الخيارات تضيق أمام طهران: الاتفاق النووي لا يمنع فرض العقوبات

  • 3/18/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كلما خطى الأوروبيون خطوة جديدة تجاه الفصل بين الاتفاق النووي وبقية التجاوزات الإيرانية، ازدادت طهران قلقا وتضاعفت حدة تصريحاتها بما ينقلب ضدها ويساعد في تقليص الخيارات المتاحة أمامها وأمام الأوروبيين بشأن الحفاظ على الاتفاق النووي. وتعكس مواقف القوى الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجحت في تقديم الأدلة التي تعزّز حملتها للضغط على إيران ومواجهة أجندتها على الساحة الشرق أوسطية والدولية، وهي جهود عززها إصرار طهران على مواصلة تدخلاتها في المنطقة وتطوير برنامجها الصاروخي ورفض إجراء تعديلات على الاتفاق النووي.   إن كان هناك من سيدفع الأوروبيين إلى التصعيد أكثر تجاه إيران، فهي إيران نفسها، وذلك من خلال تصريحات المسؤولين في طهران وردة فعلهم التي أصبح واضحا أنها كلما جاءت سريعة وحادة عكست قلق إيران وكشفت عن نقاط ضعفها؛ ومن بين هذه النقاط الاتفاق النووي وانعكس ذلك في الاقتراح الذي قدمته كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، بفرض عقوبات أوروبية على إيران بسبب برنامجها الصاروخي ودورها في الحرب السورية، تضاف إلى عقوبات سبق فرضها عليها في ملف انتهاكات حقوق الإنسان مقابل إقناع واشنطن بالإبقاء على الاتفاق النووي. وبمجرد الكشف عن تفاصيل هذا الاقتراح، خرج نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، ملوّحا بورقة فقدت الكثير من نقاطها لدى الأوروبيين، وهي ورقة إلغاء الاتفاق من الجانب الإيراني ردا على أي موقف “معاد” من الجانب الأوروبي. وقال عباس عراقجي، وفقا لما نقلته وسائل الإعلام، “إذا اتخذت دول أوروبية خطوات لفرض عقوبات غير نووية على إيران لإرضاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب فسترتكب بذلك غلطة فادحة سترى نتيجتها المباشرة على الاتفاق النووي”. وتابع قائلا “من الأفضل أن تواصل الدول الأوروبية نهجها الحالي لإقناع أميركا بالوفاء بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي”، وهو أمر تؤكد تصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية أنه منوط بإيران وليس بالأميركيين، فإذا أثبتت إيران أنها ملتزمة بكل تفاصيل الاتفاق ونقاطه، من وقف البرنامج النووي إلى وقف أنشطتها المثيرة للصراعات في الشرق الأوسط، فلا شيء يمنع الالتزام بالاتفاق، وهو ما لم تلتزم به طهران. وتزامن الكشف عن الاقتراح الأوروبي مع عقد الاجتماع الحادي عشر للجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا، بمشاركة إيران والولايات المتحدة لمناقشة القضايا الخلافية الخاصة بالاتفاق، والذي كان فرصة لإجراء مباحثات مباشرة بين الوفدين الإيراني والأميركي. وترى دول أوروبية أن التماهي مع الولايات المتحدة في فرض عقوبات على إيران، يدفع واشنطن إلى الاستمرار في الاتفاق النووي، وعدم الانسحاب منه بعد 12 مايو المقبل، وهو التاريخ الذي يتعيّن فيه على ترامب اتخاذ قراره فيما يتصل بتعليق العقوبات الأميركية المفروضة على إيران أم تفعيلها من جديد. وساعدت إيران من خلال تمسكها بسياستها المتشددة في تقليص الخيارات المتاحة أمام الأوروبيين. وتسعى أوروبا دوما إلى توجيه رسالة لطهران بأنها لا تستطيع التعويل بصفة دائمة على وجود خلافات في المواقف مع الولايات المتحدة لتوسيع هامش المناورة وحرية الحركة المتاح أمامها. ولعبت المواقف التي اتخذتها طهران خلال الفترة الماضية دورا في تقليص مساحة الخلافات، ومنها إصرارها على مواصلة دعمها لحلفائها في المنطقة، وتطوير صواريخها الباليستية، التي قالت إنها دخلت قائمة الدول الخمس الأولى على مستوى العالم التي تمتلك التكنولوجيا الخاصة بها. كما أن ردود الفعل المتوقعة تجاه الخطوة المحتملة قد تضيف نقاطا جديدة في الحساب الأميركي، حيث ستصرّ إيران على تبني خطوات أكثر تشددا للتعامل مع تلك الضغوط. وتساهم المواقف الإيرانية في توفير المزيد من الخيارات أمام إدارة ترامب، التي قد لا تكتفي بالعقوبات الأميركية والأوروبية المحتملة، وإنما ربما تتجه إلى مجلس الأمن، لإصدار عقوبات دولية على إيران بسبب برنامجها الصاروخي وتدخلها في الشؤون الداخلية لبعض دول المنطقة ودعمها للإرهاب.

مشاركة :