أفاد مستثمرون ورجال أعمال، بأن هناك مقترحات عدة يمكن أن تسهم في تحسين كلفة ممارسة الأعمال في دبي، للحفاظ على التنافسية التي يتسم بها مناخ الأعمال في الإمارة، وتتضمن المقترحات أن يتم إنشاء مجالس مصغّرة تمثل القطاعات الحيوية في دبي، ويكون لها ممثلون من القطاعين العام والخاص، ومن ذوي الخبرة في القطاع لرصد العوائق أمام قطاعات الأعمال، والعمل على إيجاد حلول لها. كما اقترحوا أن يتم عقد مؤتمرات نوعية، وعلى مستوى كبير من حيث التمثيل، يكون أطرافها ممثلين للحكومة والقطاع الخاص، للوقوف على مشكلات كل صناعة عبر سماع العاملين في هذه القطاعات والتحديات التي تقابلهم. وأكدوا في تصريحات لـ«الإمارات اليوم»، أن تعزيز الجاذبية الاستثمارية في السوق المحلية أمر على الجميع التعاون بشأنه، بهدف توفير أعلى متطلبات ومعايير ممارسة الأعمال على الصعيد العالمي. وأشاروا إلى أن تجديد الرخصة التجارية سنوياً يمثل عبئاً كبيراً على بعض الشركات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، مطالبين بالعمل على تجديدها كل عامين أو ثلاثة أعوام، مع تجديد الإقامة. وركزوا على أن الرسوم المصرفية تعد أحد أهم العوائق التي تواجه رجال الأعمال والشركات، فالبنوك تفرض رسوماً كبيرة على خدماتها، وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر من القطاع المصرفي، ومن المصرف المركزي، بحيث لا تتم الموافقة على الرسوم إلا بعد دراستها جيداً من جانب المصرف المركزي. مؤتمرات نوعية وتفصيلاً، اقترح رجل الأعمال الإماراتي رئيس مجلس الإدارة المدير العام لشركة «فالكون سيتي أوف وندرز»، سالم أحمد الموسى، أن «يتم عقد مؤتمرات نوعية وعلى مستوى كبير من حيث التمثيل، يكون أطرافها ممثلين للحكومة والقطاع الخاص من مختلف القطاعات الاقتصادية، للوقوف على مشكلات كل صناعة، عبر سماع العاملين في هذه القطاعات، والتحديات التي تقابلهم». وأشار الموسى، إلى أن فتح هذه الملفات يجب أن يكون من أصحاب المهنة أنفسهم، وذلك لأن أي دائرة اقتصادية مهما رفعت من توصيات أو دراسات، لا يمكن أن تنقل الصورة كاملة عن القطاعات الاقتصادية والتحديات التي من الممكن أن تحمّلها أعباء مالية، نتيجة لأسباب معينة، من الممكن أن يتم حلها ببذل المزيد من الجهود المشتركة بين كلا الطرفين. ولفت إلى أن حكومة دبي لا تدخر جهداً في تذليل العقبات أمام المستثمرين، لكن الأمر يجب أن تتم متابعته دائماً، وذلك حتى تحافظ دبي على استمرارية نجاحها. القطاع الخاص بدوره، قال رجل الأعمال، عبدالله عبدالرحيم الفهيم، إن «مناقشة التحديات التي تواجه القطاع الخاص أمر ليس بالجديد على حكومة دبي، التي تهدف إلى الاستمرارية نحو الحفاظ على كونها مركزاً مالياً وتجارياً عالمياً، ومنفذاً للشركات العالمية في المنطقة، ولكن يجب أن ترفع التحديات بشكل تخصصي أكبر، الأمر يجب ألا يشمل التحديات العامة التي تواجه القطاع الخاص مثل ارتفاع النفقات التشغيلية من رسوم