يدخل فرنسوا هولاند -الذي أخفق في المجال الاقتصادي والمحروم من أغلبية قوية- المرحلة الثانية من ولايته الرئاسية في حالة وهن لم يمر بها رئيس فرنسي من قبله، ما يثير تساؤلات حول قدرته على الترشح لانتخابات 2017. وتوقع جيروم فوركيه من معهد استطلاعات الرأي ايفوب ان يبدي الرئيس الاشتراكي خلال مشاركته غدا في برنامج تلفزيوني يرد فيه على اسئلة الفرنسيين "تصميما على الاهتمام بالمشاكل بقوة"؛ كي "يأمل ان يعترف له الرأي العام بانه انجز عمله حتى وإن لم تكن النتائج في الموعد". وفرنسوا هولاند الذي انتخب في مايو 2012 في اوج الازمة الاقتصادية، خسر بعد السنتين ونصف السنة ثقة الشعب، اذ افاد استطلاعان للرأي مؤخرا ان كل الفرنسيين تقريبا (97%) يرون انه "اخفق" في مجال التوظيف، واكثر من ثمانين بالمئة لا يريدونه ان يترشح مجددا. وفي اجواء قيل حتى في معسكره إنها "نهاية المطاف" وعلى خلفية دعوات الى حل الجمعية الوطنية من قبل اليمين المتطرف الذي يستفيد من نكساته وحتى من اليسار المتطرف، قال الرئيس الاقل شعبية منذ 1958: إنه سينهي ما تبقى من السنوات الخمس من ولايته بدون البحث في مشاريع لما بعد. ونصحه رئيس الوزراء الاشتراكي السابق ميشال روكار علنا بعدم الترشح، ولم يبق سوى اربعة في المائة فقط من الفرنسيين يرون ان هولاند سيكون افضل مرشح للحزب الاشتراكي في 2017. من جانبه، اعتبر رئيس وزرائه مانويل فالس -الذي عين في مارس لتحريك آلية عطلة والاسراع في الاصلاحات، والذي يمثل الجناح اليميني في الحزب- مؤخرا انه لا بد من بذل "كل شيء كي يتمكن "هولاند" من الترشح" لولاية جديدة. وفي منتصف الطريق تبدو الحصيلة كارثية. فبعد أن اتهم اولا بارتكاب هفوات وبالتردد، قام فرنسوا هولاند في يناير 2014 بمنعطف اجتماعي ليبرالي هوجم من اجله حتى من قبل معسكره، ولم يؤد الى اي نتيجة في مجال النمو والتوظيف، وكان قد وعد انه سيعكس مسار البطالة. وتقول الحكومة: إن ثمة دواء واحد وهو الخمسون مليار يورو من الادخار من الان الى نهاية 2017. لكن فرنسوا هولاند اقر بنفسه الصيف الماضي ان هذا البرنامج "لن يأتي بثمار الا على الامد المتوسط"، ولم يستبعد ان "تستفيد منه الولاية المقبلة". وساهم ما كشفته رفيقته السابقة فاليري ترايرفيلر عن حياته الشخصية في كتاب شديد الانتقاد، في تدهور سمعة الرئيس الذي كان يحلم ان يكون "رئيسا عاديا". وتستهدف الانتقادات -الاتية حتى من اغلبيته في البرلمان حيث يزداد عدد الذين دخلوا مرحلة "عصيان"- سياسته التي تعتبر غير مثمرة ومناقضة لمثل اليسار، مجسدين اختلافهم في الرأي بالامتناع عن الاقتراع في عمليات تصويت حاسمة في البرلمان كما جرى حول ميزانية 2015. وفرنسوا هولاند المعروف بإتقانه فن التوفيق، واجه هجمات عدد من الوزراء والمستشارين السابقين الذين يعربون عن حقدهم علنا. ويرى المحلل السياسي ستيفان روزيس ان ذلك يدل على مساس بمنصب الرئيس ناجم خصوصا عن "الشخصية المتحولة وغير الواضحة" للرئيس وانعدام رؤية واضحة لديه لمستقبل البلاد. ويرى جيروم فوركيه ان الزمن الذي كان فيه الرئيس يخطط "لسيناريو مثالي تتسم فيه المرحلة الاولى من ولايته من خمس سنوات بجهود الاصلاح قبل مرحلة ثانية توزع فيها ثمرات الاصلاح" قد ولى. ويقف امام الرئيس نيكولا ساركوزي خصمه اليميني الخاسر في 2012، العائد الى الساحة السياسية بعد سنتين ونصف من الامتناع عن العمل السياسي، غير ان طموحه الترشح في 2017 ما زال يشكل مجازفة؛ لأنه مطعون فيه حتى في صفوف حزبه «الاتحاد» من اجل حركة شعبية على خلفية حرب زعامة بين الفصائل وقضايا قضائية. وتقدم الصعوبات الكبيرة في اليسار واليمين خدمة الى اليمين المتطرف الذي ارتقى الى المرتبة الاولى في الانتخابات الاوروبية في مايو، وتوقعت العديد من الاستطلاعات حول الانتخابات الرئاسية المقبلة أن يفوز بالدورة الأولى التي سيقصى منها احد اكبر التيارين التقليديين الحزب الاشتراكي أو الاتحاد من أجل حركة شعبية.
مشاركة :