داهمت مياه الصرف الصحي شوارع عدة في الجبيل بصورة ملفتة بعد تعرض الخط الرئيس للكسر قبل أيام، وأغرقت المياه البيوت والمساجد والمحلات التجارية حتى غدت كأنها سيول تختنق بها الشوارع الرئيسة والفرعية. ولوحظ ذلك بوضوح في شارعي "أبوبكر الصديق وطريق الملك فيصل الغربي"، فيما لا تزال المياه الآسنة تملأ الشوارع حتى ظهر أمس. وكان السكان قد فوجئوا بهول المشهد لدرجة أن بعضهم اعتقد أن أمطارا هطلت في غير موسمها وأغرقت المدينة، ولكن رائحة المياه الآسنة أكدت للأهالي أن ما تغص به الشوارع ليس سوى مياه الصرف الصحي، نتيجة فشل الحلول الوقتية على مدار سنوات في معالجة المشكلة. إلى ذلك، قال المواطن ناصر عبدالعزيز النجار لـ"الوطن": أدى ارتفاع منسوب مياه الصرف في الشبكات الداخلية للمنازل إلى طفح الحمامات، فيما تسبب الطفح في امتلاء الشوارع بالقاذورات، حتى وصلت إلى المساجد، فأعاقت دخول المصلين على طهارة، بل ومنعت بعضهم من الصلاة فيها لصعوبة الوصول إليها. فيما قال سعد البوحسون: تضررت معظم العمائر السكنية والتجارية ومنشآت الإيواء السياحي نظرا لإغراق مياه الصرف لمداخلها ومواقف السيارات في القبو السفلي. وأضاف أن الأهالي يشكون منذ أكثر من 10 سنوات من مشكلة الطفح، إلا أن الجهات المسؤولة عجزت عن حلها، مؤكدا أن مشكلة الصرف الصحي بالمحافظة تجاوزت الحالات الطارئة حتى باتت معضلة تحتاج إلى تدخل مباشر من وزير المياه لإنهائها. ويرى سعد البوعينين، أن مشكلة الصرف الصحي في الجبيل تكمن في أن المحافظة هي الوحيدة في المملكة التي يشرف على الصرف الصحي بها جهتان مستقلتان، الأولى وزارة المياه، والثانية شركة مرافق التي تتولى معالجة مياه الصرف الصحي التي تتسلمها من إدارة المياه بالجبيل، وهذا الوضع تسبب في إشكالات كبيرة جدا، فليست هناك خطة استراتيجية لمعرفة حجم الصرف المستقبلي بناء على التوسع السكاني، فهناك ازدواجية في النفقات الحكومية، بمعنى أن الوزارة تنفق من جهة على قطاع الصرف الصحي بالجبيل، وشركة "مرافق" تعالج المياه بتكلفة تستلمها من الحكومة. كما أن مديرية المياه بالمنطقة الشرقية لا تتمتع بالكفاءة التشغيلية، والدليل 10 سنوات من المعاناة مع الصرف الصحي في الجبيل، بينما تتمتع شركة مرافق بالكفاءة التشغيلية لاعتمادها على شركات عالمية في هذا المجال. وأشار إلى أن هناك توجها حكوميا لخصخصة قطاع المياه، موضحا أن شركة "مرافق" تتبع القطاع الخاص وتسيطر عليها الحكومة، وتتولى تشغيل نصف محافظة الجبيل (الجبيل الصناعية)، ومن الأنسب أن تعطى النصف الآخر، فتكون مسؤولة عن محافظة الجبيل بالكامل. وقال إن من إيجابيات هذا القرار فيما لو تم، خفض النفقات الحكومية، وتحقيق كفاءة الإنفاق الحكومي، ورفع جودة الخدمة المقدمة، وتوحيد قطاع المياه في الجبيل تحت جهة واحدة، وتحقيق خصخصة القطاع بأقل التكاليف، ومعالجة أزمة الصرف الصحي وفاء بحقوق 500 ألف نسمة هم سكان الجبيل. وفي ذات السياق، ذكر الناطق الإعلامي للمديرية العامة للمياه بالمنطقة الشرقية خضير البراق في تصريح لـ"الوطن"، أن مدير فرع المياه بالجبيل بالإنابة المهندس عايش السناوي، ذكر أن هذا الطفح كان طارئاً نتيجة كسر الخط الرئيس للشبكة، الذي تعمل فرق ميدانية على إصلاحه في أسرع وقت ممكن، في حين تتولى شفط المياه الطافحة بالصهاريج والعمل على تطهير الموقع. وأضاف البراق أن مهمة الإصلاح القائمة يصعب تحديد مدة زمنية لها، نظرا لوجود الكثير من خطوط الخدمات الأرضية المتداخلة مع شبكة الصرف الصحي ما يعني العمل بحذر وإتقان، الأمر الذي يصعب معه تحديد مدة زمنية لإصلاح الخلل.
مشاركة :