أكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور / علي بن عبدالرحمن الحذيفي - في خطبة الجمعة اليوم أن فلاح الإنسان وسعادته في التحكم في نفسه ومحاسبتها ومراقبتها في الأقوال والأفعال ، فمن حاسب نفسه وتحكم في أقواله وأفعاله ونظراته بما يحب الله ويرضى فقد فاز فوزاً عظيماً ، قال الله تعالى " وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى " ، وقال عز وجل : " وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ " ، وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " . كما بيّن فضيلته : أنه يجب على المسلم أيضاً أن يحاسب نفسه ويجاهدها في الخطرات والواردات على القلب والوساوس ، فإن تحكم المسلم في الواردات على قلبه ففرح بواردات الخير واطمأن لها ونفّذها أفلح وفاز ، وإن طرد وساوس الشيطان واستعاذ بالله من وساوسه نجا وسلم من المنكرات والمعاصي ، وإن غفل عن وساوسه وتقبلها أورده المحرمات قال الله تعالى : " وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " . وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلته : أن القلب الحي هو الذي تسره حسنته وتسوؤه سيئته ، والقلب الميت هو الذي لا يتألم بالمعصية ولا يحس بها ، ولا يفرح بحسنة ولا طاعة ، ولا يشعر بالعقوبات على الذنوب فتغره الصحة وإقبال الدنيا عليه وقد يظن النعم كرامة له ، قال الله تعالى : " أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ " ، وفي الحديث : تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا ، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا ، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ " . كما أكد فضيلته : أن أمراض القلوب كلها تمرض القلب وتميته بالكلية إذا لم يحاسب المرء نفسه ، ومن الخير للمرء أن يحاسب نفسه في اليوم والليلة والجمعة والشهر والسنة ليعلم من حيث أتى ويتوب ويستدرك ما فرط منه عسى أن يحمد سعيه ويوفق لحسن الخاتمة . واختتم فضيلته الخطبة بالدعاء : اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين ، واجعل اللهم هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق ولي أمرنا بتوفيقك وأيده بتأييدك يا ذا الجلال والإكرام اللهم احفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا يا رب العالمين .
مشاركة :