استراتيجية المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب (2) - إبراهم بن سعد آل مرعي

  • 11/7/2014
  • 00:00
  • 16
  • 0
  • 0
news-picture

ترتكز استراتيجية المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب على (4) ركائز أساسية تتمثل في (4) برامج، وتطرقنا في مقالنا السابق إلى برنامج الوقاية، وفي هذا المقال سنتطرق باختصار إلى الثلاثة البرامج الأخرى، والتي تستكمل أركان استراتيجية مكافحة الإرهاب السعودية وهي برنامج المناصحة، برنامج الرعاية وبرنامج المتابعة. في حقيقة الأمر، يندرج برنامج المناصحة وبرنامج الرعاية تحت مظلة (برنامج الإرشاد الإستراتيجي) والذي تشرف عليه وزارة الداخلية السعودية، وهو مؤطر بفلسفة (الميل إلى فعل الخير). برنامج المناصحة، هو برنامج يُقدم من قبل مركز الأمير (رجل الدولة) محمد بن نايف، تقوده لجنة استشارية مركزها الرئيسي في الرياض ومتواجدة في (7) مدن أخرى، وينبثق من هذه اللجنة (4) لجان، دينية ويعمل فيها أكثر من (150)عالماً، واللجنة الاجتماعية والنفسية ويعمل فيها أكثر من (50)عالماً، واللجنة الإعلامية، والتي نجحت في تقديم رسالة إعلامية مميزة، أوضحت من خلالها الفكر المتطرف للتنظيمات الإرهابية ونتائجها الوخيمة على الوطن والمجتمع، ومن أهم البرامج التي أُذيعت تحت إشراف اللجنة الإعلامية (برنامج العائدون إلى الحق)، والذي قدم تجربة أبناءنا الذين غُرر بهم وانضموا إلى تلك التنظيمات، والتي اتضح جلياً أنها تبحث عن سلطة ومال، وتخدم سياسات خارجية تهدف إلى تفكيك الأمة والقضاء على مقدراتها. استطاع برنامج المناصحة عقد أكثر من (5000) جلسة، بُذلت فيها جهود جبارة من قبل العلماء لتبيان الحقيقة، وكشف الغمة، وإعادة أبنائنا إلى الطريق القويم. الجدير بالذكر أن برنامج المناصحة يُقدم (داخل السجون)، بينما برنامج الرعاية والذي يمثل المرحلة الثالثة من الإستراتيجية السعودية في مكافحة الإرهاب يُقدم من خلال (5) مراكز دائمة موزعة في مناطق متفرقة في المملكة، ويستغرق البرنامج مدة زمنية تتراوح من (8 -12) أسبوعاً، وتُسمى هذه المرحلة بيوت منتصف الطريق (half way houses)، وينضم إلى برنامج الرعاية من استطاع تخطي برنامج المناصحة من خلال إقرار كافة اللجان بأن هذا الموقوف المغرر به أصبح قادراً على الانتقال إلى المرحلة التالية. فبرنامج الرعاية يهدف إلى إعادة المغرر بهم إلى المجتمع كمواطنين صالحين منتجين سليمي الفكر والعقيدة، ويُقدم خلال هذا البرنامج دعم اجتماعي يتمثل في المساعدة على الحصول على العمل، والتشجيع على الزواج (حيث أثبتت الدراسات بأن المتزوجين والذين لديهم أطفال هم أقل ميلاً للانضمام إلى هذه التنظيمات الإرهابية) من خلال تمويل حفلات الزفاف، والتبرع بالمهور، والمساعدة على تجهيز المسكن وتأمين الأثاث. بعد انقضاء (12) أسبوعا كحد أعلى، يخضع الموقوف إلى تقييم من قبل علماء الدين والعلماء الاجتماعيين والنفسيين ومن قبل الأجهزة الأمنية للتأكد من أنه اجتاز هذه المرحلة بنجاح. كما أشير هنا إلى أن برنامج الإرشاد الإستراتيجي بشقيه المناصحة والرعاية حقق نجاحاً قياسياً بنسبة (95%) وهذه تُعد نتيجة مذهلة، حيث خضع لهذا البرنامج (2000) موقوف، واتضح أن (100) موقوف فقط ما نسبته(5%)، عادوا أدراجهم في الانضمام إلى المنظمات الإرهابية وأصحاب الفكر المتطرف، ومن هنا تأتي أهمية البرنامج الرابع ضمن إستراتيجية مكافحة الإرهاب السعودية، والتي تقضي بمتابعة المفرج عنهم للتأكد من عدم انتكاستهم وتفادي ذلك قدر الإمكان. حظيت الإستراتيجية السعودية بإعجاب ومتابعة من قبل الأجهزة الأمنية العالمية، ولا أدل على ذلك من إعلان بعض الدول الغربية عن رغبتها في الاستفادة من هذه التجربة من خلال إرسال وفود رسمية للمملكة لنقل هذا الفكر المتقدم والذي يجمع ما بين الحزم الذي لا يُكسر واللين الذي لا يُعصر إلى كافة بلدان العالم المهتمة بشؤون مكافحة الإرهاب. .. وقفة: إن عدالة الدولة، ووعي المواطن، تمثل الدرع الحصين في مواجهة الإرهاب، ووأد الفتن والقلاقل، وما حصل في الأحساء، يمثل عجز الجهات الخارجية الحاقدة والتنظيمات الإرهابية التي أُصيبت بالإحباط من تلاحم المواطنين السعوديين، ووعيهم، ووجودهم مع قيادتهم في نفس الخندق، فحاولوا بطريقة غبية إشعال فتنة طائفية، اصطدمت بحاجز صلب تمثل في وقوف قيادة وكافة شعب المملكة مع إخوانهم في الدالوة رفضاً لما حصل، إنكاراً للإرهاب، واحتراما لشعائرهم، وعزاءً في موتاهم، ومواساة لمصابنا ومصابهم.

مشاركة :