماضي، أدت للإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي. ويأتي هذا في وقت أكد فيه وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، الذي يقوم حاليا بزيارة لروسيا، أن محاكمة مرسي وجماعة الإخوان المسلمين (التي ينتمي إليها) تجري وفقا للقانون. بينما نفى رئيس الحكومة، الدكتور حازم الببلاوي، وجود اعتقالات سياسية في بلاده التي تخوض حربا ضارية ضد المتشددين الإسلاميين خاصة في سيناء. وزادت التحركات والإجراءات التي اتخذها عدد من المسؤولين والمؤسسات بمصر، على عدة مستويات محلية ودولية، خلال الأيام الأخيرة لبسط الاستقرار في البلاد المضطربة منذ تخلي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم مطلع عام 2011. ويعمل الحكام الجدد وفقا لخارطة طريق وضعتها القوات المسلحة وزعماء سياسيون ومؤسسات دينية رسمية، في الثالث من يوليو (تموز) الماضي، ترتبت عليها الإطاحة بمرسي الذي استمر حكمه لمدة سنة اتسمت بعدم وضوح الرؤية لبلد محوري في منطقة الشرق الأوسط. وقال المتحدث باسم الرئاسة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تحرز تقدما كبيرا «على مستوى الحرب ضد الإرهاب في سيناء وعلى مستوى مكافحة الإرهاب بشكل عام»، مشيرا في الوقت نفسه إلى وجود «مجموعة من المشروعات الاقتصادية التي تعمل عليها الحكومة بهدف رفع المعاناة عن المصريين». وأضاف أنه «يوجد ارتباط مباشر بين الوضع الأمني والحالة الاقتصادية، وحين يتحسن الوضع الأمني سيتم فك حظر التجوال»، معربا عن أمله في عودة السياحة التي تعد من الموارد المالية الرئيسة ويعمل فيها نحو أربعة ملايين مصري. وقال السفير بدوي إن «خارطة الطريق، أو خارطة المستقبل، تمضي إلى الأمام، ويجري تنفيذها طبقا للجدول الزمني، وجرى تنفيذ الاستحقاقات السابقة وفقا لهذا الجدول، في ما يتعلق بعمل لجنة العشرة لتعديل الدستور وكذا ما يخص لجنة الخمسين المسؤولة عن تعديلات المشروع النهائي للدستور، وتشكيلها وما يلي ذلك»، وصولا إلى دعوة الرئيس للاستفتاء على مشروع الدستور خلال ستين يوما من بدء عملها في الثامن هذا الشهر. وحول ما تردد عن احتمال اختصار المرحلة الانتقالية، بما يعني تقديم موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، أوضح بدوي قائلا إن خارطة المستقبل «تنص على المواعيد المفترضة، ونحن حريصون على الالتزام بها». إلا أنه أضاف أن رئيس الدولة «من المفترض أن يدعو لاستفتاء خلال 30 يوما من ورود التعديلات الدستورية إليه، وبالتالي يمكن اختصار شهر من المرحلة الانتقالية إذا أحال الرئيس التعديلات للاستفتاء دون انتظار مرور شهر كامل»، مشيرا إلى أن «باقي الاستحقاقات مرتبطة بموعد الاستفتاء على الدستور، لكن المواعيد التقريبية موجودة». وعلى الصعيد الدولي، وبعد أن كانت مصر تعرضت لانتقادات، خاصة من أوروبا وأميركا، عقب الإطاحة بمرسي، ووصف بعض الجهات لما حدث بأنه «انقلاب عسكري»، قال المتحدث باسم الرئاسة إن العديد من دول العالم أصبحت تدرك حقيقة ما جرى من ثورة شعبية في 30 يونيو الماضي. وأضاف السفير بدوي أن «هذا الإدراك يتمثل في مواقف دولية داعمة لخارطة الطريق، ولدينا على مستوى الدول الغربية، سواء الولايات المتحدة، أو الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، إدراك أكثر وضوحا لحقيقة ما جرى»، مشيرا إلى مساهمة دبلوماسيات عربية مهمة في هذا الأمر، مثل السعودية والإمارات، قائلا إنهما «كان لهما دور كبير في إفهام العالم بحقيقة ما جرى في مصر». ومن جانبه، نفى رئيس الحكومة، الببلاوي، في تصريحات أمس، وجود