خطّ الجبل وسمًا من الشموخ على محافظة العارضة في منطقة جازان، فأشرقت عبر تاريخها القديم تراثًا وحضارة، وازدهت بإمكاناتها مدينة سياحية، تعانق الجبل شموخًا، وينبسط جمالها متدفقا عبر أوديتها الشهيرة، ليرسم لوحة من الروعة عبر السهول، والغابات، والأشجار، وحتى خلف تلك الحقول التي يقف في وسط أحدها إنسان عشق الجبل والسهل معًا، كجزء من عشقه للوطن الكبير. وتثب محافظة العارضة نحو التطور والنمو، عبر خطط طموحة ومشروعات تنموية، ليزدهي الجنوب الشرقي لمنطقة جازان، من خلال ما تمتلكه المحافظة من تنوع جغرافي بين الجبال والسهول، فضلًا عن امتلاكها مقومات تؤهّلها لاستقطاب استثمارات عملاقة وبخاصة في المجالات السياحية. وللوهلة الأولى، تعانق “قلعة أبوصمة” التاريخية ناظري الزائر للمحافظة، وهي تقف شامخة على سفح عليّ، مطلة على تاريخ عريق واكب توحيد الدولة، وشهد على عراقة الإنسان، في حقبة زمنية جعلت تلك القلعة مقرًّا لجمع الزكوات من الحبوب، وحفظها في مخازن أعدت خصيصا لذلك قبل توزيعها لمستحقيها، فيما تشهد أبنية القلعة وحجراتها ورسوماتها الأثرية وأحجارها، على آثار بل أطلال لحياة كانت هنا، شامخة شموخ الإنسان آنذاك، فيما يقف “جبل الدقم” بإطلالته غربًا، وبتاريخه وأساطيره، معززًا ذلك الشموخ، ومدونًا لحقبة غابرة، كانت جزءًا من حياة أهالي العارضة. ويرسم السوق الشعبي بمحافظة العارضة لوحة شعبية واقتصادية أخرى، وهو يزدهر بتجارته لأكثر من 130 عامًا، كما أكد كبار السنّ من تجار وباعة ومتسوقين في السوق، الذي استمر في موعده الأسبوعي “الخميس”، فظلّ عبر تاريخه الطويل، رمزًا للأصالة، ومعرضًا للموروثات وعراقة الإنسان واعتزازه بتلك الموروثات من أدوات طينية ومصنوعات فخارية وخزفية، والتي لا تزال تحيا، بل وتزاحم كل مقتنيات العصر، فضلًا عن ما يجود به السوق من معروضات السمن والعسل والبن والقشر والملبوسات التقليدية وغيرها، إلى جانب النباتات العطرية التي تمنح السوق روائح ذكية تمتع الزوار. ويلتقي مرتادو السوق أسبوعيًّا مستذكرين حكايات وقصص لمقر السوق القديم وسط الوادي، والذي حمل معه ذكريات من سبقوا، قبل أن ينتقل لمقره الحالي قبل عشر سنوات، محافظًا على ذات الطابع التقليدي بكل مكوناته وعراقته، بل ومحافظًا على ذات القصص والحكايا التي ظلت تجمع الأهالي والمتسوقين من كافة المحافظات في محفل اجتماعي لتبادل الأخبار، فيما يعتبر سوق العارضة بمعروضاته التقليدية وحركته الاقتصادية المشهودة كل خميس لوحة فنية يتسابق إليه الباعة والمشترون، ويمثل مقصدًا للجميع ومصدرًا للرزق، ويشهد حراكًا أسبوعيًّا على مدار العام تعزز ذلك المناسبات الاجتماعية التي تشهدها المنطقة، حيث يزداد الإقبال تبعًا لتلك المناسبات، فيكون السوق معها مناسبًا لشراء كافة المستلزمات الشعبية والتقليدية. وتشتهر محافظة العارضة بمراكزها الإدارية الثلاثة قيس والحميراء والقصبة وقراها التي تزيد عن 600 قرية، يسكنها نحو 125.000 نسمة، بالعديد من المواقع السياحية منها جبال سلا وقيس والعبادل، ومطلّ المغرَب وبحيرة السدّ وعيون المياه الحارة الجوفية، ووادي الروغ، ووادي خمران الذي يشتهر بكثرة أشجار الكاذي، إلى جانب النباتات العطرية المشهورة في المحافظة من الأقحوان والنرجس والوزاب والبعيثران والشيح، وزراعة المانجو والذرة والفواكه. ورسمت بلدية محافظة العارضة خططًا تنموية طموحة، عبر مشروعات تعزز إمكانات المحافظة وتستثمر مقوماتها، حيث تقوم البلدية حاليا بتنفيذ مشروعات للسفلتة والأرصفة والإنارة بمبلغ 15.435.875 ريالًا، وتحسين وتجميل المداخل بتكلفة 1.557.800 ريال، وتأهيل وتطوير الشوارع والأرصفة والإنارة بتكلفة 4.175.000 ريال، وإنشاء حدائق وساحات وممرات مشاة بتكلفة تبلغ 4.708.845 ريالًا، وإنشاء أسواق بمبلغ 2.990.000 ريال، وإنشاء مركز حضاري بتكلفة بلغت 7.692.240 ريالًا، بالإضافة إلى عدد من المشروعات المقترحة ضمن برنامج خطة التحول الوطني تشمل إنشاء حديقة الحميراء، وإنشاء ممشى عام بمحافظة العارضة والمراكز التابعة لها، فضلًا عن مشروعات السفلتة والإنارة وربط القرى. وعززت الإدارة العامة لخدمات المياه بمنطقة جازان، خدماتها المقدمة بمحافظة العارضة من خلال تنفيذ ثلاثة مشروعات حيوية شملت المرحلة الأولى من مشروع شبكات مياه قرى العارضة والمشتمل على خزانات إستراتيجية و3000 عداد وشبكات للمياه بلغت أطوالها 360 كيلومترا، بتكلفة بلغت 76.000.000 ريال، نسبة إنجاز بلغت 98%، إلى جانب مشروع قرى الحميراء والذي بلغت نسبة إنجازه 93%، ويضم ثلاثة خزانات هي خزان الحميراء سعة 1600 متر مكعب، وخزان الرد سعة 2500 متر مكعب، وخزان سردشة سعة 2500 متر مكعب، فضلًا عن شبكات مياه بلغت أطوالها 200 كيلو متر، بمبلغ 45.000.000 ريال، وكذلك مشروع المرحلة الثانية لاستكمال مياه قرى العارضة، والذي بلغت نسبة الإنجاز فيه 97% وبتكلفة بلغت 39.000.000 ريال، ويشمل شبكات مياه بأطوال 360 كيلو مترًا، وتركيب 3000 عداد، فيما يجري العمل على ترسية مشروع محطة صرف صحي، ومشروعات للمياه للقطاع الجبلي في مركزي العبادل وسلا. وتربط مراكز وقرى محافظة العارضة شبكة من الطرق الحديثة، مكّنت الزوار من الاستمتاع بالمواقع السياحية الجبلية والمطلات، التي تُشرف على الأودية والسهول المنبسطة والغابات والأشجار الطبيعية، فيما تضم المحافظة فروعًا لكافة الإدارات، إلى جانب الشقق المفروشة والمرافق الخدمية، فيما تظلّ المحافظة وفقًا لمقوماتها الطبيعية والسياحية مؤهلة لاستقطاب مزيد من الاستثمارات وبخاصة في المجالات السياحية والفندقية.
مشاركة :