لا تعني قوة الولايات المتحدة الأميركية الشيء الكثير من دون شركاء لها في مكافحة الإرهاب بالمنطقة العربية، التي تعاني من صراعات مسلحة في أكثر من بؤرة تنشط فيها جماعات وتنظيمات مصنفة أميركياً على لائحة الإرهاب، حسب ما يرى مقال تحليلي لوكالة الأناضول. وأكد التحليل الذي كتبته إحسان الفقيه، التزام قطر بمكافحة الإرهاب من منطلق عضويتها في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة وبقية التنظيمات المتطرفة، التي تمارس نشاطاً إرهابياً عابراً للحدود الوطنية، وتقدم الدعم اللوجستي لعمليات التحالف، وبرهن التحليل على ذلك باستضافة الدوحة القيادة المركزية الأميركية في قاعدة «العُديد»، التي يتم من خلالها تنسيق مهام الهجمات الجوية والمراقبة والاستطلاع في الحرب ضد الإرهاب بكل من سوريا والعراق وأفغانستان. وقطر عضو مؤسس في «المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، الذي ينسق جهود ومبادرات ثلاثين دولة، بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، وسبق لها أن استضافت الاجتماع التنسيقي السابع للمنتدى، في مايو 2015. كما توجد في وزارة الداخلية في قطر لجنة لمكافحة الإرهاب، تضم ممثلين من أكثر من عشر وزارات ومؤسسات حكومية، لرسم سياسات مكافحة الإرهاب، وتلبية التزاماتها في محاربته، وفقاً للمواثيق الدولية، وكذلك المشاركة في المؤتمرات الدولية حول الإرهاب. وأفاد التحليل بأن الحكومة القطرية تتبع حزمة من الإجراءات والتدابير لتعزيز جهود منظمة الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب، ومعالجة الأسباب التي تؤدي إلى ظهور تنظيمات إرهابية، وذلك عبر دعم المشاريع التعليمية وتوفير فرص العمل للشباب. وأشار إلى أن التقرير السنوي حول جهود دول العالم لمكافحة الإرهاب لعام 2016، الصادر في يوليو 2017 -أي بعد الأزمة الخليجية بأكثر من شهر- قالت وزارة الخارجية الأميركية إن قطر «شريك كامل ونشط في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، ولعبت دوراً علنياً في التحالف، وقدمت دعماً معتبراً في تسهيل العمليات العسكرية بالمنطقة»، وأفاد التقرير الأميركي بأن قطر والولايات المتحدة احتفظتا بـ «شراكة قوية في الحرب ضد الإرهاب، عام 2016، وتعاونتا معاً لتعزيز تعاون إقليمي أكثر قرباً في مجال مكافحة الإرهاب، وتنفيذ القانون وسيادته». وتتهم دول الحصار قطر برعاية منظمات تصفها بـ «الإرهابية»، واستضافة قياداتها، مثل حركتي «طالبان» الأفغانية والمقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، لكنّ استضافة قيادات الحركتين كانت بطلب أمريكي، وفق تصريحات أدلى بها في يوليو 2017 لمجلة فرنسية، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، الجنرال ديفيد بتريوس، وهي تصريحات تعكس رؤية أميركية تعتبر قطر شريكاً أساسياً للولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وليست عدواً، وفق المنظور الأميركي للأمن القومي. وفي وقت مبكر من بدايات الأزمة الخليجية وقع وزيرا خارجية قطر والولايات المتحدة، في 11 يوليو 2017، «مذكرة تفاهم» لمكافحة تمويل الإرهاب، تعزيزاً لنتائج القمة الأميركية الخليجية في الرياض، مايو 2017، وتعد قطر أول دولة توقع مثل هذه المذكرة. وأكد وزير الخارجية الأميركي، وقتها، ريكس تيلرسون، في الأول من أغسطس 2017، التزام قطر «بتطبيق ما ورد في مذكرة التفاهم»، مع الإعراب عن قلقه «إزاء الأزمة الخليجية؛ لأنها تقوض جهود مكافحة الإرهاب». وتواصل قطر جهودها، بالتنسيق والتعاون مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، وشهدت واشنطن، في 30 يناير الماضي، جلسات حوار استراتيجي بين وزراء خارجية ودفاع قطر والولايات المتحدة، وركز هذا الحوار على الأزمة الخليجية وجهود مكافحة الإرهاب، ونتج عنه توقيع اتفاقيات ثنائية، لترسيخ العلاقات بين البلدين في المجالات الأمنية، ومواصلة الجهود المشتركة لضمان أمن واستقرار المنطقة، ووصف وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، قطر بـ»الصديقة»، التي ترتبط معها واشنطن بـ «شراكة دفاعية» قائمة منذ أمد بعيد، مؤكداً على «دعم قطر الثابت لوجود والتزام واشنطن بأمن المنطقة، بما في ذلك مشاركة المعلومات وتدريبات مكافحة الإرهاب»، وكان من نتائج الحوار الاستراتيجي الأمريكي القطري، نهاية يناير الماضي، اتفاق البلدين على تقوية الشراكة بينهما فيما يتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وبعد أسابيع من ذلك الحوار عقدت قطر شراكة استراتيجية مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لمقر الحلف في بروكسل، في السابع من مارس الحالي، وبذلك وضعت قطر نفسها في موقع الشريك الاستراتيجي في جهود الحرب ضد الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بفضل اتفاقية للتعاون العسكري والأمني بين الدوحة والحلف.;
مشاركة :