براهم لـ المدينة : السعوديون قادرون على التخلص من الإرهاب بالاعتماد على خبرائهم

  • 11/4/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتجلى أهمية التنبؤ بالأحداث المستقبلية لدي المفكرين بأنهم لا يفكرون في الحاضر فقط، بل الماضي والحاضر هما وسيلتهم وهذه الأطروحة يتبناها المفكر التونسي والباحث في الحضارة العربية والإسلامية، سامي براهم في كتابه «الدين والسياسة بين تهافت العلمانيين وقصور الإسلاميين» أفكار براهم أثارت الكثير من الجدل على كل الأصعدة لجرأة المضمون الذي يقود إلى طرح العديد من الأسئلة بداية باستنتاجه عما كتبه قبل الثورة إلى حين حلول سنوات التكفير الإرهاب الداعشي، ويورد براهم بأن هناك أسئلة دائمة تطرح على الضمير التونسي، لها علاقة بالإرهاب وتجديد الفكر الإسلامي وحوار الأديان، بالآخر، مشيرا إلى أن هذه الأسئلة كانت ستطرح سواء حصلت ثورة في تونس أو لم تحصل لذلك آل على نفسه أن يجيب بحثيا عليها ويطرحها بكل قوة في الجدل السياسي، وفي المجلس التأسيسي، الذي كان يتواصل مع أعضائه لإعانتهم على تمثل عدد من المسائل التي طرحت في كتابه مثل قضية الكونية والخصوصية، قضية الحرية، قضية التكفير، وغير ذلك، لكن راهنتيها تجعلها كأنها كتبت لهذه الفترة ونفتح معه باب الحوار بسؤاله عن.. * هل يجب فصل الدين عن السياسة؟ بل فصل السياسة عن القداسة، إذا كان بإمكانك أن تستثمر مرجعيتك الدينية من أجل دعم مسار الحرية والكرامة والعدالة والاستقرار فأنت تستثمر مرجعيتك لاستثمار مدني، الإشكال ليس في أن يكون لك مرجعية دينية، الإشكال في أن تسحب قداسة المرجعية على الشأن السياسي، أن تدعي أن برنامجك السياسي لأنه يصدر عن مرجعية إسلامية هو كذلك مقدس لذلك اعتبرت في أحد فصول هذا الكتاب أن المفهوم الحقيقي للعلمانية ليس الفصل بين الدين والسياسة، لكن الفصل بين السياسة والقداسة أن لا نضفي القداسة على اجتهادنا السياسي إذا تمكنا من ذلك فنحن مدنيون وعلمانيون حتى وإن كنا نصدر عن مرجعية دينية. * ماذا أردت أن تقوله في كتابك الثاني «نقد العقل الأصولي»؟ حاولت في هذا الكتاب أن أشتغل على أخطر علم من العلوم الإسلامية، هو علم إسلامي صميم ليس فيه تأثر بأي مجال معرفي من الخارج هذا العلم هو خطير لأنه يضبط قواعد تأويل النص المؤسس واستنباط الأحكام، وأنا من خلال نشاطي في المجتمع المدني اكتشفت أن كل القضايا الخلافية بين التيار الإسلامي وما يسمى بالتيار الحداثي أو الديمقراطي والعلماني لها علاقة بتأويل ما للنص. * كيف تنظر للوعي الديني عند التونسي؟ التونسي وريث حركة إصلاح ديني، حركة تنوير عنوانها المقاصد، عنوانها التنوير، التونسي وعيه الديني فيه مواطن قوة، وكذلك فيه مواطن ضعف، المشكل أن دولة الاستقلال عوضًا أن تستأنف حركة الإصلاح الديني وأن تراكم على هذه الحركة أثرت أن تنقطع جزئيا مع هذه الحركة، تبنت مطالب حركة التنوير ولم تستمر في التنوير منذ أن أغلقت الجامعة الزيتونية باعتبار أنها جامعة لها بعد شعبي مفتوحة على عموم الناس واستبدلها بجامعة