بداية غريبة ومحيرة اختار بروسيا دورتموند الألماني الظهور فيها هذا الموسم، الفريق الذي فاز مرتين بآخر أربع نسخ من بطولة الدوري «البوندسليغا»، بات اليوم لغزاً محيراً في كرة القدم الأوروبية، بعد نجاحه في تقديم أفضل المستويات على الصعيد الخارجي، بينما يظهر مترنحاً في البطولة المحلية. من كان يصدق أن دورتموند سيكون على بعد ثلاث نقاط فقط عن متذيل ترتيب الدوري الألماني حتى نهاية الجولة التاسعة، الأمور هي كذلك، لكن هذا الأداء المخيب محلياً يقابله تفوق كبير في بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، التي تمكن خلالها من الفوز بجميع المباريات التي ظهر فيها حتى الآن. دورتموند خاض تسع مواجهات في البطولة المحلية، عجز عن جمع أكثر من سبع نقاط حتى نهاية الجولة التاسعة، وذلك بعد أن خسر في ست مواجهات، مكتفياً بانتصارين وتعادل وحيد، هذا الرقم الكبير من الخسائر هو الأكبر في تاريخ دورتموند، قياساً إلى عدد الجولات، وخصوصاً أن الفريق لم يصل إلى هذا الرقم طوال المواسم الماضية إلا في الموسم الأخير، الذي وصل إلى سبع خسائر من أصل 34 مباراة. وفي المقابل، خاض فريق «أسود فيستيفاليا» ثلاث مواجهات قوية في دوري أبطال أوروبا، فاز بها جميعاً من دون أن تهتز شباكه في أية مناسبة منها، إذ تمكن من الإطاحة بأرسنال الإنكليزي في الجولة الأولى بهدفين من دون رد، ثم توجه إلى بروكسل للقضاء على أندرلخت البلجيكي بثلاثة أهداف نظيفة، ليتوجه بعدها إلى إسطنبول لسحق كبير الكرة التركية غلطة سراي بأربعة أهداف من دون مقابل، هذا التفوق الأوروبي الكبير الذي جعله على رأس مجموعته بتسع نقاط، ترك مزيداً من علامات الاستفهام عند هذا التفاوت الكبير بين الأداء المحلي والخارجي. «نمر بمرحلة حرجة»، كان ذلك اعتراف مدرب الفريق الألماني يروغن كلوب، الذي عجز هو الآخر عن تفسير هذا اللغز المحير، ليعود ويؤكد: «الخوف من عدم الانتصار موجود لدينا بالتأكيد، علينا أن نعمل ونحاول تحسين موقفنا»، مشدداً على أن فريقه أمام تحد كبير، ويضيف بنبرة حزينة: «إنه أمر محبط، كرة القدم تقلل من مكانتك في بعض الأحيان». أما نجم الفريق ماركو ريوس، الذي علقت عليه الآمال بعد عودته من الإصابة، في حل إنقاذ الفريق من مشكلاته المحلية، إذ حث زملاءه على عدم الذعر من هذه المرحلة، وطالبهم بالتعاون لتجاوز البداية «الكارثية»، ليضيف: «علينا أن نحلل الأمور في شكل سليم لتجاوز ذلك، ثم نبقى هادئين» في إشارة مبطنة منه، إلى أن الأمر بات هاجساً لكل لاعبي «الأصفر». الأمور تبدو للمتابعين غريبة أحياناً، وخصوصاً أن الفريق يمتلك من العناصر المميزة ما يؤهله للمنافسة على كبرى البطولات، حتى بعد رحيل هدافه البولندي ليفاندوفيسكي إلى الغريم التقليدي بايرن ميونيخ، إلا أن التألق الأوروبي يؤكد عدم تأثر الفريق من الناحية العناصرية، ليذهب البعض في اتهام نجوم دورتموند بالتهاون محلياً وأخذ الأمور بجدية أكبر في البطولات الخارجية، فيما عزا آخرون هذا الانكسار إلى أمور خارجة عن سيطرة الفريق. «خيبة أمل، لا نعرف سر كل هذه الهزائم»، هذا التعليق كان لقائد الفريق ماتس هوميلس، الذي صرح بعد خسارة فريقه في الجولة التاسعة أمام هانوفر: «مازلنا نخسر مباراة تلو الأخرى، هذه المرحلة حقًا هي الأصعب علينا في البوندسليغا، كل الأمور تسير بطريقة خاطئة، من الصعب أن تجد تفسيراً»، مشدداً كغيره من زملائه في دورتموند على أن الفريق كان الأفضل في غالبية المباريات المحلية التي خسرها، إلا أن أمراً خفياً، جعلهم يخرجون خالي الوفاض من كل تلك المواجهات!
مشاركة :