أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراراً بإلزام شركة «برودكوم ليميتد» السنغافورية بوقف محاولتها الاستحواذ على شركة «كوالكوم» الأميركية؛ عملاق صناعة الرقائق الإلكترونية المتخصصة في تكنولوجيا نظم الاتصالات، وذلك لاعتبارات «تمس الأمن القومي الأميركي» على حد وصفه.وأعلن البيت الأبيض في بيان أن ترمب أصدر مرسوما حظر بموجبه صفقة الاستحواذ الضخمة، بعدما أخذ في الاعتبار توصية بهذا المعنى أصدرتها «اللجنة الأميركية للاستثمارات الأجنبية» التي قررت في مطلع مارس (آذار) الحالي النظر في هذا الاندماج، إثر تلقيها شكوى من «كوالكوم» تعترض فيها على أهداف منافستها.و«اللجنة الأميركية للاستثمارات الأجنبية» هيئة تضم مؤسسات أميركية كثيرة مهمتها النظر فيما إذا كانت هناك أي صفقة أو عملية استحواذ تهدد الأمن القومي للولايات المتحدة. ونقل البيان عن الرئيس الأميركي في معرض تبريره القرار أن «هناك دليلا قويا على أن هذه الصفقة تهدد بتقويض الأمن القومي للولايات المتحدة».يذكر أن تدخل الرئيس ترمب «المبكر» في الصفقة يعد أمرا غير طبيعي، لأن العادة جرت على أن ينتظر الرئيس الأميركي التوصل إلى اتفاق بين أطراف الصفقة، ثم يتخذ قراره بشأنها.وكانت القيمة المقدرة للصفقة تبلغ نحو 117 مليار دولار، إضافة إلى تحمل ديون بنحو 25 مليار دولار أخرى، مما يعني أن ترمب عرقل صفقة كان من شأنها أن تصبح الأكبر في تاريخ الصناعات التكنولوجية على الإطلاق.وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أمس الثلاثاء، إن تحرك ترمب يعد ذروة سلسلة تحركات ملحوظة من جانب الإدارة الأميركية التي تعكس تخوف المسؤولين في واشنطن من حرب محتملة بين الولايات المتحدة والصين حول التكنولوجيا المتطورة. وعدّت «اللجنة الأميركية للاستثمار الأجنبي»، وهي اللجنة المسؤولة عن التدقيق في الصفقات التجارية الأجنبية، أن محاولة «برودكوم» قد تكون لها آثار مترتبة على التنافس الأميركي - الصيني في المجالات التقنية، حتى وإن كانت الشركة تتخذ من سنغافورة مقرا لها.وأبدت اللجنة تخوفها من أن تعوق «برودكوم» الأبحاث وأعمال التطوير في «كوالكوم»، نظرا لسُمعتها في تخفيض النفقات، مشيرة إلى أن خطوة الاستحواذ من شأنها إضعاف المصنع الأميركي العملاق، ومن ثم إضعاف الولايات المتحدة، في مواجهة خصومها الأجانب الذين يسابقونها في تطوير تقنية الجيل الخامس، على غرار شركة «هواوي» الصينية.يذكر أن «كوالكوم» تنتج الرقائق الإلكترونية المستخدمة في كثير من الهواتف إلى جانب معالجات مختلف الهواتف الذكية، بما في ذلك تلك التي تعمل بنظام التشغيل «آندرويد». كما تعد الشركة الأميركية رائدة في مجال تطوير رقائق لتكنولوجيا الجيل الخامس من شبكات اتصالات الهاتف الجوال.ووفقا لـ«وول ستريت جورنال»، فقد سعت «برودكوم»، التي بدأت محاولاتها للاستحواذ من خلال شراء حصص المساهمين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى إعادة توطين نفسها في الولايات المتحدة لتفادي تقرير اللجنة، لكن أمرا رئاسيا من ترمب أنهى هذه المحاولة، معللاً قراره باعتبارات تخص الأمن القومي الأميركي.من جانبها، انتقدت الشركة الآسيوية؛ التي قالت إنها ستستثمر في الأعمال الخاصة بتقنية الجيل الخامس في «كوالكوم» حال إتمام الصفقة، قرار ترمب، مؤكدة عدم اتفاقها مع تبرير الرئيس الأميركي لرفضه صفقة الاستحواذ باعتبارات الأمن القومي. وكانت «برودكوم»، التي تتخذ مقرا لها في سنغافورة، أعلنت أول من أمس الاثنين، أنها ستنقل هذا المقر إلى الولايات المتحدة اعتبارا من 3 أبريل (نيسان) المقبل، في محاولة منها لتبديد مخاوف السلطات الأميركية، لكن قرار ترمب يبدو أنه سيجهض هذا التحرك أيضا نظرا لعدم جدواه.
مشاركة :