يقوم رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما، يوم الاثنين المقبل، بزيارة تاريخية إلى بلغراد، وستكون الأولى لرئيس حكومة ألبانية إلى صربيا منذ 68 سنة، وتأتي في مناخ من تجدد التوتر بين الصرب والألبان في المنطقة. وهذه الزيارة التي كانت مقررة في الأصل في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تأجلت لـ3 أسابيع على أثر أحداث خطيرة أدت إلى وقف مباراة لكرة القدم بين صربيا وألبانيا في إطار التصفيات المؤهلة إلى أمم أوروبا «يورو 2016»، في 14 أكتوبر في بلغراد. وتلك الأحداث التي أثارها تحليق طائرة من دون طيار ترفع علم «ألبانيا الكبرى» فوق أرض الملعب في بلغراد، تسببت في أزمة سياسية غير مسبوقة مصحوبة بتبادل كلامي حاد بين بلغراد وتيرانا، مما يبرز هشاشة العلاقات بين الجانبين. لكن أمام تصميم الاتحاد الأوروبي الحازم على دفع الصرب والألبان إلى تطبيع علاقاتهما، سعت صربيا وألبانيا اللتان تطمحان إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي إلى التهدئة. وغداة الأحداث اتفق راما ونظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش الحريصان على الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، أثناء اتصال هاتفي، على إبقاء زيارة رئيس الوزراء الألباني إلى صربيا رغم «الخلافات الجلية» حول أسباب الأحداث. وتستضيف بلغراد راما على أمل أن تعطي زيارته الفرصة لإجراء «محادثات صريحة» تسمح بـ«طي الصفحة»، حسب ما ذكره مصدر مقرب من الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف هذا المصدر طالبا التكتم على هويته: «نتوخى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين صربيا وألبانيا (...) في إطار هدف مشترك للمحافظة على الاستقرار في البلقان». ومن جهتها، ترغب تيرانا في أن تخفف الزيارة من الأزمة السياسية الرياضية، التي طرأت بعد مباراة كرة القدم، وأن تحسن العلاقات الهشة في البلقان. وقد صرح راما قبل بضعة أيام من توجهه إلى بلغراد: «حان الوقت لطي الصفحة وعدم الوقوع في شرك سياسة احتجزتنا رهينة لمدة طويلة». وأضاف: «إن من مصلحة بلدينا التقدم (...) وأوروبا هي وجهتنا المشتركة، لأننا نريد أن نكون جزءا من الأسرة الأوروبية». واعتبر المحلل الصربي دوسان يانجيتش «أن الحدث مهم وتتوفر الفرصة أمام الحكومتين لبدء مرحلة من التعاون الملموس وتهدئة التوترات، خصوصا حول فكرة ألبانيا الكبرى». و«ألبانيا الكبرى» هي مشروع قومي يرمي إلى توحيد كل الألبان في دولة واحدة تضم أيضا كوسوفو، الإقليم الصربي السابق المأهول بغالبية ألبانية، الذي أعلن استقلاله في 2008، وترفض بلغراد، خلافا لتيرانا، الاعتراف به. وقال وزير الخارجية الألباني ديمتري بشاتي أخيرا: «أخشى للأسف أن يكون ذلك (ألبانيا الكبرى) كابوس صربيا. ذلك لم يكن على الإطلاق ضمن مشاريعنا وأهدافنا السياسية. هدفنا هو رؤية كل المنطقة مندمجة كليا في الاتحاد الأوروبي». من جهته رأى مارك ماركو، البروفسور في جامعة تيرانا، أن إقامة علاقات أفضل بين ألبانيا وصربيا «قد تكون المفتاح لاستقرار ديمقراطي في المنطقة ولتقدمها نحو الاتحاد الأوروبي». ولفت المحلل المستقل ألكسندر سيبا إلى «وجوب أن تبدي الحكومتان رغبتهما في تخطي مناخ التوتر الحالي، الذي أجج المشاعر ذات الطابع القومي». وفضلا عن محادثاته مع المسؤولين الصرب، يرغب راما في التوجه، في إطار زيارته، إلى وادي بريشيفو في جنوب صربيا، حيث تعيش جالية ألبانية كبيرة، لكن بلغراد لم تؤكد بعد هذا التفصيل.
مشاركة :