الأردن تعلم الدرس الاقتصادي: ماذا يعني التعامل مع تركيا

  • 3/16/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عمان – أخيرا قررت الحكومة الأردنية الاستجابة لنداءات الأوساط الاقتصادية في البلاد بإعلان تجميد العمل باتفاقية للتجارة الحرة مع تركيا، بعد إدراك الثمن الباهظ الذي تدفعه منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2011. وأشارت في بيان إلى أن سبب القرار يكمن في أن الاتفاقية “ساهمت في ارتفاع العجز في الميزان التجاري لصالح الجانب التركي”. وقال ينال برماوي الناطق الرسمي باسم وزارة الصناعة والتجارة إن الأردن سيعيد إخضاع السلع التركية المستوردة للرسوم الجمركية عند سريان القرار بعد  6 أشهر من تجميد اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. ورحبت الأوساط الاقتصادية بالقرار وأكدت أنه “سيرفع الظلم عن الصناعات الأردنية التي تضررت بشكل كبير واضطر كثير منها إلى الإغلاق بسبب إغراق السوق بالبضائع التركية”. ويأتي القرار بعد ضغوط من حملة “صنع في الأردن” التي شاركت فيها أوساط اقتصادية وصناعية وتجارية وزراعية لإقناع الحكومة بتجميد الاتفاقية، التي قالوا إنها تخدم الجانب التركي فقط وتفاقم الخلل في الاقتصاد الأردني. وقال رئيس الحملة موسى الساكت إن “القرار رفع الظلم الواقع على الصناعة الأردنية” ودعا الحكومة إلى “دراسة الأثر الاقتصادي لجميع الاتفاقيات المنوي التوقيع عليها مستقبلاً وأخذ رأي القطاع الصناعي قبل التوقيع”.   استيقظت الحكومة الأردنية هذا الأسبوع على الثمن الباهظ الذي تدفعه بسبب اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، بعد أن أدت إلى تداعيات قاسية على الاقتصاد. والتحقت عمان بدول كثيرة سبق أن تراجعت عن اتفاقات مع أنقرة بسبب تأثيرها على النشاط الاقتصادي من خلال إغراق الأسواق بالبضائع التركية الرخيصة وكانت الاتفاقية قد فتحت منذ 7 أعوام أبواب حركة السلع بين البلدين دون رسوم جمركية، لكنها صبت في صالح تركيا دون أن يجني الجانب الأردني أي مكاسب منها. ويشير مراقبون إلى أن دولا كثيرة مثل تونس والمغرب وبلدان غربية انتبهت لخطورة فتح الأبواب التجارية مع تركيا بعد أن أدت إلى اتساع العجز التجاري مع أنقرة لتعود إلى إيقاف إغراق الأسواق بالبضائع التركية. ويرى محللون إن عناوين الأخبار كانت تركز على إغراق البضائع الصينية وتغفل ما تمثله البضائع التركية من خطر أكبر حين تغزو الأسواق وخاصة في الدول النامية. وتلقي الأوساط الاقتصادية والشعبية في الأردن باللوم على الاتفاقية في تفاقم البطالة بسبب إغلاق الكثير من المشاريع نتيجة غزو البضائع التركية. وأكدت حملة “صنع في الأردن” إن تلك الاتفاقية كانت جائرة بحق الصناعة الوطنية. وقال الساكت إن عمان طلبت من أنقرة تسهيل دخول البضائع الأردنية للسوق التركية لكنها لم تستجب ولم تعوض فارق التبـادل السلعي باستثمارات تركية في الأردن. وأوضح أن الصادرات التركية إلى الأردن زادت بشكل كبير خلال الأعوام العشرة الأخيرة لتصل إلى 607 مليون دولار خلال العام الماضي في حين بلغت صادرات الأردن إلى تركيا نحو 92 مليون دولار فقط في نفس العام. وقال إن الصناعة الأردنية كانت تعاني من ظلم كبير بسبب الاتفاقية، خاصة أن الظروف الاقتصادية والصناعية لدى الجانب التركي تختلف عن نظيرتها الأردنية من حيث تكاليف الانتاج والدعم المقدم للمصنعين الأتراك في أجور الشحن. وأشار رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عمر أبو وشاح إلى أن القطاع الصناعي قدم للحكومة دراسة متخصصة تظهر أن الاتفاقية ليست في صالح الصناعة الوطنية، في ظل المنافسة الشديدة من المنتجات التركية. الحكومة الأردنية: الاتفاقية ساهمت في ارتفاع العجز في الميزان التجاري لصالح الجانب التركي وأكد مدير غرفة صناعة عمان نائل الحسامي أن قرار الحكومة جاء بعد مطالب استمرت عدة أعوام، تضرر خلالها المنتج الأردني. وذكر أن المنتجين الأتراك يتمتعون بدعم حكومي يرجح كفة المنافسة لصالحهم. وأوضح أن قرار وقف الاتفاقية سيؤدي إلى العودة للبنود الجمركية الأصلية حين يدخل حيز التنفيذ بعد 6 أشهر من تاريخ اتخاذ القرار من أحد الطرفين وفق نص الاتفاقية. وتشكو دول أخرى مثل تونس من الميزان التجاري المختل مع تركيا. وتصاعدت النداءات لاتخاذ إجراءات عاجلة لوقف النفوذ الاقتصادي التركي الذي يربك النسيج الهش للاقتصاد التونسي. وبلغ العجز التجاري التونسي مع تركيا العام الماضي نحو 760 مليون دولار. ويقول خبراء تونسيون إن التبادل التجاري يتم في اتجاه واحد ولصالح طرف واحد هو الطرف التركي، لدرجة أن الضرر طال قطاعات تونسية كانت إلى وقت قريب من القطاعات المهمة لخزينة الدولة وفي مقدمتها قطاع النسيج. وأكدوا أن الغزو التركي لسوريا لم يكن سياسيا في البداية، وأن غزو البضائع التركية قبل سنوات طويلة من اندلاع الحرب أدى إلى تخريب النسيج الاقتصادي عبر الاستيلاء على الأسواق وضرب الإنتاج الزراعي والصناعات الخفيفة. وتقود تركيا حملة بحث عن أسواق بديلة في الدول النامية بعد تضرر علاقاتها مع الدول الغربية ومعظم الدول العربية بسبب أجندات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ودعمه لجماعات الإسلام السياسي. ويبدو أن تلك الدروس لم تصل إلى دول مثل السودان والجزائر وموريتانيا التي فتحت أبواب الاقتصاد لأنقرة بعد زيارات قام بها أردوغان إلى تلك البلدان.

مشاركة :