صباح الخير يا عرب

  • 9/17/2013
  • 00:00
  • 19
  • 0
  • 0
news-picture

خلال الحرب العالمية الثانية تفشت بين الدول المتحاربة موجات من العداء الصريح الناتج عن التمييز العنصري، والذي بلغ درجات من العنف لم يسبق تكرارها في التاريخ. فقد قامت كل من روسيا وألمانيا باجتياح بولندا بوحشية واقتسام أراضيها، وقام الاتحاد السوفيتي بجرائم ضد الإنسانية بإقدامه على إعدام الآلاف من أسرى الحرب البولنديين في مجزرة مريعة عرفت تاريخيا بمجزرة كاتين. ومن ناحية أخرى قام هتلر النازي بإعدام قرابة ستة ملايين يهودي داخل أنواع مختلفة من المحارق والتي عرفت إعلاميا بالهولوكوست، كما أن شهر العسل بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي سرعان ما انتهى وانقلب الحليفان على بعضهما البعض عندما قام هتلر في خطوة حمقاء بغزو الدب الأحمر والذي قام بالرد عليه وتحالف مع دول الحلفاء وقاموا معا بدك الحصون الألمانية في عملية إبادة لملايين الألمان، وخلال تلك الأحداث أو قبلها بقليل قام الإيطاليون بغزو ليبيا وقتل قرابة المليون من أبنائها،كما أباد الفرنسيون قرابة مليون جزائري قبل أن يقوم هتلر بمهاجمة فرنسا وابتلاع كامل أراضيها كالثعبان وقتل عشرات الآلاف من أبنائها أيضا. وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وانحسرت موجات العنف الجنوني الذي اجتاح العالم خلال سنواتها الستة، استفاق العالم على خسائر بشرية ومادية يصعب حصرها وبدأ يعي الدرس ويدرك أن الحروب ما هي إلا مغامرات خاسرة حتى للمنتصر فيها، وبدأت كل أمة بتفقد قتلاها وحصر خسائرها وطلب تعويضات عما فقدته خلال غزوها، ووجدنا اليهود يدشنون أكبر حملة تعويضات في التاريخ من ألمانيا، والتي تكاد لا تتوقف في حلقات متتابعة بدأت منذ خمسينات القرن الماضي واستمرت حتى وقت قريب بتكلفة تجاوزت مليارات الدولارات. أما أمة العرب فلم تحرك ساكناً، ولم يطلب أي منهم أي تعويض يذكر عما فقده خلال حرب عالمية ليس له فيها ناقة ولا جمل، فقد اشتبكت القوى العالمية مع بعضها البعض لاقتسام أراضي الكرة الأرضية فيما بينهم، ساحقة معها حياة الكثير من الشعوب المغلوبة على أمرها، والتي ضاعت حقوقها وانتهكت وقتل من أبنائها الآلاف دون حتى أن يذكرهم أحد، ودون حتى أن يسعوا للحصول ولو على تعويض أو حتى على اعتذار عن حجم الخسائر التي تكبدوها جراء احتلال الدول الكبرى لأراضيهم و لاستباحتها لخيراتهم. لم ينته الأمر عند هذا الحد، فالشعوب التي عانت من مرارة الذبح الجماعي وفقدت أعداداً هائلة من أبنائها لم تستخلص العبر من ذلك، فكل دولة عانت من الاضطهاد أو الإبادة حاولت من جانبها أن تضطهد وتبيد هي الأخرى شعبا آخر أضعف منها بمجرد أن تسنح لها الفرصة لذلك، فها هم اليهود يقومون بنفس ما قام به هتلر معهم، فيقتلون بوحشية الآلاف في عملية إبادة جماعية لكل ما يقع تحت أيديهم، في دير ياسين وقطاع غزة والضفة الغربية والأسرى المصريين في حرب 67، ناهيك عن المجازر التي تقوم بها الدول العظمى في كل أرض تقع تحت سيطرتها، فهذه الدول تدك وتدمر وتقتل بلا رحمة، ثم تخرج من الأراضي التي احتلتها لتعود جيوشها إلى ثكناتها وكأن شيئاً لم يحدث. ويبدو أن تلك الدول في محاولة منها لطمس جرائمها لا تنسحب من أي دولة تحتلها إلا بعد أن تقوم بزرع الفتن الطائفية بداخلها، حتى يُكمل أبناؤها ما بدأته هي من قتل وتدمير وإبادة، بل إنها تقوم بتزويد كلا طرفي النزاع بالعتاد والسلاح اللازم لإكمال المهمة! فها هي الفتن الطائفية في العراق تبيد العشرات كل يوم في سلاسل من الانفجارات المروعة التي تحصد أرواح البشر وتدمر ممتلكاتهم ومصادر رزقهم، أما في سوريا فلا تزال فصول المأساة تتوالى يوما بعد يوم بين رئيس طاغوتي وشعب أعزل، وها هي ملايين الدولارات تنفق على الحروب والدمار بدلا من أن تنفق على التعليم أو على تحسين الخدمات الصحية مثلا، وكأن العرب خارج سياق الزمن والتاريخ، لم يفهموا أن لكل تلك الدماء ثمنا غاليا ونفيسا، وهنا لا يسعنا إلا أن نقول إن على العرب أن يضعوا حدا للحروب، قبل أن تقوم الحروب بوضع حد لوجودهم.

مشاركة :