أربيل: شيرزاد شيخاني في خضم الحملة الانتخابية، وبغياب مؤسسات ومراكز بحث علمية تقرأ توجهات الناخب الكردي، تزداد تكهنات وتوقعات قادة الأحزاب الكردستانية بالفوز الساحق في الانتخابات المقبلة؛ فكل حزب بما لديهم فرحون، ولذلك يطلقون تصريحات دون أي حساب للواقع متجاوزين في كثير من الأحيان حدود المنطق، بإيصال سقف تلك التوقعات إلى أرقام تتناقض تماما مع الواقع الانتخابي، وتستغفل مشاركة أكثر من 30 حزبا وكيانا سياسيا بتلك الانتخابات؛ فهناك حزب يقول بأنه سيحصل على نسبة 45 في المائة من عدد مقاعد البرلمان، وآخر يدعي أنه سيفوز بـ35. وهناك من يتوقع حصوله على أربعين مقعدا، في حين أنه حصد أقل من ذلك العدد بالانتخابات السابقة. ويتغافل جميع هؤلاء عن أن عدد مقاعد البرلمان هو مائة مقعد لا يزيد ولا ينقص، وأن هناك ما يقرب من 15 مقعدا ذهبت في الانتخابات السابقة إلى أحزاب صغيرة إسلامية ويسارية وقومية. الجميع ينتظرون نتائج الانتخابات المقبلة التي ستكون مصيرية وحاسمة بالفعل بالنسبة للعديد من القوى الأساسية بكردستان، التي تواجه لأول مرة منذ تحرر كردستان عام 1991 وتشكيل أول برلمان محلي في 19-5-1992 أول تحد جدي، خاصة بعد انفراط عقد التحالف بين الحزبين الرئيسيين (الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني) وذهاب كل منهما إلى الانتخابات المقبلة بقائمة مستقلة، يضاف إلى ذلك ظهور حركة التغيير المعارضة التي يدعي قادتها أنهم كسبوا مزيدا من الشعبية بما يتيح لهم تسلم السلطة بالمرحلة المقبلة. فكما أشار رئيس الحركة نوشيروان مصطفى إلى «أن حركته تسعى هذه المرة إلى تسلم السلطة وليس مجرد الاشتراك بالحكومة المقبلة». وقال في لقاء متلفز على قناة «كي إن إن» التابعة لحركته: «إن عصر التخويف والترهيب وشراء الذمم قد ولى، وهي أساليب كانت تلجأ إليها الحكومات الاستبدادية والفاشلة، فالمجتمع الكردستاني أصبح اليوم أكثر وعيا من الانخداع بمثل هذه الأساليب، ولذلك فإن الانتخابات المقبلة ستكون كالمحكمة العادلة التي بإمكانها أن تعاقب المسيء وتكافئ المحسن، ولذلك أدعو أبناء الشعب كافة إلى التوجه لصناديق الاقتراع لانتخاب من يرونه أهلا لثقتهم، وليقرروا هم بأنفسهم يكافئون من ويعاقبون من». وأوضح رئيس حركة التغيير المعارضة «أن المرحلة المقبلة بالنسبة لحركة التغيير هي مرحلة تسلم السلطة، مع التأكيد على أننا لن نقصي أو نهمش أي طرف سياسي، سواء كان كبيرا أو صغيرا، وأن الحركة ستعمل على حماية السلم الاجتماعي وإعطاء الفرصة للجميع بالمشاركة في إدارة شؤون الإقليم». وردا على هذا التصريح رحب المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني باللغة الهادئة لرئيس حركة التغيير، وقال: «إن تصريحات مصطفى لا تختلف عما كان يطلقها من تصريحات سابقة، لكن هذه المرة كانت أكثر هدوءا، وإلا فإن في الجوهر لا خلاف بين تلك التصريحات». وحول رغبة حركة التغيير في تسلم السلطة قال جعفر إيمينكي متحدث المكتب السياسي لحزب بارزاني في لقاء مع برنامج «حدث اليوم» بتلفزيون «روداو» الكردي: «تسلم السلطة لا يحتاج إلى معجزة حتى يتمكن السيد مصطفى من تحقيقه، الفرصة أمامهم، فإذا تمكنوا من الفوز بالانتخابات المقبلة فليتفضلوا بتسلم السلطة، نحن من جانبنا نؤمن بالتعايش بين الجميع، ولكن حركة التغيير كانت منذ بداية نشوئها تسعى إلى شطب حزبنا والاتحاد الوطني، والتصريحات الأخيرة تعتبر تغييرا بموقف هذه الحركة، وهذا أمر نرحب به». ويرى قيادي بحزب طالباني «أن حركة التغيير لا تستطيع أن تمضي بتشكيل حكومة منفردة حتى لو فازت بالأغلبية الساحقة، فلا بد أن تكون هناك حكومة ائتلافية من جميع الأطراف التي تحصل على المقاعد بالبرلمان المقبل»، وقال القيادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك واقعا سياسيا مفروضا على كردستان منذ عدة عقود، والذي يفرض أن تكون السلطة بإدارة مشتركة، لأن المجتمع الكردستاني بحد ذاته منقسم على عدة اتجاهات سياسية، ولا أحد من أي طرف يستطيع أن يحكم بمفرده». وبسؤاله حول ما إذا لجأت حركة التغيير إلى التحالف مع حزب بارزاني على حساب حزبه الاتحاد الوطني قال القيادي الكردي: «هذا غير ممكن واقعيا، لأننا وحركة التغيير متقاربان في الفكر والمنهج أكثر من حزب بارزاني معهم، فلدينا قواسم عديدة مشتركة تجمعنا تاريخيا ونضاليا وسياسيا وفكريا، وننهل من النبع ذاته، لذلك لا بد في النهاية أن نتوحد معهم، أو على الأقل أن يكون هناك تحالف سياسي بيننا، وأعتقد أنه بعد الانتخابات المقبلة ستتضح الصورة أكثر، ولكني أؤكد أن تحالف حزبنا مع حركة التغيير من شأنه أن يرجح كفة الميزان لصالحنا معا، سواء بالحكومة المقبلة أو داخل البرلمان، وهذا بحد ذاته سيكون تغييرا إيجابيا بالمعادلة السياسية الحالية». من جهته يشدد الدكتور شورش حاجي القيادي بحركة التغيير الكردية ونائبها بالبرلمان العراقي على «أن المجتمع الكردستاني أصبح أكثر وعيا في التعامل مع الأحزاب السياسية بكردستان، وأعتقد أنه أصبح قادرا على التمييز بين برامج الأحزاب وبين أقوالها وأفعالها»، مضيفا: «فلننتظر ظهور نتائج الانتخابات المقبلة، وأعتقد أن الخارطة السياسية بكردستان ستتغير حتما بعد تلك الانتخابات، والتحالفات الجديدة ستفرض نفسها». وفي سياق متصل لقي شخص آخر مصرعه بهجوم شنه مجهولون على مقر انتخابي للاتحاد الوطني الكردستاني بمحلة (حاجي آوا) بمركز مدينة السليمانية. وأعلن متحدث قيادة شرطة المدينة «أن مجهولين فتحوا نيران أسلحتهم على مقر انتخابي بالمحلة المذكورة، ما أدى إلى مقتل شاب في الثامنة عشرة من عمره، وإصابة آخر بجروح، وباشرت السلطات الأمنية بتحقيقاتها في الحادث المذكور الذي يأتي بعد يوم واحد من مقتل امرأة أخرى بتجمع انتخابي تابع لحركة التغيير المعارضة».
مشاركة :