وإيجارات فحسب، وإنما معرفة التفاصيل الدقيقة التي تواجه كل قطاع على حدة». الموارد البشرية قال المستشار الاقتصادي، ربيع عطاطرة، إن من أهم الأصول التي تمتلكها إمارة دبي، مواردها البشرية القادرة على العمل والإنتاج والإبداع، وبالتالي فإن سوق العمل يجب أن تكون محفّزة لبقاء تلك الموارد، وتلك الأصول، في السوق المحلية، عبر برامج للضمان الاجتماعي والمستقبلي، التي يمكن بالفعل أن تحد من الهجرة العكسية للخبرات البشرية التي عملت في دبي، وتعرف كيف تبدع فيها. وأشار عطاطرة إلى أن كلفة العمالة ليست فقط هي كلفة استخراج الإقامة، لكنها تضمن كلفة المعيشة، وكلفة التأمين الصحي، وكلفة الرسوم المختلفة التي يمكن أن يدفعها الموظف، وتتحملها الشركة في النهاية، مشيراً إلى ارتفاع كلفة الإيجارات السكنية والإيجارات التجارية، ولذا فإن الوضع الآن بالسوق العقارية، الذي يشهد تصحيحاً ملموساً، هو وضع صحي، وعودة لإيجاد طلب على الإيجارات. منافع لقطاع الأعمال قال الخبير المالي، صلاح الحليان، إن «عملية رفع الرسوم يجب أن يقابلها منافع أكبر لقطاع الأعمال والشركات، بما في ذلك تسهيلات وباقات خدمات مشتركة، تحقق المنفعة للشركات، وخصوصاً الصغيرة والمتوسطة منها»، لافتاً إلى أهمية «مراجعة الرسوم بشكل مستمر، لمواكبة التطورات والتغييرات المستمرة التي تشهدها الأسواق عامة، بما في ذلك السوق الإماراتية في إطار الحفاظ على جاذبيتها مقارنة بالأسواق الأخرى، وضمان قدرتها على جذب أعمال جديدة، خصوصاً القطاعات الاقتصادية الحيوية، التي تسهم في تنويع الاقتصاد». واقترح الفهيم إنشاء مجالس مصغّرة تمثل القطاعات الحيوية في دبي، يكون لها ممثلون مختارون من القطاع الخاص ومن ذوي الخبرة الكبيرة في القطاع، يتم انتخابهم بشكل دوري ومنظم، ويقومون برفع المشكلات أو التحديات التي تقابل القطاع إلى ممثل من الحكومة، يرفع بدوره توصيات إلى المجلس التنفيذي. وأكد أنه يجب أن يكون ممثل الحكومة خبيراً في القطاع الذي سيتعامل مع هذه المجالس المصغّرة، حتى يكون بمقدوره مناقشة العاملين فيه، ورفع توصيات محددة للحكومة أو المجلس التنفيذي بصورة واضحة عن الصناعة أو القطاع، التي نتجت بدورها عن المناقشات واللقاءات مع أصحابها. وأشار إلى أنه لابد أن تكون الاجتماعات لهذه المجالس المصغّرة بشكل دوري ومتقارب زمنياً، وذلك لمتابعة التحديات التي تواجه القطاعات المختلفة، ووضع الحلول لها، ورفعها للحكومة، ومتابعة تنفيذها، مبيناً أهمية وجود هذه المجالس المصغّرة في أن لكل قطاع تحدياته الخاصة، التي لا يعرفها سوى العاملين فيه. وأكد أن التخصص في حل المشكلات ضروري جداً، فعلى سبيل المثال، العاملين في قطاع الصحة لا يعرفون شيئاً عن تقليد العلامات التجارية، بينما العاملون في هذا القطاع هم من يدركون جيداً أن العلامات التجارية المقلدة هي مشكلة كبيرة لقطاع التجزئة، فالعاملون في أي قطاع هم الأقدر في عرض مشكلاته وإيجاد حلول لها. الكلفة