فاز الجمهوريون في الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، وانتزعوا السيطرة على مجلس الشيوخ، ورسخوا غالبيتهم في مجلس النواب محققين فوزاً يكشف عن خيبة أمل الأميركيين حيال الرئيس باراك اوباما وحلفائه الديموقراطيين, كما فازوا في سباق حكام الولايات الأمريكية الرئيسية واقتنصوا ولايات مهمة على المستوى السياسي، منها فلوريدا وميشيجان وويسكونسن، وقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل: إن جميع الأطراف عليها "الالتزام بالعمل معا"، ورأى ماكونيل بعد إعادة انتخابه أنه "ليس معنى أن لدينا نظام الحزبين فقط ،أننا يجب أن نكون في صراع دائم", من جهته، قال الحزب الجمهوري: إن سيطرته على مجلس الشيوخ الأمريكي في يمثل "رفضاً للسياسات الفاشلة للرئيس (باراك) أوباما"، وأوضح رئيس الحزب رينس بريباس: "لقد أعطي الجمهوريون الفرصة لقيادة البلاد نحو مسار أفضل، ومجلسا النواب والشيوخ الجمهوريان مستعدان للإصغاء إلى الشعب الأمريكي، ونأمل أن يكون الرئيس أوباما كذلك"، فيما دعا الرئيس اوباما قادة الكونغرس إلى البيت الأبيض غداً، بحسب ما أفاد المتحدث باسمه. سيطرة جمهورية كاملة وبات خصوم الرئيس الأميركي يسيطرون بالكامل على الكونغرس، ما يخولهم إملاء الأجندة البرلمانية للسنتين الأخيرتين من ولاية اوباما. وكان الجمهوريون أعلنوا قبل الانتخابات أن أولوياتهم ستكون اقتصادية وقد جهزوا عشرات القوانين "المراعية للنمو" للسماح ببناء خط أنابيب النفط "كيستون اكس ال" بين كندا وخليج المكسيك، وتطوير إنتاج الغاز الطبيعي، ومساعدة الشركات الصغرى والحد من القوانين والتنظيمات. وبعد إعادة انتخابه، أعلن السناتور الجمهوري ميتش ماكونيل المدعو بصفته رئيساً للغالبية في مجلس الشيوخ لتجسيد المعارضة لباراك اوباما، أن "هذه التجربة القائمة على توسيع دور الدولة دامت أكثر ما ينبغي. حان الوقت لتبديل الوجهة! حان الوقت لإعادة البلاد إلى السكة!". وبعدما استعادوا مجلس النواب عام 2010 تمكن الجمهوريون من العودة إلى السلطة في مجلس الشيوخ أيضاً، حيث زادوا عدد مقاعدهم من 45 إلى 51 مقعداً من أصل مائة بحسب توقعات الشبكات التلفزيونية الأميركية، فيما لا تزال نتائج انتخابات مجلس الشيوخ عالقة في لويزيانا، حيث ستجري دورة ثانية في 6 كانون الأول/ديسمبر. وجاءت الانتخابات بمثابة تحذير وجهه الاميركيون الذين سئموا الصراع البرلماني المستمر منذ اربع سنوات بين الجمهوريين والديموقراطيين، والذي منع الكونغرس المنقسم من إقرار أي إصلاح كبير ولا سيما في موضوع الهجرة التي تبقى ملفاً ساخناً مع وصول عدد المهاجرين المقيمين بصفة غير شرعية في الولايات المتحدة إلى أكثر من 11 مليوناً. وعكست استطلاعات الرأي لدى الخروج من مراكز التصويت خيبة أمل الناخبين، حيث انتقد 79% منهم عمل الكونغرس واعتبر ثلثاهم أن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. وأعرب أقل من الثلث عن ارتياحه لأداء إدارة باراك اوباما، كما أن عدد المؤيدين لأداء قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس لم تتخط هذه النسبة، بحسب ما نقلت شبكة سي ان ان. وأعرب 22% فقط عن ثقتهم بأن الجيل المقبل من الأميركيين ستكون حياته أفضل من الجيل الحالي. وأنقذ الديموقراطيون مقعدهم في نيوهامشير، حيث أعيد انتخاب السناتورة جين شاهين، فيما انتزع الجمهوريون من الديموقراطيين مقاعد فرجينيا الغربية وداكوتا الجنوبية ومونتانا واركنسو وكولورادو وايوا. ويباشر الكونغرس الجديد ولايته في الثالث من كانون الثاني/يناير على أن يواصل الأعضاء الحاليون مهامهم إلى ذلك الحين. عقوبة الحزب الحاكم وبذلك ينهي الرئيس ولايته متعايشاً مع الحزب المخاصم له في مجلسي الكونغرس، وهو وضع واجهه من قبله كل من جورج بوش وبيل كلينتون وجورج بوش الأب ورونالد ريغان، حيث تتخذ الانتخابات النصفية تقليدياً، شكل عقوبة ضد الحزب الحاكم في البيت الأبيض. ولم يحسب الناخبون للرئيس الديموقراطي تراجع البطالة إلى 