اعتقالات سياسية في بلاده، وقال إنه «لا توجد اعتقالات عشوائية سياسيا»، لافتا إلى أن محاكمة بعض المدنين عسكريا لا تزيد عن كونها «حالات فردية» تتعلق بالاعتداء على أفراد القوات المسلحة أو المنشآت العسكرية أو الوجود في مناطق عسكرية مغلقة. وأضاف أن من تم القبض عليهم خلال الفترة الأخيرة صدرت في حقهم أوامر من النيابة العامة بالضبط والإحضار لاتهامهم في جرائم جنائية، وقال إن «مَن يتم القبض عليه يمثل أمام قاضيه الطبيعي وتتم محاكمته وفقا للقوانين العادية وليس الاستثنائية». وأوضح رئيس الحكومة أن تمديد حالة الطوارئ، المعلنة في البلاد منذ نحو شهر، جاء لدواع أمنية بسبب «أعمال العنف والإرهاب» التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، وكانت آخرها محاولة اغتيال وزير الداخلية، وحادث رفح الذي قتل فيه 25 مواطنا (من جنود الأمن)، قائلا إن حكومته تعمل بأقصى جهد لاستعادة الأمن والاستقرار حتى تقوم بإلغاء حالة الطوارئ في أقرب وقت ممكن. وجدد التزام الحكومة بعدم إقصاء أي طرف وافق على «خارطة الطريق» والتزم بـ«نبذ العنف والإرهاب ولم يتورط في التحريض عليهما، وألا يكون ملاحقا قضائيا». وخلال زيارته لموسكو المقرر أن تختتم اليوم (الثلاثاء) قال وزير الخارجية المصري لقناة «روسيا اليوم» إن إجراءات محاكمة مرسي وقيادات «الإخوان» تتم وفقا للقانون، وشدد على التزام الحكومة بتنفيذ خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية. وفي إشارة إلى العمليات الأمنية التي تقوم بها السلطات المصرية في سيناء وتأثيرها على قطاع غزة المجاور، خاصة هدم أنفاق التهريب بين جانبي الحدود، قال نبيل فهمي إن بلاده لن تتبنى سياسات تؤدي لحصار القطاع، لكنها ترفض، في الوقت نفسه، استمرار عمليات التهريب. وتتناول مباحثات الوزير المصري مع الجانب الروسي سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين ومناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك ومن بينها تطورات الأزمة السورية والقضية الفلسطينية. وقالت الخارجية المصرية إن زيارة فهمي لموسكو تأتي أيضا في إطار ضرورة تنوع الخيارات المصرية حفاظا على سيادة القرار المصري بعد ثورة 30 يونيو. وردا علي سؤال حول ما إذا كانت مصر في طريقها لتغيير شكل علاقاتها الخارجية بدلا من الاتجاه إلى الغرب والاتجاه إلى دوائر أخرى، أوضح فهمي بقوله «سنتجه إلى دوائر خارجية كثيرة وسنقوم بتنمية ما لدينا من علاقات ونقومها إذا احتاجت إلى تقويم، وسنضيف إليها علاقات كانت موجودة تاريخيا ولم يتم استثمارها بشكل كاف، أو علاقات جديدة بالكامل»، مضيفا أن مصر لا تلعب لعبة المحاور و«لا نقصد بذلك استبدال طرف بطرف آخر»، وأن «ما يهمنا هو أن نتيح للحكومة والمواطن بمصر خيارات عديدة ليختار أفضلها في كل مرحلة حسب الموضوع وحسب الحاجة». وفي السياق نفسه، أكد الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي، أنه التقى السفيرة الأميركية لدى سويسرا، على هامش زيارته لجنيف الأسبوع الماضي، وقال إنه لمس خلال اللقاء تغيرا في الموقف الأميركي تجاه القاهرة، خاصة بعد تصريحات وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، بشأن استعدادها لزيارة مصر مرة أخرى ودعمها للتحول الديمقراطي الجاري في البلاد. وقال الوزير، في تصريحات نقلها المتحدث الرسمي للوزارة، هاني مهنا، إن الموقف الدولي تجاه القاهرة تغير كثيرا في الأيام الماضية، وأصبح أكثر تفهما لسعي مصر الحثيث نحو الديمقراطية الحقيقية المبنية على مدنية الدولة، واحتواء الطيف السياسي بكل توجهاته.
مشاركة :