د.عبدالمجيد الجلاَّل:شراكة سعودية أمريكية في مواجهة إيران

  • 3/18/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

في أول حديث يدلي به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لشبكة تلفزيونCBS الأميركي ، وصف العلاقة السعودية الأميركية بالتاريخية، حيث تعود لأكثر من 80 عاماً، وبأنَّ المملكة هي أقدم حليف للولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط. اللافت في حديث سموه عن إيران ، إعادة تأكيده ، ووصفه بدقة ، لما تقوم به هذه الدولة المارقة ، من نشرٍ للفوضى والطائفية وعدم الاستقرار في المنطقة ، فوصف المرشد الإيراني خامئني بـ “هتلر الجديد في الشرق الأوسط” ، معللا ذلك بأنَّ المرشد الإيراني يُريد النفوذ والهيمنة والتوسع في المنطقة ، من خلال محاولة تسويق مشروعه ، الذي يشبه إلى حدٍ كبير، مشروع هتلر في زمانه. فالسياسة الإيرانية العدوانية منهج النظام وعقيدة الثورة ، وبهما تمارس أشد أنوع القمع الداخلي وارتكاب جرائم الإبادة الخارجية في العراق و سورية، و أسوأ مراحل العلاقات مع دول الجوار والتدخل في شؤون الآخرين. إذن السعودية ، تحشد ، كل إمكانياتها السياسية والعسكرية واللوجستية لوقف التمدد العدواني الإيراني في المنطقة ، وعلى نطاق أوسع تدخل الشراكة السعودية الأمريكية الجديدة في سياق هذا الحشد ، فالإدارة الأمريكية ، خاصة بعد إقالة وزير الخارجية الأمريكي السابق ريك تيلرسون ، أكثر اقترابا ، من الفكر السياسي السعودي بما يتصل بالمواجهة مع إيران ، ففي التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الأمريكي جيمس مالتس ، ومستشار الأمن القومي الأمريكي هربرت ماكماستر ، بدت اللغة الأمريكية في مواجهة إيران أكثر حدة ، وبدا أنَّ الإدارة الأمريكية ، ولأول مرة منذ عقود ، تتبنى نهجاً تصادمياً مع إيران وأذرعها في المنطقة. بالتأكيد ، نحن على أعتاب مرحلة جديدة في الشراكة السعودية الأمريكية ، تكتسب يوماً إثر يومٍ ، زخماً عالياً ، بمواقف مشتركة صُلُبة تستهدف وقف التمدد الإيراني في المنطقة. وقد تُسفر الزيارة الراهنة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن حشد المزيد من المواقف الأمريكية والدولية لمحاصرة إيران واحتوائها. لكن، من جهةٍ أخرى ، وفي السياق نفسه ، تبدو المواقف الأوروبية متأرجحة ، وغير واضحة ، لجهة التصدي لمشروع إيران في المنطقة ، بما يُمثل أحد أكبر معوقات الحشد السعودي الأمريكي ضد هذا المشروع الفوضوي ، وقد تسعى القارة العجوز لفرملة تلك الجهود، ليس فقط من أجل المحافظة على السلم العالمي كما تدعي ، وإنما من أجل المحافظة على مصالحها التجارية والاقتصادية مع إيران. الانتهازية الأوروبية ، تحتاج من التحالف السعودي الأمريكي ، مزيداً من العمل ، والمُثابرة ، وبوتيرة مُتسارعة ، لتبيان السلوكيات الإيرانية في المنطقة ، وإشعالها للحرائق ، والفتن ، فيها، ولن تسلم من نيرانه لا أوروبا ولا أمريكا ، فالعدد الكبير من اللاجئين السوريين الذين تدفقوا على أوروبا ، والارهاصات الناجمة عن ذلك اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً ، شاهد عيان على استمرار تجاهل السياسات الإيرانية العدوانية ، وقد يزداد الوضع حراجة ، باستمرار التمدد الإيراني واستمرار تدفق اللاجئين السوريين الهاربين من بطش وقسوة التدخلات الإيرانية في المنطقة. علينا أن ندرك جميعاً أنَّ التمدد الإيراني في المنطقة في العقد ونصف العقد الأخير ، مرتبطٌ أساساً باستغلالها لفراغاتٍ هائلة في المنطقة بالنظر إلى فشل النظام العربي في تطوير نفسه، ومواجهة مشاريع إيران العدوانية. إضافة إلى المواقف الدولية التي تغاضت عن مواجهة إيران ، خاصة في زمن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وتعاطيه السيء لملف البرنامج النووي الإيراني . ما يعني بالضرورة إعادة النظر بالكلية في المواقف الإقليمية والدولية ، لجهة بناء شراكة دولية حازمة تردع إيران وأذرعها في المنطقة. من المؤسف أنَّ السياسات الأمريكية السابقة قد أسهمت مراراً وتكراراً في توسيع وتعميق النفوذ الإيراني في المنطقة. أبرزها الغزو الكارثي للعراق ، والتصفية الفعَّالة للدولة العراقية السابقة ، وحل الجيش العراقي. وكذلك ، وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2001 أطاحت واشنطن بحركة طالبان في أفغانستان ، وبنظام صدام حسين في العراق ، وهما العدوان اللدودان لإيران وأرسى مكانهما حكوماتٍ أكثر تعاوناً مع إيران. على الإدارة الأمريكية الواعية بالمخاطر الإيرانية على استقرار وأمن المنطقة، إعادة حساباتها لجهة تفعيل حضورها في المنطقة ، مع أصدقائها وحلفائها ، فهذا هو السبيل الوحيد لوقف التمدد الإيراني وردعه. ولن يتمكن اللاعبون الإقليميون ، بما فيهم روسيا وإيران من وقف الاندفاعة الأمريكية إذا كانت مدعومة عربياً وأوروبياً. فهل تنجح مساعي توفير مثل هذا الحشد .. نأمل ذلك. خلاصة القول ، على كل دول العالم المحبة للسلام والاستقرار أن تقف بكل ثبات مع المملكة العربية السعودية التي حملت لواء التصدي للمشروع الإيراني في المنطقة ، وباتت خط الدفاع الأخير . ——————————————————————————————- د. عبدالمجيد الجلاَّل كل الوطن

مشاركة :