مع دخول حرب سورية عامها الثامن، شهدت غوطة دمشق الشرقية المحاصرة منذ عام 2013 أكبر عملية نزوح جماعي في يوم واحد تحت القصف والغارات، في مأساة جديدة تزامنت مع سيطرة قوات الرئيس بشار الأسد على بلدة حمورية. في ظل مواصلة قوات الرئيس السوري بشار الأسد هجومها الدامي لاستعادة السيطرة على آخر معقل للمعارضة قرب دمشق، فرّ الآلاف من الغوطة الشرقية تحت القصف والغارات، في واحدة من أكبر عمليات النزوح منذ انطلاق شرارة النزاع الذي دخل عامه الثامن، بحسب التلفزيون الرسمي والمرصد السوري لحقوق الإنسان، بينما فرّ 30 ألف مدني من وجه الهجوم التركي على عفرين. ووفق مدير المرصد رامي عبدالرحمن، فإن أعداد النازحين تصاعدت إلى أكثر من 12500 مع قدوم مئات المدنيين من بلدات ومدن جسرين وكفربطنا وزملكا ومناطق أخرى، مؤكداً أن قوات النظام اقتحمت بلدة حمورية ليل الأربعاء- الخميس وتمكّنت من فرض سيطرتها عليها ظهر أمس، بعد انسحاب «فيلق الرحمن»، ثاني أبرز فصائل المنطقة منها. وأشار المرصد إلى أن القصف الجنوني لقوات النظام، الذي لم يتوقف منذ أيام أوقع قتلى لا تزال جثثهم في الطرقات، لأن فرق الإنقاذ لم تتمكن من الوصول إليهم، ليرتفع بذلك عدد ضحايا الحملة الدموية المستمرة منذ 18 فبراير إلى أكثر من 1220 مدنياً بينهم 248 طفلاً. وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي حشوداً من المدنيين ومعظمهم من النساء والأطفال يحملون أغراضهم وحقائبهم، يغادرون المنطقة المحاصرة سيراً على الأقدام، وآخرون على متن دراجات نارية وسيارات. وبعد حمورية، باتت قوات النظام تسيطر على أكثر من 70 في المئة من مساحة الغوطة، التي تمكنت من تقسيمها إلى 3 جيوب، دوما ومحيطها شمالاً تحت سيطرة «جيش الاسلام» أكبر فصائل الغوطة، وجيب ثان جنوباً تحت سيطرة الفيلق وجبهة النصرة سابقاً، إضافة الى حرستا المقسمة بين حركة «أحرار الشام» والنظام. ثالث هجوم واتهمت المعارضة، وفق شبكة «شام» الإخبارية، النظام مجدداً باستخدام السلاح الكيماوي للمرة الثالثة خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلى إصابة 20 مدنياً بحالات اختناق جراء استهداف حمورية بصواريخ عدة محملة بغازات سامة. ودخل أمس النزاع المدمر، الذي بدأ في منتصف مارس 2011 بحركة احتجاجات شعبية ضد نظام الأسد تم قمعها بالقوة، وتطورت إلى حرب دامية ومتعددة الأطراف قتل خلالها أكثر من نصف مليون شخص إضافة إلى إصابة واختفاء الملايين، وفضلاً عن تشريد نصف الشعب في الداخل والخارج، عامه الثامن. مساعدات غذائية وفي اليوم الثالث لعملية إخراج مرضى ومصابين من الجيب الخاضع لسيطرة «جيش الإسلام» إلى مراكز إيواء برعاية وإشراف الأمم المتحدة والهلال الأحمر، دخلت قافلة مساعدات غذائية جديدة أمس، إلى الغوطة، التي تعاني نقصاً فادحاً في المواد الغذائية والطبية. وتوجهت القافلة إلى دوما أكبر مدن الغوطة، بحسب المسؤول الإعلامي باللجنة الدولية لصليب الاحمر بافل كشيشيك، الذي أوضح أنها تضم 25 شاحنة مخصصة لنحو 26100 شخص. منطقة آمنة وفي أنقرة، شدد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن على أن بلاده لا تعتزم تسليم منطقة عفرين إلى نظام الأسد بعد استكمال السيطرة عليها وطرد وحدات الحماية الكردية منها، مشيراً إلى أنها ستقيم مع الولايات المتحدة «منطقة آمنة» حول مدينة منبج إذا أوفت بوعودها. وقال كالن لقناة «تي.آر.تي»، الرسمية، إن القوات التركية والمسلحين السوريين المشاركين في عملية «غصن الزيتون» تمكنوا من «بسط الأمن في 70 في المئة من عفرين وضيقوا الخناق على الإرهابيين، ونتوقع تطهير مركز المدينة كلياً خلال فترة قصيرة جداً». وعن احتمال حدوث تغيير في إطار المباحثات التركية- الأميركية بشأن منطقة منبج بعد إقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وتأجيل زيارة نظيره التركي مولود جاويش أوغلو المقررة إلى واشنطن من الاثنين إلى أجل غير مسمى، اعتبر كالن أن «التخلي عن الإطار المتفق عليه أمر غير وارد». «أستانة 9» سياسياً، بدأت في كازاخستان أمس الجولة التاسعة من «مسار أستانة» بلقاءات اللجان التقنية الثنائية والثلاثية بين وفود تركيا وروسيا وإيران، قبل الاجتماع الوزاري اليوم بين وزراء خارجية الدول الضامنة لاتفاق لخفض التصعيد، وهم التركي مولود جاويش أوغلو، ونظيراه الروسي سيرغي لافروف والإيراني جواد ظريف، بمشاركة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا. وتتضمن أجندة اللقاءات التقنية، بحسب مصادر مشاركة في الاجتماعات، مناقشة البيان الختامي، وعمل تقييم لما حصل العام الماضي من اجتماعات، وتناول موضوع مناطق خفض التصعيد والخروقات فيها، وبشكل خاص في إدلب والغوطة. كما تشهد الاجتماعات التقنية عقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل حول المعتقلين والمختطفين، إذ جرى إقرار تشكيل هذه المجموعة في اجتماع أستانة 8 في ديسمبر الماضي. وتشهد اللقاءات التقنية أيضاً متابعة نتائج مؤتمر سوتشي، الذي عقد نهاية يناير الماضي، وتمخض عن تشكيل لجنة دستورية تساهم في العملية السياسية، تشمل النظام والمعارضة. التزام ثلاثي وحددت وزارة الخارجية التركية 4 أبريل موعداً لقمة إسطنبول، التي ستجمع الرئيس رجب طيب إردوغان مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين وإلإيراني حسن روحاني لمناقشة النزاع السوري ومساعي التوصل إلى حله. بدورها، أكدت وزارة الخارجية الروسية التزامها بعملية أستانة لإعادة السلام والاستقرار إلى سورية، معتبراً أن لافروف وجاويش أغلو وظريف يؤكد ثبات الدول الثلاث في سعيها إلى تطوير التعاون وتوطيد العملية التفاوضية الرامية إلى تجاوز النزاع على أساس مراعاة مصالح جميع المواطنين السوريين. ووصفت الخارجية عملية أستانة بأنها «آلية مهمة لتحقيق التسوية من خلال مباحثات مباشرة بين الحكومة والمعارضة وبلورة مناطق خفض التوتر وتشكيل لجنة عمل للإفراج عن الأسرى والمحتجزين والبحث عن المفقودين وتسليم جثث الضحايا وبلورة مبادئ لنزع الألغام».
مشاركة :