جورج ماغنوس* إدراكاً منه للمخاطر تولى شي بينغ شخصياً العام الماضي المسؤولية عن رفع درجة التنسيق التنظيمي ومكافحة كل أشكال الممارسات المالية المحفوفة بالمخاطر وفرض العقوبات على المضاربات عالية درجة المخاطر.في ظل انتعاش اقتصادي مرحلي قوي شهده عام 2017، وتحضيرات عقد مؤتمر الحزب التاسع عشر، أطلقت حكومة الصين برنامج متابعة وتدقيق حازم في القطاع المالي، وفرضت مزيداً من معايير تعزيز سيطرة الحزب على الإدارة التنفيذية للمؤسسات والشركات وعلى حياة مواطنيها. وقد نجحت في تبديد المخاوف بشأن أداء الاقتصادوأزمة الديون المتفاقمة مؤقتاً؛ لكن نظراً للدور الرئيسي، الذي تلعبه السياسة في مسار التطورات في الصين، فمن المرجح أن يكون لها القول الفصل في التحول الاقتصادي المنتظر.وللوقوف على أهمية المخاطر المالية، لا بد من التذكير بأن الأصول المالية والديون تضاعفت أربعة أضعاف خلال عقد من الزمن؛ لتبلغ 420 تريليون رنمينبي (66 تريليون دولار)، وارتفعت كنسبة من الناتج الإجمالي المحلي من 310 في المئة إلى أكثر من 510 في المئة، في حين لم يرتفع الناتج خلال نفس الفترة سوى بمقدار ضعفين ونصف. وكان التوسع السريع في العمليات الائتمانية مدفوعاً بالسياسة العامة وضعف التنظيم، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتغاضي هيئات التنظيم عنها، وانتشار أوعية إدارة الأصول المحفوفة بالمخاطر، وازدياد الإقراض غير التقليدي، وتضخم ودائع بنوك الظل، وانتشار صفقات التمويل والإقراض عبر الإنترنت.وإدراكاً منه للمخاطر التي تهدد الاستقرار المالي، تولى شي بينغ شخصياً، العام الماضي، المسؤولية عن رفع درجة التنسيق التنظيمي، ومكافحة كل أشكال الممارسات المالية المحفوفة بالمخاطر، وفرض العقوبات على المضاربات عالية درجة المخاطر. وقد أثار إنشاء لجنة الاستقرار والتنمية المالية، التي ربما يقوم ليو برئاستها وهي - عضو المكتب السياسي الجديد والمصلح وأحد مستشاري شي بينغ المقربين - اهتماماً كبيراً.ولا يزال الغموض يكتنف الكثير من جوانب النظام المالي الصيني حتى لو بقيت مخاطر سوق الأوراق المالية، ومخاطر نزيف رأس المال والديون التي تضخمت بين عامي 2015-2016، نائمة. وهناك تناقضات في أداء الدولة كشريك في القطاع المالي ومسؤول عن تنظيمه ومالك له. وما زال ضعف الانضباط المالي، وقوانين الموازنات الفضفاضة وضعف هيئات الإشراف أو تراخيها، منتشراً على نطاق واسع في الحكومات المحلية. ويسجل ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع زيادات مطردة، فضلاً عن طبيعة هيكل التمويل قصير الأجل للقروض المصرفية فيما بين البنوك، والموازين الختامية المنفلتة في المصارف الصغيرة ومنح الضمانات للمستثمرين بلا طائل، وفي جميع المناطق.واليوم هناك تباطؤ في توسيع العمليات الائتمانية، وقيود على مساهمة القروض في الاقتصاد جديرة بالثناء. فقد انخفض نمو الائتمان بشكل عام إلى حوالي 14 في المئة في أواخر عام 2017، وهو أدنى مستوى له منذ 28 شهراً. وتفيد التقارير بأن هناك مشاريع في مجال البنية التحتية قد توقفت أو ألغيت، كما أن المعاملات العقارية تتضاءل استجابة للقيود المفروضة على الرهن العقاري، وتراجعت مساهمة الاستثمارات الخاصة في التمويل. وفي حالة تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين ومع قيام مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة فإن الاقتصاد الصيني سوف يتأثر سلباً من الخارج أيضاً.و ظهرت مؤخراً مؤشرات على ارتفاع في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى نسبة 6.9 في المئة في نهاية عام 2017؛ لكن تشير بيانات أخرى إلى أن النمو قد يكون أقل بكثير من 6 في المئة. ومن الواضح أن أرقام الناتج المحلي الإجمالي المفبركة بعناية لا تكشف شيئاً عن التقلبات الاقتصادية في التوقيت الفعلي، ولا عن التقلبات المحتملة في السياسة.وهذا أمر مهم للمستثمرين وللمراقبين المهتمين بالشأن الصيني. فتأثير الصين على انخفاض أسعار السلع الأساسية عالمياً بعد عام 2011 وارتفاعها بعد عام 2016، على سبيل المثال، ليس واضحاً في إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي الرسمية.قد يكون لتشديد الرقابة المالية الحالي ميزات فريدة من نوعها؛ لكنه استجابة نموذجية لانتعاش ملحوظ أسيء تقديره. فهذه المرة بقيت أسعار الفائدة ثابتة بدل أن تحلق، ولم يكن هناك أي ضغوط في الأسواق، بينما تعرض المقرضون غير الرسميين، إلى جانب مقرضي الإنترنت وبنوك الظل وشركات التمويل لضغوط محدودة. والجميع يكتنز نقوداً فوق حاجته والسيولة وفيرة. وقد تم ترحيل مشاكل منصات الاقتراض الحكومية المحلية التي تؤجل مدفوعات خدمة الدين أو تواجه صعوبات مالية في العادة.ولا تريد الحكومة خنق الائتمان إذا كانت كلفة ذلك انخفاضاً حاداً في النمو؛ لكن في ظل مستويات الديون والمخاطر المالية الأعلى وتدني طاقة الإقراض إلى أدنى مستوياتها التاريخية، من غير المؤكد أن هذا التوازن يمكن أن يستمر طويلاً. ومن المحتمل أن تستمر الحملة حتى تشير الأرقام الاقتصادية إلى أن الوقت قد حان للتراجع. وسجل الصين حافل بالانتظار في مختلف القضايا. *باحث زميل في جامعة أكسفورد - مركز الصين
مشاركة :