في وقت تجنبت روسيا، قبل أيام من تنظيمها انتخابات رئاسية مقررة الأحد المقبل، فتح مواجهة كبيرة مباشرة مع الغرب في قضية اتهام لندن وحلفائها إدارة الرئيس فلاديمير بوتين بتنفيذ جريمة تسميم عميل الاستخبارات الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في بريطانيا في 4 الشهر الجاري، واكتفى مجلسها للأمن القومي بإبداء قلقه البالغ من الموقف «الاستفزازي والهدام» الذي تتخذه لندن، نفّذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أولى عقوباتها على شخصيات روسية اتهمتها بمحاولة التأثير على نتيجة الانتخابات الرئاسية عام 2016، والضلوع في هجمات معلوماتية أخرى، بينها محاولة قرصنة نظام توزيع الطاقة. واستهدفت عقوبات واشنطن 5 كيانات و19 فرداً قررت تجميد أصولهم وحظر تعامل شركات أميركية معهم. وأوضح وزير المال الأميركي ستيف منوتشين أن الإدارة التي أثيرت تساؤلات عن رغبتها الحقيقية في تطبيق عقوبات ضد موسكو، «تواجه وتتصدى لنشاطات معلوماتية روسية». وفي قضية الجاسوس سكريبال، لمّح وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إلى إمكان استهداف الشرطة البريطانية أغنياء «فاسدين» من روسيا بتهم تتعلق بحيازتهم ثروات لا تفسير لها، وذلك غداة إعلان لندن أنها ستطرد 23 ديبلوماسياً روسياً على خلفية القضية، في وقت رد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بأن «موسكو ستعلن قريباً طرد ديبلوماسيين بريطانيين رداً على إجراءات لندن التي خرجت عن المألوف». وعلّق على تأييد برلين وباريس وواشنطن مزاعم لندن في شأن تسميم الجاسوس بسم غاز «نوفيتشوك» للأعصاب الذي كان معروفاً في حقبة النظام السوفياتي السابق، بأن «الأوروبيين يتصرفون في شكل أكثر تحفظاً، لكنهم مجبرون أيضاً على المضي أحياناً في ما يسمى تضامن الحلف الأطلسي» (الناتو). وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيتخذ خلال أيام إجراءات للرد على الهجوم الذي «توحي كل معلوماته بأنه يمكن نسبه إلى روسيا»، في حين كان كل من المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الأميركي، أعلن أنه يتعامل بجدية مع وجهة نظر حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في شأن تنفيذ روسيا للعملية. وخلال جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن، حصلت بريطانيا على دعم غربي كامل، خصوصاً من الولايات المتحدة، في أزمتها الديبلوماسية المتفاقمة مع روسيا. وتبنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي بالكامل الاتهام الذي وجهته بريطانيا لموسكو. وطالبت بلهجة لاذعة روسيا بـ «التعاون الكامل مع تحقيقات بريطانيا، وكشف حقيقة برنامجها الكيماوي». وأشارت إلى أن روسيا «لا تعبأ باستخدام الأسلحة الكيماوية المحظورة دولياً، وهو ما عبّرت عنه عبر استخدامها حق النقض (فيتو) في حماية نظام الأسد الذي استخدم هذا السلاح ضد شعبه، ونسفها آلية التحقيق الدولية في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية». ورد السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا برفض الاتهامات البريطانية «التي أُطلقت بلهجة إمبريالية استعمارية ومتعالية»، مؤكداً أن موسكو «ترفض أن تخاطب بإملاءات». واتهم بريطانيا بعدم التقيد بنظم الاتفاق الدولي لحظر الأسلحة الكيماوية التي «تنص على تقديم استفسارات وتلقي المعلومات وفق آلية لا تحصل خلال ٢٤ ساعة»، في إشارة إلى المهلة التي منحتها بريطانيا لروسيا من أجل تقديم ردود على قضية التسميم. ورفض ما أعلنته ماي عن امتلاك روسيا وحدها غاز «نوفيتشوك»، وقال: «دمرنا مخزون هذا الغاز، فيما لا تزال الولايات المتحدة وبريطانيا تملكانه». وقال إن موسكو طلبت الحصول على عينات وإجراء تحقيق مشترك مع بريطانيا، و»هو ما قوبل بالرفض».
مشاركة :