5,9% وهو أدنى مستوى منذ ست سنوات، ولا النمو الكبير لإجمالي الناتج الداخلي الذي سجل +3,5% في الفصل الثالث من السنة، ولا إصلاح نظام الضمان الصحي. وتعزز الإحساس بإخفاق في "القيادة" في البيت الأبيض مع تراكم السجالات والفضائح ولا سيما الكشف عن برامج وكالة الأمن القومي للرقابة والتجسس والاستهداف السياسي في عمل مصلحة الضرائب والتقصير في المستشفيات العسكرية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين على الحدود المكسيكية وإصابة ممرضتين أميركيتين بفيروس ايبولا، وكذلك مع تزايد الأزمات في الخارج مع النزاع في اوكرانيا وسوريا. ولا يعرف بعد كيف سيوظف الجمهوريون غالبيتهم في الكونغرس. ويعي مسؤولو الحزب أن باراك اوباما لا يزال يمسك بسلطة النقض، ولن يصدر على الأرجح قوانين تقضي على ورش رئاسته الكبرى، بدءاً بإصلاح الضمان الصحي الذي يطلق عليه اسم "اوباماكير". غير أن الخلافات داخل الحزب الجمهوري تبقى حادة وليس هناك أية بوادر تشير إلى أن أعضاء حركة حزب الشاي المحافظة المتطرفة مثل السناتور عن تكساس تيد كروز على استعداد لمد اليد إلى الديموقراطيين. فاز الجمهوريون في سباق حكام الولايات الأمريكية الرئيسية التي أجريت، أمس الثلاثاء، واقتنصوا ولايات هامة على المستوى السياسي، منها فلوريدا وميشيجان وويسكونسن لينضموا إلى الزخم الحزبي الذي مكن الحزب الجمهوري من السيطرة على مجلس الشيوخ. وأشارت التوقعات في سباق حكمه قلق الناخبين الأمريكيين من انتعاش اقتصادي غير متوازن إلى فوز الجمهوريين بمناصب حكام الولايات في معاقل الديمقراطيين منها ماساتشوستس وماريلاند بل وإيلينوي الولاية التي ينتمي اليها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما. وجاء في توقعات لشبكة فوكس نيوز التلفزيونية، أن الجمهوري تشارلي بيكر فاز في السباق على منصب حاكم ولاية ماساتشوستس بعد تغلبه على منافسته الديمقراطية مارثا كوكلي. بينما ذكرت شبكة تلفزيون إيه.بي.سي نيوز، أن رجل الأعمال الجمهوري لاري هوجان، فاز في السباق على منصب حاكم ماريلاند، بعد أن هزم حاكم الولاية الديمقراطي انتوني براون. كما أشارت توقعات لشبكة إن.بي.سي التلفزيونية إلى أن رجل الأعمال الجمهوري بروس رونر أطاح بحاكم ولاية إيلينوي الديمقراطي بات كوين على الرغم من محاولات الديمقراطيين لمنع منصب حاكم الولاية التي ينتمي اليها أوباما من السقوط في أيدي الجمهوريين. ودعم أوباما كوين، وأيضاً الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وشخصيات ديمقراطية كبيرة أخرى، لكن مشاكل الميزانية أسقطت حاكم الولاية الديموقراطي. وأشارت توقعات لشبكة إن.بي.سي التلفزيونية إلى أن الجمهوري سام براونباك حاكم ولاية كانساس، أعيد انتخابه بعد فوزه على منافسه الديمقراطي بول ديفيز. بينما ذكرت شبكة سي.بي.إس التلفزيونية إلى أن الجمهوري بول ليباج حاكم ولاية مين، أعيد انتخابه ليحتفظ بمنصبه بعد منافسة ثلاثية الأطراف، شارك فيها أيضا الديمقراطي مايكل ميشود عضو مجلس النواب الأمريكي، والمنافس المستقل إليوت كوتلر. وأشارت توقعات لشبكة سي.إن.إن التلفزيونية إلى أن الجمهوري ناثان دييل حاكم ولاية جورجيا أعيد انتخابه بعد فوزه على منافسه الديمقراطي جيسون كارتر عضو مجلس شيوخ الولاية وحفيد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. وفي ولاية ويسكونسن، أشارت توقعات رويترز/إبسوس إلى فوز الحاكم الجمهوري سكوت ووكر، وهو من حركة حفل الشاي المحافظة، وله طموحات لخوض انتخابات الرئاسة على الديمقراطية ماري بيرك. وفي ولاية فلوريدا، وهي من أهم الولايات الأمريكية التي ترجح كفة السباقات، أشارت التوقعات إلى فوز الحاكم الجمهوري ريك سكوت على تشارلي كريست، وهو حاكم جمهوري سابق تحول إلى ديمقراطي. وإعادة انتخاب جمهوريين لمنصب الحاكم في ولايات كبيرة وأيضاً انتخاب حكام جمهوريين جدد في سباق شمل 36 ولاية، عزز ليلة سعيدة للجمهوريين الذين استعادوا السيطرة على مجلس الشيوخ.
مشاركة :