«الانستقرام» كسر حاجز «لا يشوفنا أحد»!

  • 11/8/2014
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كانت الأسر في المجتمع -سابقاً- يحكمها حزمة من القيود الاجتماعية والعادات والتقاليد، باختلاف الثقافات والمفاهيم فيما بينها، فبعض الأسر على سبيل المثال يفضلون السفر دون علم أقاربهم والبيئة المحيطة بهم، إلاّ أنهم يشعرون ب»القيد» من نواح عديدة تحكمها ثقافة «لا يشوفنا أحد»، إضافةً إلى انغلاق المجتمع لصعوبة معرفة توجهات الأسر ومواقفها من بعض القضايا، إلى جانب معرفة سلوكياتهم وتحديدها لطبيعة وواقع الإعلام التقليدي. وكشفت ثورة «الانترنت» ممثلة بالإعلام الجديد وتطبيقاته الغطاء عن أمور كانت غير مكشوفة، حيث استولت التقنية على أوقاتنا وأولوياتنا اليومية على مستوى الأسر والأفراد، وأصبح كل شخص من المجتمع يملك منصة خاصة به، مع الحرية المطلقة لنشر المحتوى بجميع أنواعه وبلا قيود، وتوحدت عدسات التصوير في المجتمع، وأصبح الكل يتسابق لتوثيق اللحظات والمناسبات والفعاليات داخل المملكة أو خارجها، مما سهّل من معرفة توجهات الأسر ومواقفها الشخصية من الأحداث، وكذلك معرفة سلوكياتهم التي تجاوزت ثقافة العيب ، فضلاً عن المناسبات الخاصة، والتي كشفت لنا خصوصيات بعض الأسر، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما يتعلق بالرحلات السياحية قبل انطلاقتها وأثناءها وبعدها، حيث تتسلل الصورة أو التغريدة أو الفيديو بموافقتهم لتستقر بين أيدي مستخدمي وسائل التواصل، محدثين بذلك إعلاماً اجتماعياً مستقلاً للقريب والبعيد، سواء كان ذلك إيجابياً أو سلبياً. ويُعد برنامج "الانستقرام" من التطبيقات الجاذبة لأفراد المجتمع، كونه فتح الأبواب على مصراعيها للفضوليين والمتباهين، فكليهما وجد متنفسه مع هذا التطبيق الجديد، وقد يكون هذا طبيعي، لكن التحول الذي كسره "الانستقرام" هو حاجز السعوديين المتلخص في عبارة "لا أحد يدري عنّا"، حيث أصبح وسيلة للمباهاة وكشف الأسرار، بل مكاناً لارتداء الأقنعة واستبدالها وتزييف الحقائق، فمن كان معروفاً بعفويته وبساطته أصبح في هذا العالم "جريئاً" أكثر من اللازم. تفاعلية وأُلفة وأكدت الإعلامية "فوزية بنت حجاب الحربي" -طالبة الدكتوراه في الإعلام الجديد- على أنه مع ظهور وسائل الإعلام الجديد اتضحت مواقف وتوجهات الأسر بشكل كبير، وفقاً لثورة الاتصالات، مضيفةً أن برنامج "الانستقرام" من التطبيقات الجاذبة لأفراد المجتمع بشكل كبير، كونه أسهم في فتح الأبواب على مصراعيها للفضوليين والمتباهين في الوقت ذاته، فكلاهما وجد متنفسه مع هذا التطبيق الجديد، وقد يكون هذا طبيعي، لكن التحول الذي كسره "الانستقرام" هو حاجز السعوديين المتلخص في عبارة "لا أحد يدري عنّا"، مبينةً أن هذا التطبيق الذي يحكي أسرار البيوت بشكل قصصي ويوثقها بالصور لم يلغ خصوصية المجتمع بعد معرفة مواقفهم وتوجهاتهم من خلال ما يقدمونه من محتوى بقدر ما منح الناس التفاعلية والألفة، ذاكرةً أنه عمّق التفاخر والاستعراض بشكل كبير، كما أن السيدات في المجتمع هن أكثر المتعاطيات مع هذا التطبيق، مشيرةً إلى أنه ساهم بزيادة الرغبة الشرائية لدى المرأة، متأسفةً على واقع وسائل