التشغيلية إلى ذلك، قال الخبير المالي رئيس مجلس إدارة «مجموعة مؤسسات الصيرفة والتحويل المالية»، أسامة آل رحمة، إن «كلفة ممارسة الأعمال ترتبط بواقع الكلفة التشغيلية في السوق المحلية، فمن الضروري الحفاظ وبشكل دائم على معدلات كلفة تنافسية، تشجع وتدعم بيئة الأعمال على الدوام، ما ينعكس إيجاباً على معدلات النمو والتطور الاقتصادي»، مشيراً إلى أن «الرسوم التي تتقاضاها الجهات الحكومية أسهمت في زيادة الكلفة التشغيلية، إلى جانب كلفة استقدام العمالة بما في ذلك الإيجارات، وبالتالي من المهم ضرورة دراسة كل واحدة منها بشكل تفصيلي». وأضاف آل رحمة، أن «الإيجارات في بعض المناطق والمراكز التجارية ارتفعت بنسبة تراوح بين 7 و15%، ما رفع من حجم الضغوط على ممارسة الأعمال والتنافسية، فمعدل التقدم والنجاح الذي يحققه صاحب أو مالك العمل لا يكون بنسبة زيادة الإيجار نفسه، وبالتالي يضطر إلى تعديل الأسعار على الطرف النهائي، وهو المستهلك الذي قد يكون مقيماً في الدولة أو سائحاً»، مشيراً إلى أهمية «النظرة الاستراتيجية لاستقطاب الأعمال، وعلينا ألا نفقد القدرة التنافسية التي احتفظنا بها لسنوات طويلة، وعلى مدى عقود». ولفت إلى أن «تعزيز الجاذبية الاستثمارية في السوق المحلية أمر على الجميع التعاون بشأنه، للقطاعين العام والخاص معاً، بهدف توفير أعلى متطلبات ومعايير ممارسة الأعمال جودة على الصعيد العالمي». وأوضح أنه «على القطاع الخاص أن يدرك ويعرف أيضاً الصورة الكلية لحالة الاقتصاد، والتعامل مع المتغيرات وفقاً للظروف، وبما يصب في مصلحة الاقتصاد المحلي ككل، في إطار الحفاظ على الربح ضمن الحدود المعقولة»، مشيراً إلى أهمية «دراسة كل ما من شأنه رفع كلفة ممارسة الأعمال في السوق المحلية قبل عملية التطبيق». وأوضح أن «التكامل في السياسات الاقتصادية بما يحقق المصلحة المشتركة أمر ضروري في زيادة قدرات بيئة الأعمال على استقطاب شركات جديدة ودعم القائمة منها». الرسوم المصرفية من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة شركة «ثراء القابضة»، طارق رمضان، إن «أحد أهم العوائق التي تواجه رجال الأعمال والشركات هو الرسوم المصرفية، فالبنوك تفرض رسوماً كبيرة على كل خدماتها، وهو ما يحتاج إلى إعادة نظر من القطاع المصرفي، ومن المصرف المركزي، بحيث لا تتم الموافقة على الرسوم إلا بعد دراستها جيداً من المصرف المركزي». وأشاد رمضان، بقرار الحكومة تثبيت الرسوم الحكومية لمدة ثلاث سنوات، قائلاً إن «هناك بعض الرسوم التي تحتاج إلى إعادة النظر، ومنها رسوم التأسيس والإقامات والتجديد». وبيّن أن آليات السوق حالياً في القطاع العقاري أسهمت بصورة ملموسة في تراجع كلفة الإيجارات، حيث تشهد السوق حالياً تصحيحاً للأسعار بسبب الزيادة في المعروض. وأوضح أن رجال الأعمال يقدّرون الجهود التي تبذلها دبي لتعزيز مناخ الأعمال في الإمارة، من خلال أفضل بيئة استثمارية جاذبة، من حيث التدابير والتشريعات، كما