قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أمس، إن «الحرب على التنظيمات الإرهابية وعلى الفكر المتطرف هي حربنا، لأننا مستهدفون، ولا بد لنا من الدفاع عن أنفسنا وعن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب». وأضاف الملك عبد الله الثاني في خطاب ألقاه في افتتاح الدورة الثانية لمجلس الأمة السابع عشر أمس: «إن كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبريره - عدو للإسلام وعدوٌ للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة»، داعيا المجتمع الدولي للتصدي للتطرف في المذاهب والأديان الأخرى. وقال إن «هذه المنطقة عانت بعض التنظيمات التي تتبنى الفكر التكفيري والتطرف، وتقتل المسلمين والأبرياء من النساء والأطفال باسم الإسلام، والإسلام منهم بريء»، مشيرا إلى أن «هذه التنظيمات تشن حربها على الإسلام والمسلمين قبل غيرهم، وإن من واجبنا الديني والإنساني أن نتصدى بكل حزم وقوة لكل من يحاول إشعال الحروب الطائفية أو المذهبية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين». وأكد العاهل الأردني تحمل الأردن مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه القضايا التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وسيستمر في توظيف مكانته وكونه عضوا في مجلس الأمن الدولي لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية. وقال إن «القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى، وهي مصلحة وطنية عليا، والقدس التي روت دماءُ شهدائنا ترابَها أمانة في عمق ضميرنا»، مؤكدا استمرار الأردن في التصدي بشتى الوسائل للممارسات والسياسات الإسرائيلية الأحادية في القدس الشريف، والحفاظ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، حتى يعود السلام إلى أرض السلام. وأشار إلى «مواصلة حشد الجهود الدولية لإعمار غزة بعد العدوان الغاشم الذي أودى بأرواح الآلاف من أشقائنا الفلسطينيين ودمر ممتلكاتهم»، داعيا إلى إطلاق مفاوضات قضايا الوضع النهائي، والوصول إلى السلام الدائم على أساس حل الدولتين، وفقا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية. أما فيما يتعلق بالأزمة السورية، فأكد الملك عبد الله الثاني مجددا أن الحل الوحيد هو الحل السياسي الشامل، بمشاركة جميع مكونات الشعب السوري، والذي يضمن وحدة سوريا واستقرارها، مشيرا إلى أنه في غياب مثل هذا الحل، سيتكرس الصراع الطائفي على مستوى الإقليم، وسيؤدي عدم إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية إلى تغذية التطرف والإرهاب. وقال إن حجم الدعم الدولي لم يرتق إلى مستوى الأزمات وتبعات استضافة اللاجئين السوريين، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في تقديم المساعدات للاجئين، وللأردن، وللمجتمعات المحلية المستضيفة. وفي الشأن الداخلي، أكد الملك عبد الله الثاني أن «مصدر منعة الأردن هو جبهتنا الداخلية القوية وممارسات المواطنة الفاعلة»، لافتا إلى أن «الحوار واحترام القانون هما السبيل الوحيد للوصول إلى أعلى درجات التوافق الوطني تجاه قضايانا الوطنية». وقال: «إن المناخ المتقدم من الحريات والمشاركة السياسية والمجتمعية التي يمتاز بها الأردن رغم وجوده في إقليم ملتهب، هي حصيلة مكتسبات الأمن والاستقرار الذي ضحّى في سبيله رفاق السلاح في قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية. فلهم منا تحية الفخر والاعتزاز والتقدير». وشدد الملك عبد الله الثاني في الخطاب على أن الأردن «سيبقى كما كان على الدوام نموذجا في العيش المشترك والتراحم والتكافل بين جميع أبنائه وبناته مسلمين ومسيحيين، وملاذا لمن يطلب العون من أشقائنا، ومدافعا عن الحق، ولا يتردد في مواجهة التطرف والتعصب والإرهاب الأعمى». وقال: «على الرغم من كل التحديات، فإن الأردن لم يسمح ولن يسمح بأن تكون الصعوبات والاضطرابات الإقليمية حجة أو ذريعة للتردد في مواصلة مسيرته الإصلاحية الشاملة. فنحن لا نرى الإصلاح رد فعل لواقع صعب، بل هو خيار وطني نابع من الداخل، يعزز الوحدة الوطنية والتعددية والاعتدال، ويوسع المشاركة، ويعمق الديمقراطية، ويرسخ نهج الحكومات البرلمانية». وأكد أن الحكومة بدأت وضع تصور تفصيلي ومتدرج لتفعيل دور وزارة الدفاع للنهوض بالمهام السياسية والاقتصادية والاجتماعية واللوجيستية للدفاع الوطني، كما دعا الحكومة إلى ترسيخ نهج الحكم المحلي عبر إنجاز قانون البلديات واللامركزية وقانون الانتخاب، إضافة إلى استمرار تطوير آليات عمل مجلس النواب، وتنفيذ مخرجات الخطة الوطنية لحقوق الإنسان. كما وجه الحكومة إلى وضع آلياتٍ قابلة للتطبيق، لإصلاح القطاع العام، بما فيها مشروع الحكومة الإلكترونية، وتأكيد ضرورة التزام جميع مؤسسات الدولة تعزيز ثقافة التميز والشفافية والمساءلة وتطبيق الميثاق الوطني للنزاهة ووضع التنظيم المؤسسي لتعزيز منظومة النزاهة. وطالب أيضا، الحكومة بالإسراع في إقرار التشريعات الاقتصادية، وخصوصا المتعلقة بالطاقة، والاستثمار، وإنجاز قانون ضريبة الدخل، بما يعكس أعلى درجات الشعور بالمسؤولية، بشكل يطور بيئة الأعمال، ويرتكز على مخرجات التصور المستقبلي للاقتصاد الوطني. وكانت موسيقات القوات المسلحة عزفت السلام الملكي لدى وصول الملك عبد الله الثاني إلى باحة مجلس الأمة، وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية له، ثم استعرض حرس الشرف الذي اصطف لتحيته. وأعيد انتخاب عاطف الطراونة رئيسا لمجلس النواب الأردني للمرة الثانية في الانتخابات التي جرت على رئاسة المجلس أمس الأحد من أول جولة، بعد أن حصل على 79 صوتا مقابل 28 صوتا للنائب أمجد المجالي، و23 صوتا للنائب مفلح الرحيمي، و13 صوتا لحديثة الخريشا، وكانت هنالك ورقتان بيضاء، فيما شطبت 3 أوراق. وكان قد انسحب من التنافس النائب حازم قشوع.
مشاركة :