قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز، إنه لا شك في أن المفوضية الأوروبية الجديدة، تعتبر الفرصة الأخيرة لإقناع المواطن الأوروبي بجدوى المشروع الأوروبي الوحدوي، مشيرا إلى أنه «في الماضي كان ينظر إلى أوروبا على أنها ضمانة للأمن والسلام والثــــروة وفرص العمل، واليوم ينظر إليها على أنها سبب كل المشكلات، وسواء كان ذلك صحيحا أم لا، فإنه يظل مجرد تصور». وفي تصريحات نشـــــــــرت في بروكسل الأحد، يضيف شولتز «أن، على سبيل المثال، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون شخصية قوية ويــــــــــــــــــــــأتي إلى بروكســــــــــــل ثم يوقـــــــــــع على الاتفاق حول القواعد والإجراءات وبعدها يعود إلى لندن ليشير إلى بروكسل على أنها الســــــــــــــــبب في كل ما يحدث ويحملها المسؤولية، وفي حال كانت الإجراءات والقواعد جيدة ونافعة، فإنه يضرب بيده على صدره». ولمح شولتز إلى أن «كثيرا من الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي تتصرف مثل كاميرون وتشارك في لعبة إلقاء اللــــوم على الآخرين، وهي لعبة مستمرة منذ 20 عاما تسببت في وجود قناعة لدى المواطن الأوروبي بأن النجاح يتحقق على الصعيد الوطني وأن الفشل يكون أوروبيا، وهذا تسبب في تدمير صورة أوروبا، وإذا لم ننجح في عكس هذا التصور خلال السنوات الخمس المقبلة التي ستتولى فيها المفوضية الجديدة عملها، فإن الاتحاد الأوروبي سوف ينهار»، واستطرد يقول: «يمكن أن نفعل ذلك من خلال توفير الحلول، والعمل الجماعي للدفاع عن أوروبا من جانب كل المؤسسات والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي»، وأشار إلى أنه «إذا انهار الاتحاد الأوروبي، فإن الصورة التي كانت عليها أوروبا في مطلع القرن الماضي ستعود بشكل سريع». وقال: «اسمعوا لما يتردد على لسان الذين يريدون تدمير أوروبا، تسمع القومية وكراهية الأجانب، ومعاداة السامية والعنصرية، وستجد هؤلاء في كل بلد، وكان هذا هو الخطاب في النصف الأول من القرن الماضي وأسفر عن تنامي الحركة الفاشية، والبلشفية، والحرب الأهلية الإسبانية، وحربين عـــــالميتين». واختتم يقول إن «التكامل الأوروبي هو الضمان لاستمرار السلام والازدهار في أوروبا، ولكن حذار من تحطيم الهياكل والقواعد والمواطنين، وإلا ستحدث كارثة». وبدأت المفوضية الأوروبية الجديدة مهام عملها رسميا في بروكسل بدءا من السبت 1 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي ولمدة 5 سنوات برئاسة اللوكسمبورغي جان كلود يونكر. وتلك هي المرة الأولى منذ عام 1994 التي تتسلم فيها مفوضية أوروبية مهامها في الموعد المحدد لها. وبهذه المناسبة، قال يونكر في بيان نشر ببروكسل: «بفضل الدعم الديمقراطي من المواطنين الأوروبيين، والبرلمان الأوروبي، وقادة دول التكتل الأوروبي الموحد، تتسلم المفوضية الجديدة مهام عملها، وحــان الآن وقت العمــــــل، لأن التحديات الأوروبية لا يمكن أن تنتظر، وبدءا من اليوم فريق المفوضية الجديدة وأنا معهم، سنعمل بجد حتى نحقق البداية الجديدة لأوروبا التي وعدنا بها، ومن خلال فريـــــق عمل قوي ويتمتع والخبرة، نتطلع إلى تحقيق المطلوب لأوروبـــــا خلال السنوات الخمس المقبلة». وكانت قمة