أنهم يقدرون الجهود التي تبذل والمشروعات في مجال البنية الأساسية التي تعزّز مناخ الأعمال والاقتصاد المحلي، مشيراً إلى أن إعادة النظر في موضوع الرسوم بكل القطاعات سيكون له تأثير إيجابي كبير في مناخ الأعمال في الإمارة، ويعزّز تنافسية الشركات التي تعمل في دبي. حالة الاقتصاد بدوره، قال الخبير المالي، صلاح الحليان، إن «الدراسة المستمرة لحالة الاقتصاد، وكلفة ممارسة الأعمال، باتت ضرورة في الوقت الراهن، خصوصاً بعد تراجع أسعار النفط مع التغيرات الاقتصادية التي تشهدها مختلف الأسواق العالمية»، لافتاً إلى أنه «خلال السنوات الماضية ارتفعت بعض الرسوم التي تفرضها جهات حكومية في السوق المحلية بنسب كبيرة، كما أن تعدد الجهات التي تحصّل هذه الرسوم، أثّر إلى حد ما في بيئة ممارسة الأعمال». وأوضح أنه «بالنسبة إلى الشركات الصغيرة، فإن التأثيرات كانت كبيرة، وهذه الشركات قادرة على تقديم سلع ومنتجات بجودة عالية، لكنها لا تستطيع أن تتنافس مع الشركات الكبيرة، حيث إن السوق الخاصة بها وقدراتها أقل في مرحلة الانطلاق، كما أنها لا تستطيع أن تتحمل المصروفات والكلفة التشغيلية مقارنة بالشركات الأكبر حجماً». وركز على أن «تثبيت الرسوم لفترة ثلاث سنوات كانت خطوة مهمة لقطاع الأعمال عموماً، وستنعكس إيجاباً في المرحلة المقبلة، فهذه الخطوات يجب أن يتم النظر فيها باستمرار وعلى الدوام». ونوه بأن «الإيجارات زادت من حجم الضغوط على قطاع الأعمال، حيث إنها ارتفعت بنسبة كبيرة، وصلت إلى خانتين خلال عام واحد فقط، خصوصاً في بعض المناطق الرئيسة، أو مراكز التسوق التي تسعى وراء الربح فقط دون اعتبارات أخرى»، مشيراً إلى أهمية أن «ترتفع الإيجارات والمساحات المكتبية بما يتوافق مع معدلات التضخم، كما يحدث في أسواق أوروبية، فالتذبذب المستمر في أسعار الإيجارات يربك بيئة الأعمال». ولفت إلى أن «ارتفاع كلفة القوى العاملة يأتي ضمن هذه الحلقة ككل، فتكاليف استقدامهم يرتبط ارتباطاً كبيراً بالتكاليف التشغيلية الأخرى التي يتكبدها القطاع». الرسوم الحكومية في السياق نفسه، قال المستشار الاقتصادي، ربيع عطاطرة، إن «أكبر عائق حالياً أمام الأعمال في ما يتعلق بارتفاع الكلفة التشغيلية، هو الرسوم الحكومية التي قررت الحكومة تثبيتها لمدة ثلاث سنوات أخيراً، وهو قرار مهم واستراتيجي، ويعزّز بلاشك من قدرة الشركات على العمل في السوق المحلية»، مشيراً إلى أن المنافسة في السوق عالية، وتحتاج الشركات إلى مزيد من الدعم الحكومي الذي يعزّز قدرة الشركات على المنافسة. ولفت إلى أن أحد أهم التحديات التي تواجه الشركات هو كلفة إصدار الرخصة التجارية التي تعد مرتفعة بالمقارنة بمثيلاتها في دول أخرى، مبيناً أن تجديد الرخصة التجارية سنوياً هو أمر يمثل عبئاً كبيراً على بعض الشركات، خصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويجب العمل على تجديدها كل عامين أو ثلاثة أعوام مع تجديد الإقامة.
مشاركة :