أعلنت 6 أحزاب سياسية تونسية عن قرارها دعم ترشح المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في تونس في الـ23 من الشهر الحالي. وبهذا القرار تكون صورة المنافسات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في تونس قد بدأت تتضح وباتت تسير بخطى حثيثة نحو استقطاب ثنائي يضع الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس والمنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي وجها لوجه، وهو سيناريو منتظر من خلال متابعة الخطاب السياسي الذي سوقته الحملة الانتخابية لكلا الطرفين. ويعد هذا المؤتمر الصحافي الذي عقدته الأحزاب السياسية الستة ردة فعل أولية بعد اتهام حركة النهضة بتمهيد الطريق أمام الباجي للوصول إلى قصر قرطاج بعد اتخاذها موقفا محايدا تجاه كل المرشحين. ولم يلقَ موقف النهضة مساندة كاملة بين أعضاء مجلس الشورى، وكذلك من قواعدها التي تميل نحو مساندة ترشح المرزوقي. وتمسكت أحزاب التيار الديمقراطي (يرأسه محمد عبو) والمؤتمر من أجل الجمهورية (عماد الدايمي) والبناء الوطني (رياض الشعيبي - قيادي سابق في حركة النهضة) وحزب الإصلاح والتنمية (محمد القوماني) والحركة الوطنية للعدالة والتنمية (مراد الرويسي) وحزب البناء المغاربي (نور الدين الختروشي)، بمبدأ دعمها ترشح محمد المنصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية. وأكدت قيادات تلك الأحزاب في مؤتمر صحافي عقد يوم أمس في العاصمة التونسية أنها شرعت في تشكيل جبهة لدعم حملة المرزوقي في الانتخابات الرئاسية. وقال محمد عبو زعيم حزب التيار الديمقراطي إن حزبه قرر دعم ترشح المرزوقي للرئاسة «علنا وبكل وضوح» بعد فشل مبادرة تقديم رئيس توافقي في منافسات الرئاسة. وبرأ حزبه من أية مصلحة حزبية أو سياسية سينالها من خلال دعم الرئيس التونسي الحالي، على حد تعبيره. وبعد فوز حركة نداء تونس التي أسسها ويقودها الباجي قائد السبسي، السياسي التونسي المخضرم، بات شعار «من يهزم الباجي؟» متداولا بين عدة أطراف سياسية تونسية، خصوصا ممن تعتبر نداء تونس تمهيدا لعودة النظام القديم، ويجمع أكثر من تحليل سياسي على أن تمكن حزب الباجي، الذي تشكل منتصف شهر يونيو (حزيران) 2012، من اكتساح منافسيه بعد تعبئة سياسية هامة كان شعارها خلال الانتخابات البرلمانية «من يهزم حركة النهضة؟» هو الذي دفع إلى محاولة الحد من طموحه السياسي غير المحدود. وعبر رياض الشعيبي رئيس حزب البناء الوطني (تأسس سنة 2013) عن دعم المرزوقي في الانتخابات الرئاسية «سياسيا وشعبيا»، ودعا كل القوى المؤمنة بقيم الثورة والدفاع عن استقلالية القرار الوطني إلى تشكيل جبهة سياسية وطنية لمساندة المرزوقي. وشغل الشعيبي منصب رئيس لجنة الإعداد للمؤتمر الـ12 لحركة النهضة الذي عقد بتونس العاصمة صيف 2012 قبل أن يعلن انسلاخه من الحركة على خلفية حيادها عن أهداف الثورة على حد تعبيره. وكان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية قد مني بهزيمة قاسية في الانتخابات البرلمانية الماضية، ولم يحصل سوى على 4 مقاعد برلمانية في الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول) المنقضي. وكان عدد مقاعده في المجلس التأسيسي (البرلمان) في انتخابات 2011 في حدود 29 مقعدا، واحتل المرتبة الثانية بعد حركة النهضة. وحصل حزب التيار الديمقراطي الذي تأسس بعد الثورة وجل قياداته من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بدوره على 3 مقاعد ولم يتجاوزا عتبة الـ3 في المائة التي تمنحهم حصانة ضد إرجاع منحة التمويل العمومي المتعلقة بالانتخابات البرلمانية. ولا يزال قرار مجلس شورى حركة النهضة بعدم مساندة أي مرشح للرئاسة يلقي بظلاله على الترشحات للانتخابات الرئاسية، إذ هذا الموقف لم يمر دون أن يخلف مجموعة من التساؤلات والتداعيات الممكنة على حظوظ الكثير من المرشحين. وكان في الحسبان أن تعلن النهضة عن دعم المنصف المرزوقي الرئيس التونسي الحالي وشريكها في تحالف الترويكا في مواجهة بقية المرشحين، وخصوصا الباجي قائد السبسي، غير أنها فضلت موقع الحياد، وهو ما قد يفضي وفق محللين سياسيين متابعين للمشهد السياسي التونسي إلى تمهيد الطريق وتعبيده أمام الباجي لدخول قصر قرطاج. وتدفع عدة قيادات سياسية نحو تشكيل جبهة سياسية ضد وصول الباجي إلى قصر قرطاج، وتستعمل لبلوغ هذا الهدف عدة طرق، من بينها تخويف التونسيين من مخاطر «تغول» حركة نداء تونس المنتشية بفوزها في الانتخابات البرلمانية وتوجهها نحو تشكيل الحكومة باعتبارها الحزب المتحصل على أكثرية المقاعد في البرلمان. وتلقى الباجي قائد السبسي في يومين فقط دعما سياسيا هاما من حزب الحركة الدستورية التي يتزعمه حامد القروي بعد دعوته الدساترة وأنصار حزب لتجمع المنحل بالتصويت لفائدة زعيم نداء تونس، وكذلك إقرار حركة النهضة، غريمه السياسي الأول، الحياد تجاه المتنافسين في السباق الرئاسي. وانتقد مصطفى بن جعفر رئيس حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمرشح في الانتخابات الرئاسية موقف مجلس شورى حركة النهضة المتعلق بعدم مساندة أي مرشح للرئاسة. وقال على هامش زيارة ميدانية إلى مدينة الكاف (شمال غربي تونس) إن رهانا كبيرا مطروحا خلال هذه الفترة على تونس والتونسيين، وعلى حركة النهضة اتخاذ موقف. وتابع قوله: «كان حري بها أن تتخذ موقفا واضحا من مرشحي الانتخابات الرئاسية».
مشاركة :