حذرت منظمة "أوكسفام" الدولية في تقرير جديد لها صدر أمس أن نحو 146 مليون شخص ربما يواجهون خطر الفقر بحلول عام 2025 إذا استمرت خطط التقشف في أوروبا دون توقف. ووفقاً لـ "الألمانية"، يعد هذا التقرير أحدث مساهمة في نقاش بالاتحاد الأوروبي حول تأثيرات إجراءات التقشف، وفي ظل ارتفاع مستوى البطالة إلى معدلات قياسية وازدياد السخط الشعبي، قام الاتحاد الأوروبي بالفعل بتخفيف إجراءات التقشف لديه إلى حد ما، غير أن أوكسفام ترغب في المزيد. وأشارت ناتاليا ألونسو، رئيسة مكتب الاتحاد الأوروبي في أوكسفام إلى أن "التخفيضات الشديدة للغاية في الأمن الاجتماعي والصحة والتعليم وتدني حقوق العمال والضرائب غير العادلة تجعل ملايين الأوروبيين محاصرين في دائرة من الفقر يمكن أن تستمر لأجيال"، فيما أكد الخبير الاقتصادي في البنك الدولي سابقاً جوزيف ستيجليتز الحائز على جائزة نوبل الذي كتب مقدمة التقرير أن موجة التقشف الاقتصادي التي اجتاحت أوروبا تنذر بإحداث أضرار خطيرة ودائمة على النموذج الاجتماعي الذي طال انتظاره للقارة. وذكرت منظمة أوكسفام ومقرها بريطانيا أن الأمر ربما يستغرق 25 عاما كي يستعيد الأوروبيون مستويات المعيشة التي تمتعوا بها منذ خمسة أعوام، وتوقعت المنظمة أن ما يتراوح بين 15 - 25 مليون أوروبي آخرين سيكونون عرضة للفقر بحلول عام 2025 إذا ترك التقشف دون رقابة، وينطبق هذا الوصف على 121 مليون شخص في 2011 بالاتحاد الأوروبي. وحذرت أوكسفام من أن انعدام المساواة بين الأكثر فقرا والأكثر ثراء في اتساع. وأضافت ألونسو أن الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المملكة المتحدة وإسبانيا ربما تصبح على غرار الوضع في جنوب السودان أو باراجواي، وحثت وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، الذين سيعقدون يومين من المباحثات غير الرسمية في ليتوانيا اعتبارا من اليوم على التراجع عن هذا المسار. إلى ذلك، كشف مكتب الإحصاء اليوناني "إلستات" أمس أن معدل البطالة في اليونان وصل إلى مستوى قياسي عند 27.9 في المائة في حزيران (يونيو) أي أكثر من ضعف المتوسط بمنطقة اليورو والبالغ 12.1 في المائة في الشهر ذاته، بحسب "الألمانية". وكان هناك نحو ثلثي الشباب ممن تقل أعمارهم عن الخامسة والعشرين أي 58.8 في المائة منهم بدون عمل في هذا الشهر، ويعد معدل البطالة الجديد أعلى من معدل 27.6 في المائة المسجل في أيار(مايو) و24.6 في المائة العام الماضي. وأظهرت البيانات أن عدد العاطلين عن العمل بلغ أكثر قليلا من 1.4 مليون شخص بزيادة قدرها 174 ألفا و709 أشخاص بالمقارنة مع حزيران (يونيو) من عام 2012. وكانت دراسة يونانية أظهرت أنه لا يزال أمام اليونان نحو 20 عاماً قبل تحسن وضعها الاقتصادي وتراجع نسبة البطالة بها جراء الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها وتهدد بإفلاسها، حيث توقع معدو الدراسة بمعهد العمل التابع لأكبر اتحاد عمالي للقطاع الخاص أن نسبة البطالة لن تتراجع في الوقت الحالي إلى 10 في المائة إلا بعد مرور عشرين عاما. وتنفذ اليونان المثقلة بالديون إجراءات تقشف لا تحظى بتأييد شعبي ويطالب بها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مقابل إنقاذها بمليارات اليورو، وتمر اليونان حاليا بعامها السادس من الركود وتعهدت الحكومة التي يقودها المحافظون بإنهاء فترة الركود العام القادم، فقد أكد انطونيس ساماراس رئيس الوزراء اليوناني عن اعتقاده أن سياسة الإصلاح والتقشف التي تنتهجها بلاده بدأت تؤتي ثمارها، متوقعاً أن تحقق اليونان فائضا أولياً في الميزانية لهذا العام وذلك بدون النظر إلى حجم الديون الهائل لأثينا، وهذا يعد خطوة أولى للخروج من سياسة التقشف، مشيرا إلى أن هذه الموارد سيجري الاستعانة بها في أول تدابير لدعم الفئات السكانية الضعيفة اجتماعياً. وحصلت أثينا على أول حزمة إنقاذ بقيمة 110 مليارات يورو في أيار(مايو)2010، تلتها حزمة أخرى بقيمة 140 مليار يورو في عام 2012، ومن المنتظر أن تحصل على قرض تالٍ من حزمة الإنقاذ بقيمة 5.8 مليار يورو في نهاية أيلول(سبتمبر) الجاري، وسيحق لها أن تحصل على مليار يورو أخرى في تشرين الأول (أكتوبر) إذا ما أوفت بشروط الدائنين الدوليين.
مشاركة :