«أرياف أسبانيا في الثلاثينات» و«أموات سيبيريا الأحياء» و«اللعنة التي تلاحق الهاييتيين»

  • 11/9/2014
  • 00:00
  • 37
  • 0
  • 0
news-picture

"عدم البكاء" هو عنوان الرواية التي أحرزت هذه السنة جائزة "غونكور" الأدبية الفرنسية الشهيرة التي هي بمثابة "نوبل للآداب" على المستوى الفرنسي، وأما كاتبة هذه الرواية الصادرة عن دار "السوي" الباريسية، فهي ليدي سالفير الفرنسية من أصل أسباني. وعندما أعلمتها الأكاديمية التي تمنح هذه الجائزة بأنها هي التي فازت بالجائزة هذا العام، بكت من الفرحة وقالت إنها سعيدة جدا. وكان مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي والذي هو الآخر من أصل أسباني في مقدمة مهنئي هذه الكاتبة التي جعلت من أهل أرياف أسبانيا خلال الحرب الأهلية التي جرت في البلاد في عام 1936 إطارا لشخوص روايتها. وقد بدأت ليدي سالفير تبدع في مجال الأدب الروائي في عام 1990. وترجمت أعمالها حتى الآن إلى عشرين لغة. وفاجأ فوزها بالجائزة نقادا كثيرين كانوا يعتقدون أن الجائزة كان يفترض أن يفوز بها متنافسان آخران هما الكاتب الفرنسي دافيد فونكينوس والكاتب الجزائري كمال داود. أما فونكينوس فكان يأمل في الحصول على الجائزة من خلال روايته الأخيرة التي تحمل عنوان "شارلوت" ويحكي فيها قصة رسامة يهودية قتلت في المعسكرات النازية ولما تزل في مقتبل العمر. وتعد هذه الرواية أفضل الروايات الصادرة هذا العام بالنسبة إلى أصحاب المكتبات الفرنسية . بل إن هؤلاء ساهموا في الترويج لها لدى القراء قبل أن يدرج اسم صاحبها في القائمة المصغرة للمتنافسين على جائزة "غونكور". وبيع منها أكثر من مئة وثمانين ألف نسخة منذ صدورها عن دار "غليمار" أهم دور النشر الفرنسية المتخصصة في الإبداع الروائي. عودة إلى شخوص ألبير كامو: صحيح أن ليدي سالفير قد اختطفت من دافيد فونكينوس "الغونكور" شأنه في ذلك شأن كمال دواود. ومع ذلك فإن الجائزة التي حصل عليها كلاهما يمكن أن تنفس عنهما بعض الشيء على الأقل في ما يخص مبيعات نسخ روايتيهما. ففوكينوس أحرز جائزة "رينودو" التي تأتي في المرتبة الثانية في سلم الجوائز الأدبية الفرنسية بينما حصل كمال داود على جائزة فرعية ترعاها أكاديمية "غونكور" وتسمى "جائزة غونكور –خيار الشرق". وتشرف على منحها مؤسسات تعنى بمنظومة الفرنكفونية ولاسيما الوكالة الجامعية الفرنكفونية. ورواية داود التي فازت بالجائزة هذا العام عنوانها "ميرسو-تحقيق مضاد" وقد صدرت عن دار "أكت سود". وفي هذا العمل الإبداعي الذي كتب بلغة جميلة، يعود الكاتب إلى شخوص رواية "الغريب" للكاتب الفرنسي الراحل ألبير كامو. وإذا كان كامو يعطي لشخصية العربي في روايته بعدا عبثيا من خلال التعامل معها كما لو كانت ضحية كتب عليها عليها أن تكون ضحية، فإن كمال داود ينفث في هذه الشخصية أحاسيس ومشاعر ودينامية لا يمكن أن يتحكم فيها المنطق العبثي الذي كان خيارا أساسا في كتابات كامو. "أحياء سيبريا الأموات" ومن أهم الجوائز الأدبية الفرنسية التي تمنح في فصل الخريف وبالتحديد خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر كل عام جائزة "الميديسيس". وفاز بها هذا العام كاتب يبدع باسم مستعار هو "أنطوان فولدين" عبر رواية عنوانها "المحطة الأخيرة المشعة". وفيها يتحدث الكاتب عن عوالم سيبيريا التي كانت خلال بعض الفترات السوداء في تاريخ ماكان يسمى "الاتحاد السوفييتي" منفى لكثير من الفنانين والناشطين الخارجين عن الصف. ويتحدث الكاتب في روايته الصادرة عن دار "السوي" في ست مئة صفحة عن أشخاص يسعون إلى التعلق بأمل النجاة من ويلات هذا المنفى الذي لا يحتمل إلى درجة أن شعورا يكتسحهم شيئا فشيئا بأنهم أموات. وهذا الشعور يساعدهم كثيرا على تحمل ما لا يحتمل. ولجائزة "الميديسيس" فرع يمنح المبدعين غير الفرنسيين الذين تترجم بعض أعمالهم إلى اللغة الفرنسية. وقد فازت بجائزة هذا الفرع العام الجاري كاتبة أسترالية تدعى "ليلي بريت" عن روايتها "لولا بينسكي" التي تتطرق إلى مسار صحافية شابة استطاع والداها النجاة من المحرقة النازية وتمكنت هي من تحمل وطأة مسار والديها على حياتها الشخصية من خلال اللجوء إلى موسيقى "الروك". وواضح من خلال الرواية التي أحرزت جائزة "فيمينا" إحدى جزائز الخريف الفرنسية الأدبية الأخرى الهامة أن عوالمها لاتختلف هي الأخرى عن عوالم سيبيريا ولكن في بلد بعيد عن سيبيريا هو "هاييتي". وعنوان الرواية "حمام القمر". وصاحبة هذه الرواية هي الكاتبة الهاييتية التي تتطرق في عملها إلى ما يمكن وصفه ب"اللعنة " المتعددة الأطراف التي يعاني منها سكان هاييتي الفقراء والتي تتجسد عبر الزلازل والأعاصير والفساد والمحسوبية. ويسعى كثيرون من سكان هذا البلد إلى التصدي لها عبر الاستنجاد بتاريخ الأجداد الأموات واستحضارهم عندما تشتد العواصف بهم حتى يكون الأجداد بمثابة قوارب النجاة بالنسبة إلى الأحفاد.

مشاركة :