لست من متابعي مباريات الكرة، وبالتالي فإني لا أشجع ناديا دون غيره، إلا أني مع ذلك استأت حين هزم فريق الهلال في مباراته مع الفريق الأسترالي، لأن الهلال هذه المرة يتنافس مع فريق أجنبي خارج الإطار الوطني، وكنت أود فوزه ليس لرفع صيت الهلال أو للتباهي على منافسيه من الأندية المحلية وإنما لكون فوز الهلال يرفع صيت المملكة في عالم الكرة!! من هنا، كنت أستغرب كثيرا من منافسي الهلال الذين كانوا يعلنون على الملأ أمنياتهم بهزيمته، شعرت أنهم يتصرفون بعاطفة طفولية، تتركز فيها كمية عظيمة من الأنانية، إن لم يكن الفوز لناديهم الذي يشجعونه فليكن (للأجنبي)، نكاية بالمنافس لهم، لو كان منافسو الهلال أكثر نضجا لأدركوا أن فوزه فوز للمملكة، فحين يقال (فاز الفريق السعودي ضد الأسترالي) فإن ذلك الفوز يعود للمملكة قبل أن يعود لفريق الهلال نفسه. وفوز المملكة يفترض أن يسر الجميع وأن يفخروا به. كنت إلى وقت قريب أظن أن المثل العامي الذي يقول: (أنا وأخويا على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب) مثل صادق في تعبيره عن الانتماء، فالإنسان يتعدد في انتماءاته، ينتمي لأسرته الصغيرة، ولأسرته الكبيرة، ولأصدقائه، ولبلدته التي نشأ فيها، وللمدرسة التي تعلم فيها، والجامعة التي تخرج منها، والنادي الذي يشجعه، وغير ذلك، وهذه الانتماءات تتفاوت في قوة تأثيرها عليه فهو يقدم بعضها على بعض، لكنه قطعا، متى ما تعرض أي منها لموقف يتطلب مساندته ضد طرف غريب سرعان ما يبادر إلى نصرته، فيصف إلى جانبه يدعمه ويحفزه ويطلب النصر له، لأنه بسبب ما يحمله في أعماقه من انتماء له يجد نفسه يتماهى فيه ويرى في نصره نصرا له. لكن جماهير الكرة عندنا، عندما تمنوا هزيمة الهلال كانوا يساندون الفريق الغريب، فقلبوا المثل رأسا على عقب، فأبطلوا صدقه تماما. ألم يكن بإمكان جماهير الكرة أن يقفوا جميعهم خلف الهلال ليدعموه ويحفزوه، لأنه فريق وطني يباري فريقا أجنبيا، ومتى هزمه الأجنبي، كانت الهزيمة تمسهم جميعا وليس الهلال وحده، فالهزيمة تعني عدم فوز بلدهم. الهلال لم ينهزم، نحن الذين انهزمنا حين فقدنا فرحة الزهو بفوز الفريق السعودي على الفريق الأجنبي؟.
مشاركة :