أخرى ضيقة لها فرع في العاصمة فقط، لذلك لم يقع استئناف حركة الإصلاح الديني، لكن اليوم يمكن استئناف حركة الإصلاح والتنوير، خاصة أن هناك معطيات تشجع على ذلك، اليوم كل الطبقة السياسية وكل النخب الفكرية تريد أن تستأنف حركة الإصلاح الديني وتتبنى المقاربة المقاصدية التنويرية، هناك اليوم حديث عن إسلام تونسي معالمه غير واضحة لكن أصوله واضحة هناك مدرسة حقيقية، مدرسة تونسية في الفقه في الأصول في علم الكلام في التأويل يمكن لهذه المدرسة لو استأنفت أن تكون تونس حقيقة منطلقا لنهضة عربية إسلامية جديدة. *لم تراجعت النخبة الحداثية والتنويرية في القيام بدورها مما استفحل التطرف الديني والإرهاب في تونس؟ الإشكال أن في الفترة التي سبقت الثورة أن نظام الاستبداد يحول بين النخب وبين عموم التونسيين كانت كل الطاقات البشرية موجهة للدفاع عن حقوق الإنسان، كانت المسألة الحقوقية مسألة غالبة وتحتل أكبر حيز من مشغل النخبة الثقافية، لكن هذا لا يعني أن الجامعة التونسية غير منخرطة في فعل التنوير، لكن منخرطة في إطار نخبوي ضيق مع الطلبة مع الجامعيين مع الأكاديميين، بينما كان عموم الشعب التونسي أعزل وجه لوجه مع خطاب التطرف والتشدد، لذلك ولدت الظاهرة السلفية بشقها العلمي والجهادي وهي ثمرة طبيعية لفترة الاستبداد التي همشت الاستثمار في الثقافة، في المعرفة الإسلامية، كان من الطبيعي أن يكون هناك تيار متشدد في غياب مرجعية دينية تونسية في حضور سياسة تجفيف المنابع، تجفيف منابع التدين، كان من الطبيعي عندما لا يجد الشباب مرجعية دينية تونسية وجد مرجعية خارج السياق الثقافي التونسي تأثر بالفضائيات، تأثر بما يكتب، أصبح جزءًا عضويًا من حركات الجهاد العالمي في غفلة من المجموعة الوطنية. * هل وجدنا الحل في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب؟ المشكل أن التحالف الدولي أن كل طرف يشارك فيه وعيناه على هدف من الأهداف،عندما تكون الأهداف متجانسة حقيقة سيتم القضاء على داعش، وإعادة العراق إلى الديمقراطية وإلى تقرير مصيره بعيدا عن التنازع الطائفي والإرهاب وعندها نقول التحالف حقق ما نرغب فيه أنا أنصح إخواني السعوديين نصيحة مخلصة لأن المملكة العربية السعودية هي القلب النابض للأمة العربية منذ الملك فيصل، رحمه الله، أن يعتمدوا على آراء الخبراء والباحثين السعوديين وعلى مراكز البحث ذات الطابع الاستراتيجي لديهم ليقدموا الحل الدقيق واستشراف المستقبل لتنوير أصحاب القرار السياسي إلى حين نتخلص من الإرهاب والتطرف. * كباحث في الحضارة العربية والإسلامية كيف نوقف دعم المنظمات الإرهابية حسب رأيكم؟ لابد من تحديد مصادر هذا الدعم، أجواء التوتر التي مرت بها تونس الانقسام الحاد الذي حصل داخل الطبقة السياسية وخاصة شركاء النضال ضد الاستبداد وفر مناخًا تغذت منه هذه التيارات العنيفة الإرهابية، لكن كذلك هناك مصادر تمويل لابد من البحث عن مأتاها، هناك مصادر تمويل مالي أجنبي، وهناك مصادر إسناد فكري، هناك كتب تقرأ، هناك محاضرات تلقى على اليوتيب، هناك كتب تكتب للتونسيين بشكل مباشر، أنا مثلا أنتمي إلى وحدة بحث السلفية بالمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية من الأشياء، التي صادفناها أن هناك مجموعات من التيار السلفي تتواصل عبر «السكايب» مع مشايخ بشكل مباشر يطرحون عليهم أسئلة تهم الشأن التونسي وهم يجيبون عن الشأن التونسي، أشير مثلا إلى هاني السباعي وهو أحد الذين يجيبون عن أسئلة التونسيين ويفتون لهم هو خارج تونس لا يعرف شيئا عن الشأن التونسي ومع ذلك يسمح لنفسه بأن يفتي لتونسيين في مسائل تهم السياسة وتهم العمل الدعوي، يعني قطع هذه المصادر الإسناد المالي والسياسي والفكري هو الذي سيجعل هذه التيارات تندمج في الواقع التونسي ـ عموما الطبقة السياسية في تونس أصبح لها قناعة أن المعالجة الأمنية ليست وحدها كافية لمعالجة هذه الظاهرة، نحتاج إلى معالجة أمنية ثقافية سياسية، إصلاح المنظومة التربوية، الإعلام، الإصلاح الاقتصادي، يعني جزء من هذه الظاهرة وراءها أسباب اجتماعية، اليوم خريطة التهميش الاجتماعي هي نفسها تقريبا خريطة الإرهاب وخريطة التطرف، هناك العديد من العوامل المتداخلة في علاقة بهذه الظاهرة منها هشاشة الدولة بعد الثورة، كل ما ذكرناه هو الكفيل لا فقط بالتصدي لهذه الظاهرة لكن بإعادة إدماج هذه الظاهرة ضمن مشروع وطني، وفي أدنى الحالات بواقعية الشباب، الذي لديه قابلية ليكون جزءا من هذه الظاهرة حتى لا يقع استدراجه إليها، اليوم ربما بعض الذين انتموا من الصعب إعادة إدماجهم في المشروع الوطني لكن على الأقل الذين هم مشروع انتماء ومشروع إرهابيين على الأقل يمكن حمايتهم وإنقاذهم من أحضان الإرهابيين وفكرهم المتطرف. * كيف يمكن مواجهة اليات الفكر الداعشي المتطرف في واقعنا العربي؟ يمكن أن نعتبر داعش ردة فعل قاسية متوحشة غرائزية على ما يسمونه «المنظومة الاستبداد»،هذا طبعا ليس تبريرا، بل نحاول أن نفهم هذه القسوة التي يتعامل بها الداعشيون مع الإنسان، قطع الرؤوس كيف نفهمه؟ أكيد هناك تأويل ما «مغلوط وخاطئ» للنص الديني وعلينا ألا ننسى أن الغزو الأمريكي للعراق أدى إلى ملايين القتلى، لذلك هناك» قسوة مقابل قسوة،» وكله خاطئ وغير مقبول اليوم المفروض أن النظام العربي الجديد سواء الأنظمة، التي أحدثت فيها هذا الحراك الثوري رجة أو الأنظمة التي بقيت تراقب الوضع مطالبة بإصلاحات تتلاءم مع نسقها الثقافي والسياسي والاجتماعي، وأن تضخ شحنات كبيرة من حقوق الإنسان هذا في تقديري الضامن الأساسي لقطع دابر الإرهاب والتطرف، وعلى أحلام الفكر الداعشي المؤمن بشرعية تغير المجتمع دون اختيار الإرادة الشعبية أو عبر إرادته، وهذا أخطر من قطع الرؤوس، وأخطر من انتهاكات حقوق الإنسان أن يكون لديك قناعة أن توجهك إلى إقامة منظومة سياسية دون أن تمر عبر إرادة الناس هذا خطير، حتى الفقه السلطاني القديم متقدم على هذه الرؤية يعني أن تكون دولة الخلافة قائمة على الإرادة العامة تعكس الرضا الطوعي للإرادة العامة يعني هم أعطوا لنفسهم الشرعية لإقامة دولة لا تعكس الإرادة العامة.

مشاركة :