التواصل الاجتماعي، والتي شيّدت أسوارها العالية بين أفراد الأسرة الواحدة، على الرغم من أنها كسرت حاجز العزل مع المجتمع بصورة ايجابية تختصر المسافات والأوقات. مظاهر خداعة وأوضحت "عبير بنت محمد النفيسة" -مترجمة لغة إشارة معتمدة- أن برنامج "انستقرام" يمكن تلخيصه بأنه يوثّق اللحظات بلقطات فورية، وهو العالم الذي أصبحنا مهووسين فيه على الرغم من أنه وضعنا تحت المجهر في ساحة الإعلام الاجتماعي، بل وضع خصوصياتنا أمام المجتمع، مضيفةً أنه أصبح في عالم المستخدمين خاصةً الجنس الناعم مستهدف، للتباهي بلحظات مصطنعة مبالغة، لتعيش بنفس طبقة الرفاهية التي يعيشها بعض المتفاخرين بصورهم، مبينةً أنه خّلف وراءه الكثير من الأعباء الاقتصادية لأصحاب الدخل المادي المتدني من الأسر، وذلك من أجل توثيق لحظات مشابهة للحظات الآخرين، مؤكدةً على أن "الانستقرام" استحدث بعض الظواهر التي لطالما أنكرناها رغم اتباع بناتنا لها ألا وهي اللحظات المليئة بالفرح في صورة تحمل في طياتها أكياساً فارغة دُونت عليها أسماء لأشهر الماركات العالمية، لنكذب على أنفسنا قبل أن نكذب على غيرنا وندّعي أن هذه هدايا حفلتنا المتواضعة والمزعومة.! تسخير البرامج وأكدت "خلود بنت عبدالعزيز العريفي" -مساعد رئيس قسم الإعلام التربوي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة الدوادمي- على أن وسائل التقنية الحديثة -وسائل التواصل الاجتماعي-، خاصةً "الانستقرام" أصبحت عند البعض وسيلة للمباهاة وكشف الأسرار، بل مكان لارتداء الأقنعة واستبدالها وتزييف الحقائق، مضيفةً أن بعض تلك المتناقضات في المجتمع "الانستقرامي" النسائي -إن جازت التسمية-، فمن كانت معروفة بعفوية حديثها وبساطته أصبحت في هذا العالم تتمتم بعبارات مصطنعة ولغة غير مفهومة، ذاكرةً أن غالبية الأسر افتقدت مفهوم الخصوصية، وذلك لتحقيق أكبر عدد من الإعجاب بالمحتوى المنشور، متمنيةً تعزيز الصور الايجابية، والتي تتلخص في تسخير كافة برامج التواصل منبراً للدعوة والإعلام الذي يسهم في بناء المجتمع. تجارة وفائدة وقال "صالح بن علي الدويرج" -أحد المهتمين المشاهير في الانستقرام-: إن برنامج "الانستقرام" فتح المجال للهوايات الشبابية والكوميدية، متجاوزين بذلك عقبة عيب المجتمع من خلال تصوير مقاطع الفيديو الساخرة والكوميدية، مضيفاً أن العديد من مستخدميه أصبح هذا التطبيق متنفساً لهم في المقام الأول، ثم مصدراً للمال من خلال ممارسة التسويق والبيع والشراء والتوصيل، وكذلك الإعلان لمؤسسات أخرى بمقابل مادي، إلاّ أنه في المقابل فتح أبواباً للتلاعب الذي أفقدنا الثقة والمصداقية في التجارة الإلكترونية، بل وساهم في تقليل فرص حماية المستهلك من بعض التجّار بصورة رسمية، الذين اعتادوا التحكم في رفع الأسعار أو المنتجات المقّلدة للماركات العالمية الشهيرة أو حتى في جودة الخامات. وأضاف أن ميزة إضافة تصوير الفيديو القصير فتحت أبواباً تعليمية كبيرة، وساهمت بنشر بعض المعارف بشكل كبير منها الدينية أو اللغوية أو الطبية أو حتى معلومات تربوية، مُشدداً على أهمية حماية العقول من المعلومات الخاطئة التي قد تنتشر بشكل كبير من خلال التوعية المستمرة.

مشاركة :