بروكسل الأخيرة قد أقرت تشكيلة المفوضية الجديدة وهي الجهاز التنفيذي للاتحاد. جاء ذلك بعد حصول المفوضية على ثقة البرلمان الأوروبي. وعلق يونكر أول رئيس منتخب للمفوضية، وقال: «جاء وقت إطلاق العمل لبدأ الانتعاش الاقتصادي وخلق فرص العمل بشكل أكثر وأفضل، ومعالجة محنة الشباب في أوروبا من أجل مستقبل أفضل، وحماية الفئات الأكثر ضعفا في مجتمعنا، والتعامل مع الوضع الجيوسياسي سريع التدهور»، واختتم يقول: «معا سوف ننجح». وقال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إن «المفوضية الجديدة تحتاج إلى تحويل التزاماتها إلى واقع من خلال جملة تدابير، وعندما ستفعل ذلك سيقف البرلمان الأوروبي إلى جانبها». وتعهد مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء، بالعمل المشترك مع المفوضية الجديدة والبرلمان، لتنفيذ الأجندة الاستراتيجية الأوروبية التي أقرها قادة دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من العام الحالي. وقال المجلس الأوروبي إن «المواطنين لا ينتظرون فقط من المفوضية أن تقوم بعملها، وإنما أن تعمل بشكل مختلف عن الماضي». ففي يوليو (تموز) الماضي انعقدت القمة الأوروبية الاستثنائية التي استضافتها بروكسل، وتبادل خلالها القادة وجهات النظر والأفكار مع الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر حول الأولويــــات التي تضمنتها الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي للسنوات الخمس المقبلة التي أقرتها قمة بروكسل في 27 يونيو (حزيران) الماضي، وهي تحقيق النمو والتنافسية، والوظائف وآلية عمل الاتحاد النقدي، ومكافحة التغير المناخي، ومشروع اتحاد الطاقة، والتصدي للهجرة غير الشرعية. وشدد المجلس الأوروبي على التزامه بضمان المراقبة، والرصد المنتظم لتنفيذ أولويات الأجندة الاستراتيجية. ودعا المجلس الأوروبي، من خلال بيان، كل المؤسسات الاتحادية، إلى تركيز أنشطتها على المجالات التي يمكن أن تحدث فارقا في الاتحاد الأوروبي. وقالت رئاسة الاتحاد الأوروبي إن «نتائج الانتخابات الأوروبية الأخيرة كانت بمثابة رسالة قوية من الناخبين، وجرت مناقشتها خلال قمة قادة الدول الأعضاء في بروكسل، كما جرى استعراض عدد من التوجهات الأساسية المتفق عليها، وهي أنه مع خروج الاتحاد الأوروبي من أزمة مالية، فإنه يحتاج إلى توجه إيجابي نحول المســـــــــــتقبل من خلال جدول أعمال يركــــــــــــز على النمو، والقدرة التنافسية، وخلق فرص العمل، والاتحاد النقدي، ومكافحة التغير المناخي، وتوحيد سياسات الطاقة، وتعزيز التقدم المحرز في مجالات الحرية والعدالة، والأمن ومكافحة الجريمة والاحتيال، والهجرة غير الشرعية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الحريات الأساسية، ومواصلة العمل الخارجي باستخدام جميع الأدوات المتاحـــــــــــة على المستويين الأوروبي والوطني.. ولتحقيق هذه الأهداف، فلا بد من العمل المشترك بين مؤسسات الاتحاد الأوروبي وبشكل بناء لزيادة فرص النجاح في الأولويــــــــــات التي وردت ســــــلفا، كما يتطلب الفهم المشترك لما ينبـــــــــغي القيام به سواء على المستوى الوطني أو الأوروبي وبناء على مبادئ التناسب والتكامل المنصوص عليها في المعاهدات».
مشاركة :